responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 145

ما لأهل المواقف سواء حتى لا يختلط على السالك و كذلك أيضا المنكرة أحوالهم و هم الملامية الذين يعرفون و لا يعرفون تميزهم من أهل عوارف المعارف و تظهر ما لهم من الكمال و هم العلماء بالله فهؤلاء الأربعة لا بد من تمشية أحوالهم في كل مقام و هم العارفون و الملامية و أهل الأنس و الوصال و أصحاب المواقف و القول و هم الأدباء فإنك مأمور بالنصح لعباد اللّٰه عن أمر اللّٰه و الدين النصيحة لله و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم فلما فرع وارد البرزخ في الواقعة فمنا من مرقدنا و سألنا اللّٰه تعالى العصمة في القول و العمل و الحال و كنت أرى معي في هذه الواقعة صاحبنا تاج الدين عباس بن عمر السراج و هو الذي كان ينبهني عن الحق تعالى على الكلام في الحروف الصغار التي تتولد عنها حروف العلل الثلاثة فلنبين أولا ما المراد بالحروف الصغار و ما مراتب أولادها و هي حروف العلل و إن كنا قد ذكرناها في الباب الثاني باب الحروف من هذا الكتاب فلا بد من ذكر طرف هنا منها لأجل الواقعة

(فصل) [الحروف الصغار و مراتب أولادها]

اعلم أن المراد بالحروف الصغار الحركات الثلاثة و هي الضمة و الفتحة و الكسرة و لهذه الحروف حالان حال إشباع و حال غير إشباع فإذا اتصف واحد منها بالإشباع كان علة لوجود معلول يناسبه فإن أشبعت الضمة كان عنها الواو المعلولة و إن كانت فتحة كان عنها الألف و إن كانت كسرة كان عنها الياء المعلولة و إنما قيدنا الواو و الياء بالعلة لأنهما قد يوجدان في مقام الصحة غير موصوفين بالعلية و الألف لا توجد أبدا إلا معلولة و لذلك لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا أبدا

[حروف العلة خرجت على صورة عللها في الحكم]

فهذه تسمى حروف العلة أي وجدت معلولة عن هذه العلل فخرجت على صورة عللها في الحكم فأعربت بها الكلمات كما أعربت بعللها تقول زيد أخوك فعلامة الرفع في زيد ضمة الدال و عن إشباع الضمة في قولك أخوك تكون الواو علامة الرفع في أخوك و كذلك في النصب في رأيت زيدا أخاك و في الخفض مررت بزيد أخيك و كذلك رأيت أخاك زيدا الفتحة في زيد علامة النصب و الألف في أخاك المتولدة عن فتحة الخاء علامة النصب و كذلك مررت بأخيك زيد فالكسرة في زيد علامة الخفض و الياء في أخيك علامة الخفض فأعطيت الياء حكم معلوله فأعلت الكلمة هذه الحروف فلها حكم ابائها

[الأسماء الإلهية التي لهذه الحروف الصغار و آثارها في الكون]

إلى الذي هو الرفع له من الأسماء العلى و الفتح له من الأسماء الرحمن ما يفتح اللّٰه للناس من رحمة و الكسر له من الأسماء المتعالي و آثار هذه الأسماء الإلهية في الكون معلومة كما هي في الحق متميزة بحدودها يمتاز بعضها عن بعض و قد بيناها في الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب و بينا فيه حركات البناء من حركات الإعراب و مرتبة السكون الحي و الميت و إلحاق النون بحروف العلة في حكم الإعراب في الخمسة الأمثلة من الفعل و هي يفعلان و تفعلان و يفعلون و تفعلون و تفعلين و إثباتها إعراب و حذفها إعراب بحسب العوامل الداخلة عليها

[الأعمال مكاسب و الأحوال مواهب]

و لما كان المعلول موصوفا بالمرض كان ذا جهد و مشقة لما يقاسيه من ألم العلة القائمة به إذ لا يوجد عن العلة إلا معلول فلهذا جعلناه في باب المجاهدة لأن المجاهدة مشقة و تعب و بها سمي الجهاد جهادا و دين اللّٰه يسر و قول اللّٰه صدق حيث قال مٰا«جَعَلَ» عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قال يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاٰ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و لهذا جعلنا بابا لترك الجهاد و هو الذي يلي هذا الباب و هو الباب السابع و السبعون في ترك المجاهدة لا ترك العمل لأن المجاهدة حال الأعمال في وقت و الأحوال مواهب و الأعمال مكاسب و لهذا أقيم الكسب مقام العمل و العمل مقام الكسب فجاء في آية وَ تُوَفّٰى كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ و في آية مٰا كَسَبَتْ فسمى العمل كسبا و ناب كل واحد منهما مناب صاحبه و لهذا قلنا في الأعمال مكاسب و من العمال من يكون عليهم في عملهم مشقة و هي المجاهدة و منهم من لا يجدها فلا يكون صاحب مجاهدة فلو اقتضى العمل المشقة لكانت صفة كل عامل

[فصل أصناف المجاهدين الأربعة]

و اعلم أيدك اللّٰه أن المجاهدين هم أهل الجهد و المشقة و المكابدة و هم أربعة أصناف مجاهدون من غير تقييد بأمر و هو قوله تعالى وَ فَضَّلَ اللّٰهُ الْمُجٰاهِدِينَ عَلَى الْقٰاعِدِينَ و الصنف الثاني مجاهدون بتقييد في سبيل اللّٰه و هو قوله وَ الْمُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ و الصنف الثالث المجاهدون فيه و هو قوله وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا أي نبين لهم حتى يعلموا فيمن جاهدوا فيجاهدون عند ذلك أو لا يجاهدون و الصنف الرابع المجاهدون فِي اللّٰهِ حَقَّ جِهٰادِهِ فميزهم عن المجاهدين من غير هذا التقييد كالذين يتقون اللّٰه حَقَّ تُقٰاتِهِ و يتلون الكتاب حَقَّ تِلاٰوَتِهِ فهي مرتبة رابعة في الجهاد

[ما دام التكليف موجودا فالمجاهدة قائمة]

و هذه المجاهدة من المقامات المستصحبة للتكليف فما دام التكليف موجودا كانت المجاهدة قائمة العين فإذا زال حكم التكليف زالت المجاهدة و لهذا نفس اللّٰه عن المكلفين بصنف المباح لما شفعت فيهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست