responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 106

طَوْعاً وَ كَرْهاً فالطائع في الإمكان أن يكون صاحب كره و الكارة في الإمكان أن يكون طائعا فأعظم الآلاء و أتمها بل هي النعمة المطلقة أن يرزق الخلائق طاعة اللّٰه فإنهم لذلك خلقوا

[ملك الآلاء هو الذي ملكته النعمة لله]

فملك الآلاء هو الذي ملكته النعمة لله و هو

قوله عليه السلام أحبوا اللّٰه لما يغذوكم به من نعمه و كل ما سوى اللّٰه متغذ فكل ما سوى اللّٰه منعم عليه فكل من تعبدته نعمة اللّٰه لله فهو ملك الآلاء و الآلاء من جملة الملك فيحتاج إلى نعمة و تلك النعمة عين وجودها و بقائها في المنعمين عليهم فالنعم ملك الآلاء أيضا فإذا كان ملك الآلاء المنعم عليهم ردتهم النعمة إلى اللّٰه فكان ملكهم لله بتلك النعم فهم ملك الآلاء فملك الآلاء من كان بهذه الصفة و إذا كان ملك الآلاء عبارة عن عين الآلاء فصفة هذا العين أن لا تنسب إلا إلى اللّٰه فإن نسبت إلى غير اللّٰه فذلك من جهة المنعم عليه لا من جهة النعمة و المنعم عليه هو المذموم بقدر ما أضاف من الآلاء إلى غير اللّٰه

[حسن استماع الجن لسورة الرحمن]

لما تلا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم سورة الرحمن العامة لجميع ما خلق اللّٰه دنيا و آخرة و علوا و سفلا على الجن

فما قال في آية منها فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ إلا قالت الجن و لا بشيء من آلائك ربنا نكذب فمدحهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لأصحابه بحسن الاستماع حين تلاها عليهم و لم يقولوا شيئا من ذلك و لم يكن سكوتهم عن جهل بأن الآلاء من اللّٰه و لا أن الجن أعرف منهم بنسبة الآلاء إلى اللّٰه و لكن الجن وفت بكمال المقام الظاهر حيث قالت و لا بشيء من آلائك ربنا نكذب فإن الموطن يقتضيه و لم تقل ذلك الصحابة من الإنس حين تلاها عليهم شغلا منهم بتحصيل علم ما ليس عندهم مما يجيء به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فشغلهم ذلك الحرص على تعمير الزمان الذي يقولون فيه ما قالت الجن أن يقول النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ما يقول من العلم فيستفيدون فهم أشد حرصا على اقتناء العلم من الجن و الجن أمكن في توفية الأدب بما يقتضيه هذا الموطن من الجواب من الإنس فمدحهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بما فضلوا به على الإنس و ما مدح الإنس بما فضلوا به على الجن من الحرص على مزيد العلم بسكوتهم عند تلاوته و لا سيما و الحق يقول لهم وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا و السورة واحدة في نفسها كالكلام غير التام فهم ينصتون حتى يتمها فجمع الصحابة من الإنس بين فضيلتين لم يذكرهما رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و ذكر فضل الجن فيما نطقوا به فإن نطقهم تصريح بالعبودية بلسان الظاهر و هم بلسان الباطن أيضا عبيد فجمعوا بين اللسانين بهذا النطق و الجواب و لم يفعل الإنس من الصحابة ذلك عند التلاوة فنقصهم هذا اللسان فكان توبيخ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إياهم تعليما بما تستحقه المواطن أعني مواطن الألسنة الناطقة ليتنبهوا فلا يفوتهم ذلك من الخير العملي فإنهم كانوا في الخير العلمي في ذلك الوقت و حكم العمل في موطنه لا يقاومه العلم فإن الحكم للموطن و حكم العلم في موطنه لا يقاومه العمل و الجن غرباء في الظاهر فهم يسارعون في الظهورية ليعلموا أنهم قد حصل لهم فيه قدم لكونهم مستورين فهم إلى الباطن أقرب منهم إلى الظاهر و التلاوة كانت بلسان الظاهر و الإنس في مرتبة الظاهر فحجبهم عن الجواب الذي أجابت به الجن كونهم أصحاب موطن الظاهر فذهلوا عن الجواب لقرينة حال موطنهم و لو وفوا به لكان أحسن في حقهم فنبههم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم على الأكمل في موطنه و هو المعلم فنعم المؤدب

[ملك الآلاء في سورة الرحمن]

فمن أراد تحقيق ملك الآلاء فليتدبر سورة الرحمن من القرآن و ينظر إلى تقديم الإنس على الجن في آيتها و قوله تعالى خَلَقَ الْإِنْسٰانَ أيضا فابتدأ به تقديرا و مرتبة نطقية تهمما به على الجن و إن كان الجن موجودا قبله يؤذن بأنه و إن تأخرت نشأته فهو المعتنى به في غيب ربه لأنه المقصود من العالم لما خصه به من كمال الصورة في خلقه باليدين و علمه الأسماء و الإفصاح عما علمه بقوله عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ

[ملك الآلاء و هو ملك الشاكرين]

و بعض أصحابنا يطلق ملك الآلاء على ما يحصل للعبد من مزيد الشكر على نعم اللّٰه فذلك القدر لمن حصل له يسمى ملك الآلاء فهو ملك الشاكرين فمن شكر نعم اللّٰه بلسان حق و ناب الحق مناب العبد من اسمه الشكور و هو شكره لعباده على ما كان منهم من شكرهم على ما أنعم عليهم ليزيدوا في الأعمال في مقابلة شكره فيكون ما جازاهم به من ذلك على قدر علم الشاكر بالمشكور و اللّٰه هو الشاكر في هذا الحال و هو العالم بنفسه فالجزاء الذي يليق بهذا الشاكر لو جوزي هو الذي يحصل لهؤلاء الشاكرين الذين لهم هذا الحال فهذا الجزاء يسمى ملك الآلاء و هو أعظم الملك و هو قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ إِلىٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ أي نعم ربها جمع آلاء و إلى ربها المضافة إليه هنا الذي يستحقها لو قبل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست