responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 153



و سابق الهمة العليا تحظ بمن سما بأسمائه الحسنى بلا عدد
و اعلم بأنك محبوس و مكتنف بالنور حبسا جليا لا إلى أمد

[الأسماء الحسنى منها ما هو معقول و منها ما هو منقول]

لا يعتزل إلا من عرف نفسه و من عرف نفسه عرف ربه فليس له مشهود إلا اللّٰه من حيث أسماؤه الحسنى و تخلقه بها ظاهرا و باطنا و أسماؤه الحسنى سبحانه على قسمين أسماء يقبلها العقل و يستقل بإدراكها و ينسبها و يسمى بها اللّٰه تعالى و أسماء أيضا إلهية لو لا ورود الشرع بها ما قبلها فيقبلها إيمانا و لا يعقلها من حيث ذاته إلا إن أعلمه الحق بحقيقة نسبة تلك الأسماء إليه كما علمها أنبياءه و أولياءه

[صاحب العزلة و الأسماء الإلهية بشطريها:المعقول و المنقول]

فصاحب العزلة هو الذي يعتزل بما هو له من ربه من غير تخلق بما ينفرد به في زعم العقل من الأسماء الإلهية المشروعة التي لو لا الشرع ما سمي العقل اللّٰه بها فهي للحق و قد جبل الإنسان عليها و خلقه مجلى لها فهو المسمى بها و لا يتمكن له الاعتزال عن مثل هذه الأسماء الإلهية و بقي القسم الآخر من الأسماء الإلهية يعتزل عنها لما يطرأ عليه منها من الضرر كما قال ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و قوله كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ فيعتزل عن مثل هذه الأسماء الإلهية لما فيها من الذم لمن تسمى بها و ظهر بحكمها في العالم فالإنسان حقيقته أن يكون عائلا و العائل لا يكون متكبرا فإنه ظهر بما ليس هو له بنعت و لذلك

لا ينظر اللّٰه إليه و هو واحد من الثلاثة الشيخ الزاني و الملك الكذاب و العائل المستكبر ذكره مسلم في صحيحه

[التخلق بالأسماء الإلهية و مزاحمة العبد الحق فيها]

فمن رأى التخلق بالأسماء الحسنى و مزاحمة الحق فيها لكونه خلق على الصورة فلا بد أن يظهر بها و يتلبس على الحد المشروع المحمود فهذه مزاحمة عبودية ربوبية و ذلك لما رأى أن له أسماء هي له حقيقة ينفرد بها و رأى أن الحق زاحمه فيها كالضحك و الفرح و التعجب و المحب و المتردد و الكارة و الناسي و الاستحياء و ما أشبه ذلك مما ورد ذكره في الكتاب و السنة إلى ما يداخل النشأة من يد و يدين و أيد و وجل و عين و أعين إلى ما يداخل النشأة من الأحوال من استواء و معية و نزول و طلب و شوق و أمثال ذلك و رأى هذا المعتزل قبل اعتزاله أن الحق قد زاحمه في هذه النعوت التي ينبغي أن تكون للعبد كما هي في نفس الأمر عنده قال الأليق بي إن أعتزل بأسمائي عن أسمائه و لا أزاحمه فيها تكون عارية عندي إذ كانت العارية أمانة مؤداة و حامل الأمانة موصوف بالتعريف الإلهي بالظلم و الجهل

[رجوع العبد إلى خصوصيته و قعوده في بيت شيئيته]

فاعتزل صاحب هذا النظر التخلق بالأسماء الحسنى و انفرد بفقره و ذله و صغاره و عجزه و قصوره و جهله في بيته كلما قرع عليه الباب اسم الإلهي قيل له ما هنا من يكلمك فإذا انقدح له بهذا الاعتزال أن اللّٰه له نفي الأولية و أنه أزلي الوجود و نظر في كلامه سبحانه و فيما أمر نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يوصله إلينا من صفاته و أسمائه لنعرفه بذلك و يخلع علينا بهذا التعريف خلع العلم تشريفا لنا فأعلمنا إن هذه الصفات التي زعمنا إنا نستحقها و أنها لنا حقيقة إن الأمر على خلاف ذلك إذ قد اتصف هو بها و تسمى بها و نحن ما كنا فلا فرق بين هذه الأسماء و التي اعتزلنا عنها فأما أن نعتزل عن الجميع و إما أن نتسمى بالجميع فقلنا له اعتزل عن الجميع و اترك الحق إن شاء سماك بالأسماء كلها فأقبلها و لا تعترض و إن شاء سماك ببعضها و إن شاء لم يسمك و لا بواحد منها لِلّٰهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ فرجع العبد إلى خصوصيته و هي العبودة التي لم تزاحم الربوبية فتحلى بها و قعد في بيت شيئية ثبوته لا بشيئية وجوده ينظر تصريف الحق فيه و هو معتزل عن التدبير في ذلك فإن تسمى من هذه حالته بأي اسم كان فالله مسميه ما هو تسمى و ليس له رد ما سماه به فتلك الأسماء هي خلع الحق على عباده و هي خلع تشريف فمن الأدب قبولها لأنها جاءته من غير سؤال و لا استشراف و قد أمره رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بأخذ مثل هذا العطاء و ترك ما استشرفت النفس إلى أخذه و تمنى ذلك بالاستطلاع إليه و وقف عند ذلك على أنه كان غاصبا لله فيما كان يزعم أنه له فإذا هو لله و هو قوله تعالى وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فأخذ منه جميع ما كان يزعم أنه له إلا العبادة فإنه لا يأخذها إذ كانت ليست بصفة له فقال له تعالى لما قال وَ إِلَيْهِ إلى يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ و هو أصله الذي خلق له وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فالعبادة اسم حقيقي للعبد فهي ذاته و موطنه و حاله و عينه و نفسه و حقيقته و وجهه

[عزلة العلماء بالله و العزلة التي عند عامة الناس]

فمن اعتزل هذه العزلة فهي عزلة العلماء بالله لا هجران الخلائق و لا غلق الأبواب و ملازمة البيوت و هي العزلة التي عند الناس أن يلزم الإنسان بيته و لا يعاشر و لا يخالط و يطلب السلامة ما استطاع بعزلته ليسلم من الناس و يسلم الناس منه فهذا طلب عامة أهل الطريق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست