responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 149



و إذا كان واحدا من تناوي أي عقل يرضاه أو يصطفيه
هل لعين الشريك عين وجود فتراه بالعلم أو تنفيه
كيف ينفي من كان في الأصل نفيا و هو نفي و النفي يستوفيه

[ترك الجهاد لاقتضاء الموطن]

لما اطلع المجاهد فيه و في سبيله و في اللّٰه و في سبيل اللّٰه على السبل التي هداه اللّٰه إليها فبانت عنده فرأى أنه ما جاهد غير اللّٰه فاستحيا لأجل هذا المشهد فترك الجهاد لاقتضاء الموطن و هو المجاهد تعالى و ما هو ممن يتصف بالمشقة فإنه يقول فيما هو أعظم من هذا و ما مسنا من لغوب و قال وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ و ليس هذا الهين عن صعوبة في الابتداء و لهذا القول بالمفهوم ضعيف في الدلالة لأنه لا يكون حقا في كل موضع و نسب ذلك إلى اللّٰه كما شاهده كما ترك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم تعظيم عزة اللّٰه إذا اتصف بها أحد من عباد اللّٰه مثل قوله عَبَسَ وَ تَوَلّٰى أَنْ جٰاءَهُ الْأَعْمىٰ

[بعث الرسول بدعوة عامة و إظهار الآيات]

فإنه صلى اللّٰه عليه و سلم كان يحب الفال الحسن و بعثه بدعوة الحق و إظهار الآيات إنما يظهرها لمن يتصف بأنه يرى فلما جاءه الأعمى قام له حقيقة من بعث إليهم و هم أهل الأبصار فأعرض و تولى لأنه ما بعث لمثل هذا فهذا كان نظره صلى اللّٰه عليه و سلم و ما عتبة سبحانه فيما علمه و إنما عتبة جبر القلب ابن أم مكتوم و أمثاله لأنهم غائبون عن الذي يشهده صلى اللّٰه عليه و سلم و أمره أن يحبس نفسه معهم فقال له وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ

[لسان الحقيقة في فعل الرسول]

و كان خباب بن الأرت و بلال و غيرهم من الأعبد و الفقراء لما تكبر كبراء قريش و أهل الجاهلية عن أن يجمعهم عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم مجلس واحد و أجابهم إلى ذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فيقول لسان الظاهر إن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان يفعل لهم ذلك ليتألفهم على الإسلام لأن واحدا منهم كان إذا أسلم أسلم لإسلامه بشر كثير لكونه مطاعا في قومه و يترجم عن هذا المقام لسان الحقيقة أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لم يشاهد سوى الحق فأينما بري الصفة التي لا تنبغي إلا لله عظمها و لم يشاهد معها سواها و قام لها و وفاها حقها مثل العزة و الكبرياء و الغني فقال له ربه أَمّٰا مَنِ اسْتَغْنىٰ فنبهه ببنية الاستغفال فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّٰى و قد علم أنه لمن تصدى محمد صلى اللّٰه عليه و سلم يقول له و إن كنت تعظم صفتي حيث تراها لغلبة شهودك إياي فقد أمرتك أن لا تشاهدها مقيدة في المحدثين و هو

قوله عليه السلام إن اللّٰه أدبني فأحسن أدبي و هذا من ذلك التأديب*

[ترحيب النبي بمن عاتبه ربه فيهم]

و

كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا رأى هؤلاء تلك الأعبد يقول مرحبا بمن عاتبني فيهم ربي فكلما جلسوا عنده جلس لجلوسهم لا يمكن لهم أن يقوم و لا ينصرف حتى يكونوا هم الذين ينصرفون فإن اللّٰه قال له وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ و لما علموا ذلك منه و

أنه عليه السلام قد تعرض له أمور يحتاج إلى التصرف فيها فكانوا يخففون فلا يلبثون عنده إلا قليلا و ينصرفون حتى ينصرف النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لأشغاله فترك صلى اللّٰه عليه و سلم ذلك الأمر الذي كان له فيه مشهد صحيح إلهي مراعاة لحفظ القلوب المنكسرة

[اللّٰه عند المنكسرة قلوبهم غيبا و عند المتكبرين عينا]

فإن اللّٰه عند المنكسرة قلوبهم غيبا يثبته الايمان و ينفيه العيان و هو عند المتكبرين عينا يثبته العيان و ينفيه الايمان فنقل اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم من العيان إلى الايمان و أخبره أن تجليه تعالى في أعيان الأعزاء المتكبرين من زينة الحياة الدنيا فهي زينة اللّٰه للحياة الدنيا لا لنا و الذي لنا زينة اللّٰه من غير تقييد بالحياة الدنيا و ما يلزم من كونه زينا لزيد أن يكون زينا لعمرو

[الزينة و مشاهد الناس لها]

فمن الناس من لا شهود له إلا زينة اللّٰه و من الناس من لا شهود له إلا زينة الحياة الدنيا من حيث ما هي زينة اللّٰه لها لا لنا فيشهدها لها و إن لم تكن لنا زينة و من الناس من يشهد زينة الشيطان في عمله و أعمال الخلق في قوله وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطٰانُ أَعْمٰالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كٰانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فهم الذين أضلهم اللّٰه على علم فيشهدها أهل اللّٰه زينة اللّٰه للشيطان لأنه عمله و من الناس من يشهد من زين له عمله و لا يدري من زينه هل متعلق تلك الزينة الذم أو الحمد و هو موضع الشبهة كمن يرى رجلا يحب أن يكون نعله حسنا و ثوبه حسنا فلا يدري أ هو ممن يحب زينة الحياة الدنيا أو هو ممن يتجمل لله في قوله خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ

[حسن الظن أنت مندوب إليه و سوء الظن أنت منهى عنه]

و

قد قال عليه السلام للرجل الذي قال له إني أحب أن يكون نعلي حسنا و ثوبي حسنا إن اللّٰه جميل يحب الجمال فوقع لهذا الرجل الاشتباه فلا يدري لمن ينسب تلك الزينة كمن يسمع شخصا يقول اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ فلا يدري هل هو تال أو هو ذاكر من غير قصد تلاوة القرآن لأن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست