في نهايتهما للواحد منهما إمداد عالم الشهادة فكل غنى في عالم الشهادة فمن هذا الرجل و للآخر منهما له إمداد عالم الملكوت فكل غنى بالله في عالم الملكوت فمن هذا الرجل و الذي يستمدان منه هذان الرجلان روح علوي متحقق بالحق غناه اللّٰه ما هو غناه بالله فإن أضفته إليهما فرجال الغني ثلاثة و إن نظرت إلى بشريتهما فرجال الغني اثنان و قد يكون منهم النساء فغني بالنفس و غني بالله و غني غناه اللّٰه و لنا جزء عجيب في معرفة هؤلاء الرجال الثلاثة
[الولى الذي يتكرر تقلبه في كل نفس]
و منهم رضي اللّٰه عنهم شخص واحد يتكرر تقلبه في كل نفس لا يفتر بين علمه بربه و بين علمه بذات ربه ما تكاد تراه في إحدى المنزلتين إلا رأيته في الأخرى لا ترى في الرجال أعجب منه حالا و ليس في أهل المعرفة بالله أكبر معرفة من صاحب هذا المقام يخشى اللّٰه و يتقيه تحققت به و رأيته و أفادني آيته من كتاب اللّٰه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و قوله ثُمَّ رَدَدْنٰا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لا تزال ترعد فرائصه من خشية اللّٰه هكذا شهدناه
[رجال عين التحكيم و الزوائد]
و منهم رجال عين التحكيم و الزوائد رضي اللّٰه عنهم و هم عشرة أنفس في كل زمان لا يزيدون و لا ينقصون مقامهم إظهار غاية الخصوصية بلسان الانبساط في الدعاء و حالهم زيادات الايمان بالغيب و اليقين في تحصيل ذلك الغيب فلا يكون لهم غيبا
إذ كل غيب لهم شهادة و كل حال لهم عبادة فلا يصير لهم غيب شهادة إلا و يزيدون إيمانا بغيب آخر و يقينا في تحصيله آيتهم من كتاب اللّٰه تعالى وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و لِيَزْدٰادُوا إِيمٰاناً مَعَ إِيمٰانِهِمْ فَزٰادَتْهُمْ إِيمٰاناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بالزيادة و قوله تعالى وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ
[البدلاء الذين هم غير الأبدال]
و منهم رضي اللّٰه عنهم اثنا عشر نفسا و هم البدلاء ما هم الأبدال و هم في كل زمان لا يزيدون و لا ينقصون و سموا بدلاء لأن الواحد منهم لو لم يوجد الباقون ناب منابهم و قام بما يقوم به جميعهم فكل واحد منهم في عين الجميع
و ما على اللّٰه بمستنكر أن يجمع العالم في واحد و يلتبس على الناس أمرهم مع الأبدال من جهة الاسم و يشبهون النقباء من جهة العدد آيتهم من كتاب اللّٰه تعالى قول بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ تعني عرشها و هو هو فما شبهته إلا بنفسه و عينه لا بغيره و إنما شوش عليها بعد المسافة المعتاد و بالعادات صل جماعة من الناس في هذا الطريق
[رجال الاشتياق]
و منهم رضي اللّٰه عنهم رجال الاشتياق و هم خمسة أنفس و هم أصحاب لقلق و فيهم يقول القائل يصف حالهم
لست أدري أطال ليلي أم لا كيف يدري بذاك من يتقلى فالأشواق تقلقهم في عين المشاهدة و هم من ملوك أهل طريق اللّٰه و هم رجال الصلوات الخمس كل رجل منهم مختص بحقيقة صلاة من الفرائض و إلى هذا المقام يؤول
قوله عليه السلام و جعلت قرة عيني في الصلاة بهم يحفظ اللّٰه وجود العالم آيتهم من كتاب اللّٰه حٰافِظُوا عَلَى الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلاٰةِ الْوُسْطىٰ لا يفترون عن صلاة في ليل و لا نهار كان صالح البربري منهم لقيته و صحبته إلى أن مات و انتفعت به و كذلك أبو عبد اللّٰه المهدوي بمدينة فاس صحبته كان من هؤلاء أيضا حتى أن بعض أهل الكشف يتخيلون أن كل صلاة تجسدت لهم ما هي أعيان و ليس الأمر كذلك
[رجال الأيام الستة]
و منهم رضي اللّٰه عنهم ستة أنفس في كل زمان لا يزيدون و لا ينقصون كان منهم ابن هارون الرشيد السبتي لقيته بالطواف يوم الجمعة بعد الصلاة سنة تسع و تسعين و خمسمائة و هو يطوف بالكعبة و سألته و أجابني و نحن بالطواف و كان روحه تجسد لي في الطواف حسا تجسد جبريل في صورة أعرابي و هؤلاء الرجال الستة لما اطلعت عليهم لم أكن قبل ذلك عرفت أن ثم ستة رجال و لما عرفت بهم في هذا الزمان القريب لم أدر ما مقامهم ثم بعد هذا عرفت أنهم رجال الأيام الستة التي خلق اللّٰه فيها العالم و ما علمت ذلك إلا من هجيرهم فإن هجيرهم وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ مٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ و لهم سلطان على الجهات الست التي ظهرت بوجود الإنسان و أخبرت أن واحدا منهم بوكأ من جملة العوانية من أهل أرزن الروم أعرف ذلك الشخص بعينه و صحبته و كان يعظمني و يراني كثيرا و اجتمعت به في دمشق و في سيواس و في ملطية و في قيصرية و خدمني مدة و كانت له والدة كان برا بها اجتمعت به في حران في خدمة والدته فما رأيت فيمن