عينه لا غيره فإنه ليس بخارج عنه و لا بد للعالم أن يكون متصورا للحق على ما يظهر عينه و الإنسان الذي هو آدم عبارة عن مجموع العالم فإنه الإنسان الصغير و هو المختصر من العالم الكبير و العالم ما في قوة إنسان حصره في الإدراك لكبره و عظمه و الإنسان صغير الحجم يحيط به الإدراك من حيث صورته و تشريحه و بما يحمله من القوي الروحانية فرتب اللّٰه فيه جميع ما خرج عنه مما سوى اللّٰه فارتبطت بكل جزء منه حقيقة الاسم الإلهي التي أبرزته و ظهر عنها فارتبطت به الأسماء الإلهية كلها لم يشذ عنه منها شيء فخرج آدم على صورة الاسم اللّٰه إذ كان هذا الاسم يتضمن جميع الأسماء الإلهية
[الإنسان يجمع جميع حقائق العالم الكبير]
كذلك الإنسان و إن صغر جرمه فإنه يتضمن جميع المعاني و لو كان أصغر مما هو فإنه لا يزول عنه اسم الإنسان كما جوزوا دخول الجمل في سم الخياط و إن ذلك ليس من قبيل المحال لأن الصغر و الكبر العارضين في الشخص لا يبطلان حقيقته و لا يخرجانه عنها و القدرة صالحة أن تخلق جملا يكون من الصغر بحيث لا يضيق عنه سم الخياط فكان في ذلك رجاء لهم أن يدخلوا جنة النعيم كذلك الإنسان و إن صغر جرمه عن جرم العالم فإنه يجمع جميع حقائق العالم الكبير و لهذا يسمى العقلاء العالم إنسانا كبير و لم يبق في الإمكان معنى إلا و قد ظهر في العالم فقد ظهر في مختصره
[الصورة و التنزيل الخيالى]
و العلم تصور المعلوم و العلم من صفات العالم الذاتية فعلمه صورته و عليها خلق آدم فآدم خلقه اللّٰه على صورته و هذا المعنى لا يبطل لو عاد الضمير على آدم و تكون الصورة صورة آدم علما و الصورة الآدمية حسا مطابقة للصورة و لا يقدر يتصور هذا إلا بضرب من الخيال يحدثه التخيل و أما نحن و أمثالنا فنعلمه من غير تصور و لكن لما جاء في الحديث ذكر الصورة علمنا أن اللّٰه إنما أراد خلقه على الصورة من حيث إنه يتصور لا من حيث ما يعلمه من غير تصور فاعتبر اللّٰه تعالى في هذه العبارة التخيل و إذا أدخل سبحانه نفسه في التخيل فما ظنك بمن سوى الحق من العالم
صح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال لجبريل الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه فهذا تنزيل خيالي من أجل كاف التشبيه و انظر من كان السائل و من كان المسئول و مرتبتهما من العلم بالله و لم يكن بأيدينا إلا الأخبار الواردة بالنزول و المعية و اليدين و اليد و العين و الأعين و الرجل و الضحك و غير ذلك مما ينسب الحق إلى نفسه و هذه صورة آدم قد فصلها في الأخبار و جمعها في
قوله خلق اللّٰه آدم على صورته
[الإنسان الكامل ينظر بعين اللّٰه]
فالإنسان الكامل ينظر بعين اللّٰه و هو
قوله كنت بصره الذي يبصر به الحديث كذلك يتبشبش بتبشبش اللّٰه و يضحك بضحك اللّٰه و يفرح بفرح اللّٰه و يغضب بغضب اللّٰه و ينسى بنسيان اللّٰه قال تعالى نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ و ينسب جميع ما ذكرناه إلى كل ذات بحسب ما تقتضيه مع علمنا بحقيقة كل صفة فإن كانت الذات المنسوب إليها معلومة علم صورة نسبة هذا المنسوب و إن جهلت الذات المنسوب إليها كنت بنسبة هذا المنسوب أجهل فهذا الوجه الذي يليق بجواب سؤال هذا السيد
[جواب سؤال الفيلسوف الإسلامي عن الصورة]
فلو سأل مثل هذا السؤال فيلسوف إسلامي أجبناه بأن الضمير يعود على آدم أي أنه لم ينتقل في أطوار الخلقة انتقال النطفة من ماء إلى إنسان خلقا بعد خلق بل خلقه اللّٰه كما ظهر و لم ينتقل أيضا من طفولة إلى صبي إلى شباب إلى كهولة و لا انتقل من صغر جرم إلى كبره كما ينتقل الصغير من الذرية بهذا يجاب مثل هذا السائل فلكل سائل جواب يليق به
(السؤال الرابع و الأربعون و مائة)ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي
الجواب لما كانت أمته خير الأمم و عندها زيادة على أنبياء الأمم باتباعهم سنن هدى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فإنهم ما اتبعوه لأنهم تقدموه و ليس حيرا من كل أمة إلا نبيها و نحن خير الأمم فنحن و الأنبياء في هذه الخيرية في سلك واحد منخرطين لأنه ما ثم مرتبة بين النبي و أمته و محمد خير من أمته كما كان كل نبي خيرا من أمته فهو صلى اللّٰه عليه و سلم خير الأنبياء
[ثلاثة أصناف من الأنبياء يتبعون محمدا ص يوم القيامة]
فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا و صاموا إلى أن ماتوا و ما أفطروا نهارا مع طول أعمارهم سؤالا و رغبة و رجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى اللّٰه عليه سلم فلهم ما تمنوا و هم مع من أحبوه يوم القيامة فيأتي النبي يوم القيامة و في أمته النبي و الاثنان و الثلاثة و يأتي محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و في أمته أنبياء أتباع و أنبياء أتباع و أنبياء ما هم أنبياء أتباع فيتبع محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم ثلاثة أصناف من الأنبياء و هذه مسألة أعرض عن ذكرها أصحابنا لما فيها مما يتطرق إلى الأوهام الضعيفة من الإشكال
[جميع مراتب الأنبياء تتمنى أن تكون من أمة محمد ص]
و جعلهم اللّٰه اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون