responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 139

فالناس أمته من آدم إلى يوم القيامة فبشره اللّٰه بالمغفرة لما تقدم من ذنوب الناس و ما تأخر منهم فكان هو المخاطب و المقصود الناس فيغفر اللّٰه للكل و يسعدهم و هو اللائق بعموم رحمته التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و بعموم مرتبة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم حيث بعث إلى الناس كافة بالنص و لم يقل أرسلناك إلى هذه الأمة خاصة و لا إلى أهل هذا الزمان إلى يوم القيامة خاصة و إنما أخبره أنه مرسل إلى الناس كافة و الناس من آدم إلى يوم القيامة فهم المقصودون بخطاب مغفرة اللّٰه لما تقدم من ذنب و ما تأخر وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

[المغفرة التي في الدنيا و التي في القبر و في الحشر و في النار]

لكن ثم مغفرة في الدنيا و ثم مغفرة في القبر و ثم مغفرة في الحشر و ثم مغفرة في النار بخروج منها و بغير خروج لكن يستر عن العذاب أن يصل إليه بما يجعل له من النعيم في النار مما يستعذ به فهو عذاب بلا ألم

[النطق عن الحقائق لا يتناهى]

و قد انتهت سؤالاته رضي اللّٰه عنه و انتهى ما ذكرناه من الأجوبة عليها من غير استيفاء و ما تركناه من ذلك في الجواب أكثر مما أوردنا بما لا يتقارب فإن الاختصار أولى من الإكثار إذ باب النطق و الإبانة عن حقائق الأمور لا يتناهى فإن علم اللّٰه أوسع فتعليمه لنا لا يقف عند حد و اللّٰه الموفق لا رب غيره انتهى الجزء الحادي و التسعون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(الباب الرابع و السبعون في التوبة

شعر)

الاعتراف متاب كل محقق و به الإله الحق يشرح صدره
رضي الإله عن المخالف مثل ما رضي الإله عن الموافق أمره
ما ذا كثير أن ينال مناله لا سيما إن كنت تعرف سره
من عين منته ينال مخالف ما ناله إن كنت تجهل قدره

[تلقين الحجة عند مخالفة الأمر]

اعلم أيدنا اللّٰه و إياك أن اللّٰه يقول وَ تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فأمر بالتوبة عباده ثم لقنهم الحجة لو خالفوا أمره فقال تعالى ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ليقولوا إذا سألوا ذلك أي لو تبت علينا لتبنا مثل قوله تعالى مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ليقول كرمك فهذا من باب تعليم الخصم الحجة خصمه ليحاجه بذلك إذا كان محبوبا و جاء بلفظة الإنسان بالألف و اللام و الإغرار ليعم جميع الناس فهذا مما يدلك على إن إرادة الحق بهم السعادة في المال و لو نالهم ما نالهم مما يناقضها

[توبة اللّٰه مقرونة ب‌«على» و توبة الخلق ب‌«إلى»]

غير أن توبة اللّٰه مقرونة بعلي لأن من أسمائه الاسم العلي و توبة الخلق مقرونة بإلى لأنه المطلوب بالتوبة فهو غايتها و اجتمع الحق و الخلق في من من التوبة فهم رجعوا إليه من أنفسهم و العارفون رجعوا إليه منه و العلماء بالله رجعوا إليه من رجوعهم إليه و أما العامة فإنها رجعت من المخالفات إلى الموافقة و الحق عز و جل رجع إليهم من كناية إن يخذلكم ليرجعوا إليه بحسب ما تقتضيه مقاماتهم التي فصلناها آنفا فرجوع الحق عليهم ليرجعوا إليه مثل قوله يحبهم و يحبونه فرجوعه عليهم رجوع عناية محبة أزلية ليتوبوا فإذا تابوا أحبهم حب من رجع إليه فهو حب جزاء قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ فهذا الحب منه ما هو الأول و للعبد حب آخر زائد على قوله وَ يُحِبُّونَهُ و هو أنه

قال صلى اللّٰه عليه و سلم أحبوا اللّٰه لما يغذوكم به من نعمه فهذا حب جزاء المنعم لما أنعم به عليهم فهذا الحب منهم في مقابلة إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ حب جزاء لحب جزاء و الأول حب عناية منه ابتداء و حبهم إياه حب إيثار لجنابه لا حب آلاء و نعم فالتوبة منهم عن محبة منتجة لمحبة أخرى منه فهي بين محبتين متعلقتين بهم من اللّٰه كتوبته عليهم عن محبة منهم تنتج محبة أخرى منهم فتوبته عليهم بين محبتين أيضا و هذا من باب خلق اللّٰه آدم على صورته أي جميع ما تقبله الحضرة الإلهية من الصفات يقبلها الإنسان الصغير و الكبير

[حد التوبة و بيان ركنها الأول]

و حدها ترك الزلة في الحال و الندم على ما فات و العزم على أنه لا يعود لما رجع عنه و يفعل اللّٰه بعد ذلك ما يريد فأما ترك الزلة في الحال فلا بد منه لأن سلطان وقته الحياء و الحياء يحول بسلطانه بين من قام به و بين تعدى حدود اللّٰه و من أسماء اللّٰه تعالى المذكور في السنة الحي و أن اللّٰه يستحيي يوم القيامة من ذي الشيبة فحياء اللّٰه من العبد إنه قد أعلمه أنه سبحانه لا يتوبون إليه حتى يتوب عليهم فإذا وقف المخذول الذي لم يتب اللّٰه عليه فلم يتب إليه و كان في حال وقوفه بين يديه يوم القيامة ذاكرا في نفسه هذه الآية ثُمَّ تٰابَ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست