responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 92

على ما هو عليه في نفسه إذا كان دركه غير ممتنع و أما ما يمتنع دركه فالعلم به هو لا دركه كما قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك فجعل العلم بالله هو لا دركه فاعلم ذلك و لكن لا دركه من جهة كسب العقل كما يعلمه غيره و لكن دركه من جوده و كرمه و وهبه كما يعرفه العارفون أهل الشهود لا من قوة العقل من حيث نظره

«تتميم» [معرفة اللّٰه عن طريق الكون]

و لما ثبت أن العلم بأمر ما لا يكون إلا بمعرفة قد تقدمت قبل هذه المعرفة بأمر آخر يكون بين المعروفين مناسبة لا بد من ذلك و قد ثبت أنه لا مناسبة بين اللّٰه تعالى و بين خلقه من جهة المناسبة التي بين الأشياء و هي مناسبة الجنس أو النوع أو الشخص فليس لنا علم متقدم بشيء فندرك به ذات الحق لما بينهما من المناسبة مثال ذلك علمنا بطبيعة الأفلاك التي هي طبيعة خامسة لم نعلمها أصلا لو لا ما سبق علمنا بالأمهات الأربع فلما رأينا الأفلاك خارجة عن هذه الطبائع بحكم ليس هو في هذه الأمهات علمنا إن ثم طبيعة خامسة من جهة الحركة العلوية التي في الأثير و الهواء و السفلية التي في الماء و التراب و المناسبة بين الأفلاك و الأمهات الجوهرية التي هي جنس جامع للكل و النوعية فإنها نوع كما أن هذه نوع لجنس واحد و كذلك الشخصية و لو لم يكن هذا التناسب لما علمنا من الطبائع علم طبيعة الفلك و ليس بين الباري و العالم مناسبة من هذه الوجوه فلا يعلم بعلم سابق بغيره أبدا كما يزعم بعضهم من استدلال الشاهد على الغائب بالعلم و الإرادة و الكلام و غير ذلك ثم يقدسه بعد ما قد حمله على نفسه و قاسه بها ثم إنه مما يؤيد ما ذهبنا إليه من علمنا بالله تعالى أن العلم يترتب بحسب المعلوم و ينفصل في ذاته بحسب انفصال المعلوم عن غيره و الشيء الذي به ينفصل المعلوم إما أن يكون ذاتا كالعقل من جهة جوهريته و كالنفس و إما أن يكون ذاتا من جهة طبعه كالحرارة و الإحراق للنار فكما انفصل العقل عن النفس من جهة جوهريته كذلك انفصل النار عن غيره بما ذكرناه و إما أن ينفصل عنه بذاته لكن بما هو محمول فيه إما بالحال كجلوس الجالس و كتابة الكاتب و إما بالهيئة كسواد الأسود و بياض الأبيض و هذا حصر مدارك العقل عند العقلاء فلا يوجد معلوم قطعا للعقل من حيث ما هو خارج عما وصفنا إلا بأن نعلم ما انفصل به عن غيره إما من جهة جوهره أو طبعه أو حاله أو هيأته و لا يدرك العقل شيئا لا توجد فيه هذه الأشياء البتة و هذه الأشياء لا توجد في اللّٰه تعالى فلا يعلمه العقل أصلا من حيث هو ناظر و باحث و كيف يعلمه العقل من حيث نظره و برهانه الذي يستند إليه الحس أو الضرورة أو التجربة و الباري تعالى غير مدرك بهذه الأصول التي يرجع إليها العقل في برهانه و حينئذ يصح له البرهان الوجودي فكيف يدعي العاقل أنه قد علم ربه من جهة الدليل و أن الباري معلوم له و لو نظر إلى المفعولات الصناعية و الطبيعية و التكوينية و الانبعاثية و الإبداعية و رأى جهل كل واحد منها بفاعله لعلم أن اللّٰه تعالى لا يعلم بالدليل أبدا لكن يعلم أنه موجود و أن العالم مفتقر إليه افتقارا ذاتيا لا محيص له عنه البتة قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ وَ اللّٰهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فمن أراد أن يعرف لباب التوحيد فلينظر في الآيات الواردة في التوحيد من الكتاب العزيز الذي وحد بها نفسه فلا أحد أعرف من الشيء بنفسه فلتنظر بما وصف نفسه و تسأل اللّٰه تعالى أن يفهمك ذلك فستقف علم إلهي لا يبلغ إليه عقل بفكره أيد الآباد و سأورد من هذه الآيات في الباب الذي يلي هذا الباب شيئا يسيرا و اللّٰه يرزقنا الفهم عنه آمين و يجعلنا من العالمين الذين يعقلون آياته

«الباب الثالث في تنزيه الحق تعالى عما في طي الكلمات»

التي أطلقها عليه سبحانه في كتابه و على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم من التشبيه و التجسيم تعالى اللّٰه عما يقول الظالمون علوا كبيرا»

نظم في نظر العبد إلى ربه في قدس الأيد و تنزيهه
و علوه عن أدوات أتت تلحق بالكيف و تشبيهه
دلالة تحكم قطعا على منزلة العبد و تنويهه
و صحة العلم و إثباته و طرح بدعي و تمويهه

[جميع المعلومات حملها العقل الأول]

اعلم أيدك اللّٰه أن جميع المعلومات علوها و سفلها حاملها العقل الذي يأخذ عن اللّٰه تعالى بغير واسطة فلم يخف عنه شيء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست