responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 148

درجات منه و ما جعلها درجة واحدة كما قال في المجاهدين في سبيل اللّٰه حيث جعل لهم درجة واحدة ثم زادهم ما ذكر في تمام الآية

[المجاهدون في اللّٰه حق جهاده]

فهذان صنفان قد ذكرنا و أما الصنف الثالث و هم الذين جاهدوا فِي اللّٰهِ حَقَّ جِهٰادِهِ فالهاء من جهاده تعود على اللّٰه أي يتصفون بالجهاد أي في حال جهاده صفة الحق كما ذكرنا في التردد الإلهي أي لا يرون مجاهدا إلا اللّٰه و ذلك لأن الجهاد وقع فيه و لا يعلم أحد كيف الجهاد في اللّٰه إلا اللّٰه فإذا ردوا ذلك إلى اللّٰه و هو قوله حَقَّ جِهٰادِهِ فنسب الجهاد إليه بإضافة الضمير فكان المجاهد لا هم و إن كانوا محل ظهور الآثار فهم المجاهدون لا مجاهدون

قال اللّٰه لموسى يا موسى اشكرني حق الشكر قال يا رب و من يقدر على ذلك قال إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني حق الشكر و هذا الحديث خرجه ابن ماجة في سننه

[العمل المضاف إلى اللّٰه عن ذوق و كشف و مشاهدة]

فكل عمل أضفته إلى اللّٰه عن ذوق و كشف و مشاهدة لا عن اعتقاد و حال بل عن مقام و علم صحيح فقد أعطيت ذلك العمل حقه حيث رأيته ممن هو له فحيث ما وقع لك مثل هذا فشرحه ما شرحه به اللّٰه على لسان رسوله فبلغه إلينا و هي طريقة موصلة إلى اللّٰه سهلة لينة قريبة المأخذ مستوية لاٰ تَرىٰ فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً

[و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا]

و الصنف الرابع هم الذين قال اللّٰه فيهم وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا الذين قلنا لهم فيها وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعني السبيل التي لكم فيها السعادة و إلا فالسبل كلها إليه لأن اللّٰه منتهى كل سبيل ف‌ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ و لكن ما كل من رجع إليه سعد فسبيل السعادة هي المشروعة لا غير و إنما جميع السبل فغايتها كلها إلى اللّٰه أولا ثم يتولاها الرحمن آخر أو يبقى حكم الرحمن فيها إلى الأبد الذي لا نهاية لبقائه و هذه مسألة عجيبة المكاشف لها قليل و المؤمن بها أقل و لما كان سبب الجهاد أفعالا تصدر من الذين أمرنا بقتالهم و جهادهم و تلك الأفعال أفعال اللّٰه فما جاهدنا إلا فيه لا في العدو و إذ لم يكن عدوا إلا بها فإذا جاهدنا فيه و تبين لنا بقوله إذا جاهدنا فيه إن يهدينا سبله أي يبين لنا سبلها فندخلها فلا نرى إذا جاهدنا غيرا فاستغفرنا اللّٰه مما وقع منا و كان من السبل مشاهدة ما وقع منا إنه الموقع لا نحن فاستغفرنا اللّٰه أي طلبنا منه أن لا نكون محلا لظهور عمل قد وصف نفسه بالكراهة فيه فقد ثبت أنه ما في الوجود إلا اللّٰه فما جاهد فيه سواه و لو لا ما هدانا سبله ما عرفنا ذلك و لذلك تمم الآية بقوله وَ إِنَّ اللّٰهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و

الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه فإذا رأيته علمت إن الجهاد إنما كان منه و فيه

[الكتاب الإلهي و الكتابة الإلهية]

فهذا قد أعربت لك عن أحوال أهل المجاهدات و هم المجاهدون و الكلام يطول في تفاصيل هذا الباب و الكتاب كبير فإن استقصينا إيراد ما يطلبه منا كل باب لا يفي العمر بكتابته فإذا و لا بد من الاقتصار فلنقتصر على ما يجري من كل باب مجرى الأمهات لا غير و كل أم مثل حواء مع بنى آدم فإنهم بنوها كلهم فلو أعطانا اللّٰه الكتابة الإلهية أبرزنا جميع ما يحويه هذا الكتاب على الاستيفاء في ورقة صغيرة واحدة كما خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بكتابين في يده بالكتاب الإلهي الذي ليس لمخلوق فيه تعمل و أخبر أن في الكتاب الذي في يمينه أسماء أهل الجنة و أسماء آبائهم و قبائلهم و عشائرهم من أول خلقهم إلى يوم القيامة و الكتاب الآخر مثله في أسماء أهل الشقاء و لو كان ذلك بالكتاب المعهود ما وسع ورقه المدينة فمثل ذلك لو وقع لنا أظهرناه في اللحظة و قد رأينا تلك الكتابة و هي كالجنة في عرض الحائط و النار و كصورة السماء في المرآة

[درجات أهل اللّٰه في المجاهدة]

فلنذكر ما لهذه الصفة التي هي المجاهدة من المقامات التي هي مراتبها و منازلها الذين ينزلها أهلها و هم الملامية و هم قسمان أهل أدب بوقوف عند حد و أهل أنس و وصال و كذلك ما للعارفين من هذا الباب و هم قسمان أهل أدب و وقوف عند حد و أهل أنس و وصال و هذا سار في كل مقام فالذي للملامية منه من الصنف الذي له أدب الوقوف عند الحدود فثلاث و خمسون درجة و إنما عدلنا إلى ذكر الدرجات لما سمعنا اللّٰه يقول بالدرجات في فضلهم فاتبعنا ما قال اللّٰه فهو أولى بنا و التي للملامية أهل الأنس و الوصال من الدرجات في هذا الباب أربعمائة درجة و ثلاث و خمسون و أما درجات العارفين أهل الأنس و الوصال فلهم أربعمائة درجة و أربع و ثمانون درجة و أما الذي لأهل الأدب و الوقوف عند الحدود من العارفين فتسع و ثمانون درجة تسعون إلا واحدة بينه و بين درجات الأسماء الإلهية عشرة

(الباب السابع و السبعون في ترك المجاهدة)



لا تجاهد فإن عين المنازع هو عين الذي تجاهد فيه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست