مرتبة إلا مرتبة الملك في المخلوقات و قد تلمذت الملائكة له حين علمهم الأسماء و لا يدل هذا على أنه خير من الملك و لكنه يدل على أنه أكمل نشأة من الملك فلما كان مجلى الأسماء الإلهية صح له أن يكون للكتاب مثل التاج لأنه أشرف زينة يتزين بها الكتاب و بذلك التتويج ظهرت آثار الأوامر في الملك كذلك بالإنسان الكامل ظهر الحكم الإلهي في العالم بالثواب و العقاب و به قام النظام و انخرم و فيه قضى و قدر و حكم
(السؤال التاسع و مائة)ما الوقار
الجواب حمل أعباء التجلي قبل حصوله و الفناء فيه كسكرات الموت قبل حلوله
[للتجلى مقدمات كطلوع الفجر لطلوع الشمس]
و ذلك أن للتجلي مقدمات كطلوع الفجر لطلوع الشمس و كما ورد في الخبر عن مقدمات تجلى الرب للجبل بما ينزل من الملائكة و القوي الروحانية في الضباب و هي أثقال التجلي التي تتقدمه من الوقر و هو الثقل و إذا حصل الثقل ضعف الإسراع و الحركة فسمى ذلك السكون وقارا أي سكون عن ثقل عارض لا عن مزاج طبيعي فإن السكون الكائن عن الأمر الذي يورث الهيبة و العظمة في نفس الشخص يسمى وقارا و سكينة و السكون الطبيعي الذي يكون في الإنسان من مزاجه لغلبة البرد و الرطوبة على الحرارة و اليبس لا يسمى وقارا إنما الوقار نتيجة التعظيم و العظمة و لا سيما إن تقدم التجلي خطاب إلهي فصاحبه أشد وقارا لأن خطاب الحق بوساطة الروح يورث هيبة و لا سيما إن كان قولا ثقيلا و قد كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا نزل عليه الوحي كصلصلة الجرس يجد منه مشقة عظيمة و يورثه سكونا و غشيا مع الواسطة فكيف به إذا خاطبه الحق بارتفاع الوسائط مثل موسى عليه السلام و من كلمه اللّٰه
[حال لإنسان بعد حصول التجلي]
فإذا كان هذا و أمثاله من مقدمات التجلي الإلهي فكيف يكون حال الإنسان بعد حصول التجلي من الوقار أ لا ترى إلى ما يحصل في قلوب الناس من هيبة الصالحين المنقطعين إلى اللّٰه الذين لم تجر العادة عند العامة برؤيتهم فإذا وقع نظرهم عليهم ظهر عليهم من الوقار و السكينة و الخمود برؤيتهم ما لا يقدر قدره إلا اللّٰه و هو إجلال المتجلي يقول بعضهم
كأنما الطير منهم فوق أرؤسهم لا خوف ظلم و لكن خوف إجلال و قال آخر
اشتاقه فإذا بدا أطرقت من إجلاله لا خيفة بل هيبة و صيانة لجماله فهذا الإطراق هو عين الوقار و قال تعالى وَ عِبٰادُ الرَّحْمٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً و
قال عليه السلام فلا تأتوها و أنتم تسعون يعني الجمعة و ائتوها و عليكم السكينة و الوقار أي امشوا مشي المثقلين و هذا لا يكون إلا إذا تجلى لهم في جلال الجمال
(السؤال العاشر و المائة)و ما صفة مجالس الهيبة
الجواب لما كانت الهيبة تورث الوقار سأل عن صفة مجلسه أي ما صفته في قعوده بين يديه فمن صفته عدم الالتفات و اشتغال السر بالمشاهد و عصمة القلب من الخواطر و العقل من الأفكار و الجوارح من الحركات و عدم التمييز بين الحسن و القبيح و أن تكون أذناه مصروفة إليه و عيناه مطرقتين إلى الأرض و عين بصيرته غير مطموسة و جمع الهم و تضاؤله في نفسه و اجتماع أعضائه اجتماعا يسمع له أزيز و إن لا يتأوه مع جمود العين عن الحركة و أن لا تعطيه المباسطة الإدلال
[ليكن سمع الجليس حيث قيده الحق]
فإن جالسة بتقييد جهة كما كلمه بتقييد جهة من حضرة مثالية ك جٰانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ... فِي الْبُقْعَةِ الْمُبٰارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ فليكن سمعه بحيث قيده فإن أطلق سمعه لأجل حقيقة أخرى تعطيه عدم التقييد و هو تعالى قد قيد نفسه به في جانب خاص فقد أساء الأدب و ليس هو في مجلس هيبة و لا يكون صاحب مجلس الهيبة صاحب فناء لكنه صاحب حضورا و استحضار لا يرجح و لا يجرح و لا يرفع ميزانا و لا يسمى إنسانا فإن الإنسان مجموع أضداد و مختلفات
(السؤال الحادي عشر و مائة)ما صفة ملك الآلاء
الجواب روحاني و ذلك أن الملك لا يتصف به إلا الجماد خاصة و هو أشد الخلق طواعية لله سبحانه المعترف بأنه ملك لله سبحانه على أن جميع ما سوى اللّٰه ملك لله و لكن الفضل في الملك أن يعلم أنه ملك و أن يكون معاملته مع اللّٰه معاملة من هو ملك لله و ليس ذلك إلا للمهيمين من الملائكة و الجمادات و أما النبات فلم يتصف بذلك كل النبات فإن منه من لاٰ يَخْرُجُ إِلاّٰ نَكِداً و لكن باقي الخلائق فيهم من قام بحق كونه ملكا و منهم من لم يقم بذلك في كل صنف و بهذا وصفهم الحق سبحانه فقال وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ