responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 90

و لكن لهم الإلقاء و الإلهام و اللقاء و الكتابة و هم معصومون فيما يلقى إليهم بعلامة عندهم لا يعرفها سواهم فيخبرون بما خوطبوا به و ما ألهموا به و ما ألقى إليهم أو كتب فقد تقرر عند جميع المحققين الذين سلموا الخبر لقائله و لم ينظروا و لا شبهوا و لا عطلوا و المحققين الذين بحثوا و اجتهدوا و نظروا على طبقاتهم أيضا و المحققين الذين كوشفوا و عاينوا و المحققين الذين خوطبوا و ألهموا أن الحق تعالى لا تدخل عليه تلك الأدوات المقيدة بالتحديد و التشبيه على حد ما نعقله في المحدثات و لكن تدخل عليه بما فيها من معنى التنزيه و التقديس على طبقات العلماء و المحققين في ذلك لما فيه و تقتضيه ذاته من التنزيه و إذا تقرر هذا فقد تبين أنها أدوات التوصيل إلى أفهام المخاطبين و كل عالم على حسب فهمه فيها و قوة نفوذه و بصيرته فعقيدة التكليف هينة الخطب فطر العالم عليها و لو بقيت المشبهة مع ما فطرت عليه ما كفرت و لا جسمت و إن كان ما أرادوا التجسيم و إنما قصدوا إثبات الوجود لكن لقصور أفهامهم ما ثبت لهم إلا بهذا التخيل فلهم النجاة

[وجود الحق و وجود العالم]

و إذ قد ثبت هذا عند المحققين مع تفاضل رتبهم في درج التحقيق فلنقل إن الحقائق أعطت لمن وقف عليها أن لا يتقيد وجود الحق مع وجود العالم بقبلية و لا معية و لا بعدية زمانية فإن التقدم الزماني و المكاني في حق اللّٰه ترمي به الحقائق في وجه القائل به على التحديد اللهم إلا أن قال به من باب التوصيل كما قاله الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم و نطق به الكتاب إذ ليس كل أحد يقوى على كشف هذه الحقائق فلم يبق لنا أن نقول إلا أن الحق موجود بذاته لذاته مطلق الوجود غير مقيد بغيره و لا معلول عن شيء و لا علة لشيء بل هو خالق المعلولات و العلل و الملك القدوس الذي لم يزل و أن العالم موجود بالله تعالى لا بنفسه و لا لنفسه مقيد الوجود بوجود الحق في ذاته فلا يصح وجود العالم البتة إلا بوجود الحق و إذا انتفى الزمان عن وجود الحق و عن وجود مبدأ العالم فقد وجد العالم في غير زمان فلا نقول من جهة ما هو الأمر عليه إن اللّٰه موجود قبل العالم إذ قد ثبت أن القبل من صيغ الزمان و لا زمان و لا إن العالم موجود بعد وجود الحق إذ لا بعدية و لا مع وجود الحق فإن الحق هو الذي أوجده و هو فاعله و مخترعه و لم يكن شيئا و لكن كما قلنا الحق موجود بذاته و العالم موجود به فإن سأل سائل ذو و هم متى كان وجود العالم من وجود الحق قلنا متى سؤال زماني و الزمان من عالم النسب و هو مخلوق لله تعالى لأن عالم النسب له خلق التقدير لا خلق الإيجاد فهذا سؤال باطل فانظر كيف تسأل فإياك إن تحجبك أدوات التوصيل عن تحقيق هذه المعاني في نفسك و تحصيلها فلم يبق إلا وجود صرف خالص لا عن عدم و هو وجود الحق تعالى و وجود عن عدم عين الموجود نفسه و هو وجود العالم و لا بينية بين الوجودين و لا امتداد إلا التوهم المقدر الذي يحيله العلم و لا يبقى منه شيئا و لكن وجود مطلق و مقيد وجود فاعل و وجود منفعل هكذا أعطت الحقائق و السلام

«مسألة» [إطلاق كلمة الاختراع على الحق]

سألني وارد الوقت عن إطلاق الاختراع على الحق تعالى فقلت له علم الحق بنفسه عين علمه بالعالم إذ لم يزل العالم مشهودا له تعالى و إن اتصف بالعدم و لم يكن العالم مشهودا لنفسه إذ لم يكن موجودا و هذا بحر هلك فيه الناظرون الذين عدموا الكشف و بنسبة لم تزل موجودة فعلمه لم يزل موجودا و علمه بنفسه علمه بالعالم فعلمه بالعالم لم يزل موجودا فعلم العالم في حال عدمه و أوجده على صورته في علمه و سيأتي بيان هذا في آخر الكتاب و هو سر القدر الذي خفي عن أكثر المحققين و على هذا لا يصح في العالم الاختراع و لكن يطلق عليه الاختراع بوجه ما لا من جهة ما تعطيه حقيقة الاختراع فإن ذلك يؤدي إلى نقص في الجناب الإلهي فالاختراع لا يصح إلا في حق العبد و ذلك أن المخترع على الحقيقة لا يكون مخترعا إلا حتى يخترع مثال ما يريد إبرازه في الوجود في نفسه أولا ثم بعد ذلك تبرزه القوة العملية إلى الوجود الحسي على شكل ما يعلم له مثل و متى لم يخترع الشيء في نفسه أولا و إلا فليس بمخترع حقيقة فإنك إذا قدرت أن شخصا علمك ترتيب شكل ما ظهر في الوجود له مثل فعلمته ثم أبرزته أنت للوجود كما علمته فلست أنت في نفس الأمر و عند نفسك بمخترع له و إنما المخترع له من اخترع مثاله في نفسه ثم علمكه و إن نسب الناس الاختراع لك فيه من حيث إنهم لم يشاهدوا ذلك الشيء من غيرك فارجع أنت إلى ما تعرفه من نفسك و لا تلتفت إلى من لا يعلم ذلك منك فإن الحق سبحانه ما دبر العالم تدبير من يحصل ما ليس عنده و لا فكر فيه و لا يجوز عليه ذلك و لا اخترع في نفسه شيئا لم يكن عليه و لا قال في نفسه هل نعمله كذا و كذا هذا كله ما لا يجوز عليه فإن المخترع للشيء يأخذ أجزاء موجودة متفرقة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست