responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 135

و سائر الصفات

[الحق اللّٰه بأم الكتاب جميع الكتب المنزلة على الأنبياء]

فكذلك أم الكتاب ألحق اللّٰه بها جميع الكتب و الصحف المنزلة على الأنبياء نواب محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فادخرها له و لهذه الأمة ليتميز على الأنبياء بالتقدم و أنه الإمام الأكبر و أمته التي ظهر فيها خير أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ لظهوره بصورته فيهم و كذلك القرن الذي ظهر فيهم خير القرون لظهوره فيه بنفسه و قبل ذلك و بعده بشرعه

[أولياء هذه الأمة لهم في كل أمر شرب و حظ]

فمن جمعية هذه الأمة أن جعل اللّٰه لأوليائها حظا في نعوت أهل البعد عن اللّٰه بطريق القربة فيقع الاشتراك في اللفظ و المعنى و يتغير المصرف كما قلنا في الحرص إنه مذموم فإذا حرصنا في طلب العلم و التقرب به إلى اللّٰه كان محمودا و هو بإطلاق اللفظ مذموم فإنه ما يستعمل مطلقا إلا في مذموم فإذا أريد به الحمد قيد فقيل حريص على الخير و هكذا الحسد يتعوذ منه مطلقا من غير تقييد فإنه بالإطلاق للذم و يستعمل في المحمود بالتقييد فلهذا جمع اللّٰه لأولياء هذه الأمة النظر في مثل هذا فحصلوا حظوظهم من أسماء الذم في الإطلاق حتى لا يفوتهم شيء إذ كانوا الجامعين للمقامات كلها فلهم في كل أمر شرب و حظ

إذا جاء نعت أي نعت فرضته لنا فيه حظ وافر ثم مشرب
سواء يكون النعت في ذم حالة و في حمدها فالكل للقوم مطلب
أ لست ترى أوصافه في نعوتنا و أوصافنا نعت له لا يكذب
له فرح في حالة و تبشش إلى ملل قد جاءنا و تعجب
و هزء نسيانه له و تردد و مكر و كيد كل ذاك مرتب
كما كان للعبد الجلال و مجده و عز و تعظيم لديه مرغب
و هذا من أوصاف الإله فدبروا كلامي الذي قد قلت فيه و طنبوا
كذلك نعتي الأولياء مدحتهم بما ذم عرفا في الأنام فنقبوا
فمن أنكر العلم الذي قد شرحته فليس هو الشخص العليم المقرب

[الأولياء الحاسدون]

فمنهم الحاسدون قال عليه السلام لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه اللّٰه علما فهو يبثه في الناس و رجل آتاه اللّٰه ما لا فهو ينفقه في سبيل البر فقام أهل النفوس الآبية التي تأبى الرذائل و تحب الفضائل و جماع الخير فقالوا لا ينبغي الحسد إلا في معالي الأمور و أعلى الأمور ما تعرف إلا بأربابها و رب الأرباب و ذو الصفات العلى و الأسماء الحسنى هو اللّٰه فيقال نتشبه به في التخلق بأسمائه ففعلوا و بالغوا و اجتهدوا إلى أن صاروا يقولون للشيء كن فيكون و ذلك أقصى المراتب التي تمدح اللّٰه بها فلو لا الحسد ما تعمل القوم في تحصيل هذا المقام

[الأولياء الساحرون]

و منهم الساحرون السحر بالإطلاق صفة مذمومة و حظ الأولياء منها ما أطلعهم اللّٰه عليه من علم الحروف و هو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع اللّٰه في الحروف و الأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة و الخيال فهو و إن كان مذموما بالإطلاق فهو محمود بالتقييد و هو من باب الكرامات و خرق العوائد و لكن لا يسمون سحرة مع أنه يشاهد منهم خرق العوائد فسمى ذلك في حقهم كرامة و هو عين السحر عند العلماء فقد كان سحرة موسى ما زال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا بِرَبِّ هٰارُونَ وَ مُوسىٰ و دخلوا في دين اللّٰه و آثروا الآخرة على الدنيا و رضوا بعذاب اللّٰه على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر و يسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة و هي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف و تركيب أسماء و كلمات

[من أسرار بسملة الفاتحة]

فمن الناس من يعطي ذلك كله في بسم اللّٰه وحده فيقوم له ذلك مقام جميع الأسماء كلها و تنزل من هذا العبد منزلة كن و هي آية من فاتحة الكتاب و من هناك تفعل لا من بسملة سائر السور و ما عند أكثر الناس من ذلك خبر و البسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة و أما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة و قد لقينا فاطمة بنت مثنى و كانت من أكابر الصالحين تتصرف في العالم و يظهر عنها من خرق العوائد بفاتحة الكتاب خاصة كل شيء رأيت ذلك منها و كانت تتخيل أن تلك يعرفه كل أحد و كانت تقول لي العجب ممن يعتاص عليه شيء و عنده فاتحة الكتاب لأي شيء لا يقرءوها فيكون له ما يريد ما هذا إلا حرمان بين و خدمتها و انتفعت

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست