responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 91

في الموجودات فيؤلفها في ذهنه و وهمه تأليفا لم يسبق إليه في علمه و إن سبق فلا يبالي فإنه في ذلك بمنزلة الأول الذي لم يسبقه أحد إليه كما تفعله الشعراء و الكتاب الفصحاء في اختراع المعاني المبتكرة فثم اختراع قد سبق إليه فيتخيل السامع أنه سرقه فلا ينبغي للمخترع أن ينظر إلى أحد إلا إلى ما حدث عنده خاصة إن أراد أن يلتذ و يستمتع بلذة الاختراع و مهما نظر المخترع لأمر ما إلى من سبقه فيه بعد ما اخترعه ربما هلك و تفطرت كبده و أكثر العلماء بالاختراع البلغاء و المهندسون و من أصحاب الصنائع النجارون و البناءون فهؤلاء أكثر الناس اختراعا و أذكاهم فطرة و أشدهم تصرفا لعقولهم فقد صحت حقيقة الاختراع لمن استخرج بالفكر ما لم يكن يعلم قبل ذلك و لا علمه غيره بالقوة أو بالقوة و الفعل إن كان من العلوم التي غايتها العمل و الباري سبحانه لم يزل عالما بالعالم أزلا و لم يكن على حالة لم يكن فيها بالعالم غير عالم فما اخترع في نفسه شيئا لم يكن يعلمه فإذ قد ثبت عند العلماء بالله قدم علمه فقد ثبت كونه مخترعا لنا بالفعل لا أنه اخترع مثالنا في نفسه الذي هو صورة علمه بنا إذ كان وجودنا على حد ما كنا في علمه و لو لم يكن كذلك لخرجنا إلى الوجود على حد ما لم يعلمه و ما لا يعلمه لا يريده و ما لا يريده و لا يعلمه لا يوجده فنكون إذن موجودين بأنفسنا أو بالاتفاق و إذا كان هذا فلا يصح وجودنا عن عدم و قد دل البرهان على وجودنا عن عدم و على أنه علمنا و أراد وجودنا و أوجدنا على الصورة الثابتة في علمه بنا و نحن معدومون في أعياننا فلا اختراع في المثال فلم يبق إلا الاختراع في الفعل و هو صحيح لعدم المثال الموجود في العين فتحقق ما ذكرناه و قل بعد ذلك ما شئت فإن شئت و صفته بالاختراع و عدم المثال و إن شئت نفيت هذا عنه نفيته و لكن بعد وقوفك على ما أعلمتك به

«الفصل الثالث في العلم و العالم و المعلوم من الباب الثاني»



العلم و المعلوم و العالم ثلاثة حكمهمو واحد
و إن تشأ أحكامهم مثلهم ثلاثة أثبتها الشاهد
و صاحب الغيب يرى واحدا ليس عليه في العلى زائد
اعلم أيدك اللّٰه أن العلم تحصيل القلب أمرا ما على حد ما هو عليه ذلك في نفسه معدوما كان ذلك الأمر أو موجودا فالعلم هو الصفة التي توجب التحصيل من القلب و العالم هو القلب و المعلوم هو ذلك الأمر المحصل و تصور حقيقة العلم عسير جدا و لكن أمهد لتحصيل العلم ما يتبين به إن شاء اللّٰه تعالى

[القلب و الحضرة الإلهية]

فاعلموا إن القلب مرآة مصقولة كلها وجه لا تصدأ أبدا فإن أطلق يوما عليها أنها صدئت كما

قال ع إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد الحديث و فيه إن جلاءها ذكر اللّٰه و تلاوة القرآن و لكن من كونه الذكر الحكيم فليس المراد بهذا الصدأ أنه طخاء طلع على وجه القلب و لكنه لما تعلق و اشتغل بعلم الأسباب عن العلم بالله كان تعلقه بغير اللّٰه صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلى الحق إلى هذا القلب لأن الحضرة الإلهية متجلاة على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عنا فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود لأنه قبل غيرها عبر عن قبول ذلك الغير بالصدأ و الكن و القفل و العمي و الران و غير ذلك و إلا فالحق يعطيك أن العلم عنده و لكن بغير اللّٰه في علمه و هو بالله في نفس الأمر عند العلماء بالله و مما يؤيد ما قلناه قول اللّٰه تعالى وَ قٰالُوا قُلُوبُنٰا فِي أَكِنَّةٍ مِمّٰا تَدْعُونٰا إِلَيْهِ فكانت في أكنة مما يدعوها الرسول إليه خاصة لا أنها في كن و لكن تعلقت بغير ما تدعى إليه فعميت عن إدراك ما دعيت إليه فلا تبصر شيئا و القلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مصقولة صافية فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر الذي هو التجلي الذاتي فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجل من التجليات و دونه تجلى الصفات و دونهما تجلى الأفعال و لكن من كونها من الحضرة الإلهية و من لم تتجل له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن اللّٰه تعالى المطرود من قرب اللّٰه تعالى

[تصور حقيقة العلم]

فانظر وفقك اللّٰه في القلب على حد ما ذكرناه و انظر هل تجعله العلم فلا يصح و إن قلت الصقالة الذاتية له فلا سبيل و لكن هي سبب كما إن ظهور المعلوم للقلب سبب و إن قلت السبب الذي يحصل المعلوم في القلب فلا سبيل و إن قلت المثال المنطبع في النفس من المعلوم و هو تصور المعلوم فلا سبيل فإن قيل لك فما هو العلم فقل درك المدرك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست