responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 99

فوجوده بمكة أسنى و أتم فكما تتفاضل المنازل الروحانية كذلك تتفاضل المنازل الجسمانية و إلا فهل الدر مثل الحجر إلا عند صاحب الحال و أما المكمل صاحب المقام فإنه يميز بينهما كما ميز بينهما الحق هل ساوى الحق بين دار بناؤها لبن التراب و التبن و دار بناؤها لبن العسجد و اللجين فالحكيم الواصل من أعطى كل ذي حق حقه فذلك واحد عصره و صاحب وقته و كثير بين مدينة يكون أكثر عمارتها الشهوات و بين مدينة يكون أكثر عمارتها الآيات البينات أ ليس قد جمع معي صفي أبقاه اللّٰه أن وجود قلوبنا في بعض المواطن أكثر من بعض و قد كان رضي اللّٰه عنه يترك الخلوة في بيوت المنارة المحروسة الكائنة بشرقي تونس بساحل البحر و ينزل إلى الرابطة التي في وسط المقابر بقرب المنارة من جهة بابها و هي تعزى إلى الخضر فسألته عن ذلك فقال إن قلبي أجده هنالك أكثر منه في المنارة و قد وجدت فيها أنا أيضا ما قاله الشيخ و قد علم وليي أبقاه اللّٰه أن ذلك من أجل من يعمر ذلك الموضع إما في الحال من الملائكة المكرمين أو من الجن الصادقين و إما من همة من كان يعمره و فقد كبيت أبي يزيد الذي يسمى بيت الأبرار و كزاوية الجنيد بالشونيزية و كمغارة ابن أدهم باليقين و ما كان من أماكن الصالحين الذين فنوا عن هذه الدار و بقيت آثارهم في أماكنهم تنفعل لها القلوب اللطيفة و لهذا يرجع تفاضل المساجد في وجود القلب لا في تضاعف الأجر فقد تجد قلبك في مسجد أكثر مما تجده في غيره من المساجد و ذلك ليس للتراب و لكن لمجالسة الأتراب أو هممهم و من لا يجد الفرق في وجود قلبه بين السوق و المساجد فهو صاحب حال لا صاحب مقام و لا أشك كشفا و علما أنه و إن عمرت الملائكة جميع الأرض مع تفاضلهم في المعارف و الرتب فإن أعلاهم رتبة و أعظمهم علما و معرفة عمرة المسجد الحرام و على قدر جلساتك يكون وجودك فإنه لهمم الجلساء في قلب الجليس لهم تأثيرا و هممهم على قدر مراتبهم و إن كان من جهة الهمم فقد طاف بهذا البيت مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي سوى الأولياء و ما من نبي و لا ولي إلا و له همة متعلقة بهذا البيت و هذا البلد الحرام لأنه البيت الذي اصطفاه اللّٰه على سائر البيوت و له سر الأولية في المعابد كما قال تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً من كل مخوف إلى غير ذلك من الآيات فلو رحل الصفي أبقاه اللّٰه إلى هذا البلد الحرام الشريف لوجد من المعارف و الزيادات ما لم يكن رآه قبل ذلك و لا خطر له بالبال و قد علم رضي اللّٰه عنه إن النفس تحشر على صورة علمها و الجسم على صورة عمله و صورة العلم و العمل بمكة أتم مما في سواها و لو دخلها صاحب قلب ساعة واحدة لكان له ذلك فكيف إن جاور بها و أقام و أتى فيها بجميع الفرائض و القواعد فلا شك أن مشهده بها يكون أتم و أجلي و مورده أصفى و أعذب و أحلى و إذ و صفيي أبقاه اللّٰه قد أخبرني أنه يحس بالزيادة و النقص على حسب الأماكن و الأمزجة و يعلم أن ذلك راجع أيضا إلى حقيقة الساكن به أو همته كما ذكرنا و لا شك عندنا إن معرفة هذا الفن أعني معرفة الأماكن و الإحساس بالزيادة و النقص من تمام تمكن معرفة العارف و علو مقامه و إشرافه على الأشياء و قوة ميزه فالله يكتب لوليي فيها أثرا حسنا و يهبه فيها خيرا طيبا إنه الملي بذلك و القادر عليه

[الأسماء الإلهية و الحقائق الوجودية]

اعلم وفقنا اللّٰه و إياك و جميع المسلمين أن أكثر العلماء بالله من أهل الكشف و الحقائق ليس عندهم علم بسبب بدء العالم إلا تعلق العلم القديم بإيجاده فكون ما علم أنه سيكونه و هنا ينتهي أكثر الناس و أما نحن و من أطلعه اللّٰه على ما أطلعنا عليه فقد وقفنا على أمور أخر غير هذا و ذلك أنك إذا نظرت العالم مفصلا بحقائقه و نسبه وجدته محصور الحقائق و النسب معلوم المنازل و الرتب متناهى الأجناس بين متماثل و مختلف فإذا وقفت على هذا الأمر علمت إن لهذا سرا لطيفا و أمرا عجيبا لا تدرك حقيقته بدقيق فكر و لا نظر بل بعلم موهوب من علوم الكشف و نتائج المجاهدات المصاحبة للهمم فإن مجاهدة بغير همة غير منتجة شيئا و لا مؤثرة في العلم و لكن تؤثر في الحال من رقة و صفاء يجده صاحب المجاهدة فاعلم علمك اللّٰه سرائر الحكم و وهبك من جوامع الكلم أن الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الإحصاء عددا و تنزل دون أسماء الإحصاء سعادة هي المؤثرة في هذا العالم و هي المفاتح الأول التي لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ و أن لكل حقيقة اسما ما يخصها من الأسماء و أعني بالحقيقة حقيقة تجمع جنسا من الحقائق رب تلك الحقيقة ذلك الاسم و تلك الحقيقة عابدته و تحت تكليفه ليس غير ذلك و إن جمع لك شيء ما أشياء كثيرة فليس الأمر على ما توهمته فإنك إن نظرت إلى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست