responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 89

الحق تعالى من أدوات التقييد بالزمان و الجهة و المكان كقوله ع أين اللّٰه فأشارت إلى السماء فأثبت لها الايمان فسأل صلى اللّٰه عليه و سلم بالظرفية عما لا يجوز عليه المكان في النظر العقلي و الرسول أعلم بالله و اللّٰه أعلم بنفسه و قال في الظاهر أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمٰاءِ بالفاء و قال وَ كٰانَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً و اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ و هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ و

يفرح بتوبة عبده و

يعجب من الشاب ليست له صبوة و ما أشبه ذلك من الأدوات اللفظية و قد تقرر بالبرهان العقلي خلقه الأزمان و الأمكنة و الجهات و الألفاظ و الحروف و الأدوات و المتكلم بها و المخاطبين من المحدثات كل ذلك خلق لله تعالى فيعرف المحقق قطعا أنها مصروفة إلى غير الوجه الذي يعطيك التشبيه و التمثيل و أن الحقيقة لا تقبل ذلك أصلا و لكن تتفاضل العلماء السالمة عقائدهم من التجسيم فإن المشبهة و المجسمة قد يطلق عليهم علماء من حيث علمهم بأمور غير هذا فتفاضل العلماء في هذا الصرف عن هذا الوجه الذي لا يليق بالحق تعالى

[تفاضل العلماء في معاني التنزيه]

فطائفة لم تشبه و لم تجسم و صرفت علم ذلك الذي ورد في كلام اللّٰه و رسله إلى اللّٰه تعالى و لم تدخل لها قدم في باب التأويل و قنعت بمجرد الايمان بما يعلمه اللّٰه في هذه الألفاظ و الحروف من غير تأويل و لا صرف إلى وجه من وجوه التنزيه بل قالت لا أدري جملة واحدة و لكني أحيل إبقاءه على وجه التشبيه لقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لا لما يعطيه النظر العقلي و على هذا فضلاء المحدثين من أهل الظاهر السالمة عقائدهم من التشبيه و التعطيل و طائفة أخرى من المنزهة عدلت بهذه الكلمات عن الوجه الذي لا يليق بالله تعالى في النظر العقلي عدلت إلى وجه ما من وجوه التنزيه على التعيين مما يجوز في النظر العقلي أن يتصف به الحق تعالى بل هو متصف به و لا بد و ما بقي النظر إلا في إن هذه الكلمة هل المراد بها ذلك الوجه أم لا و لا يقدح ذلك التأويل في ألوهته و ربما عدلوا بها إلى وجهين و ثلاثة و أكثر على حسب ما تعطيه الكلمة في وضع اللسان و لكن من الوجوه المنزهة لا غير فإذا لم يعرفوا من ذلك الخبر أو الآية عند التأويل في اللسان إلا وجها واحدا قصروا الخبر على ذلك الوجه التنزيه و قالوا هذا هو ليس إلا في علمنا و فهمنا و إذا وجدوا له مصرفين فصاعدا صرفوا الخبر أو الآية إلى تلك المصارف و قالت طائفة من هؤلاء يحتمل أن يريد كذا و يحتمل أن يريد كذا و تعدد وجوه التنزيه ثم تقول و اللّٰه أعلم أي ذلك أراد و طائفة أخرى تقوى عندها وجه ما من تلك الوجوه النزيهة بقرينة ما قطعت لتلك القرينة بذلك الوجه على الخبر و قصرته عليه و لم تعرج على باقي الوجوه في ذلك الخبر و إن كانت كلها تقتضي التنزيه و طائفة من المنزهة أيضا و هي العالية و هم من أصحابنا فرغوا قلوبهم من الفكر و النظر و أخلوها إذ كان المتقدمون من الطوائف المتقدمة المتأولة أهل فكر و نظر و بحث فقامت هذه الطائفة المباركة الموفقة و الكل موفقون بحمد اللّٰه و قالت حصل في نفوسنا تعظيم الحق جل جلاله بحيث لا نقدر أن نصل إلى معرفة ما جاءنا من عنده بدقيق فكر و نظر فأشبهت في هذا العقد المحدثين السالمة عقائدهم حيث لم ينظروا و لا تأولوا و لا صرفوا بل قالوا ما فهمنا فقال أصحابنا بقولهم ثم انتقلوا عن مرتبة هؤلاء بأن قالوا لنا أن نسلك طريقة أخرى في فهم هذه الكلمات و ذلك بأن نفرغ قلوبنا من النظر الفكري و نجلس مع الحق تعالى بالذكر على بساط الأدب و المراقبة و الحضور و التهيؤ لقبول ما يرد علينا منه تعالى حتى يكون الحق تعالى تعليمنا على الكشف و التحقيق لما سمعته يقول وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و يقول إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً و قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً فعند ما توجهت قلوبهم و هممهم إلى اللّٰه تعالى و لجأت إليه و ألقت عنها ما استمسك به الغير من دعوى البحث و النظر و نتائج العقول كانت عقولهم سليمة و قلوبهم مطهرة فارغة فعند ما كان منهم هذا الاستعداد تجلى الحق لهم معلما فأطلعتهم تلك المشاهدة على معاني هذه الأخبار و الكلمات دفعة واحدة و هذا ضرب من ضروب المكاشفة فإنهم إذا عاينوا بعيون القلوب من نزهته العلماء المتقدم ذكرهم بالإدراك الفكري لم يصح لهم عند هذا الكشف و المعاينة أن يجهلوا خبرا من هذه الأخبار التي توهم و لا إن يبقوا ذلك الخبر منسحبا على ما فيه من الاحتمالات النزيهة من غير تعيين بل يعرفون الكلمة و المعنى النزيه الذي سيقت له فيقصروها على ما أريدت له و إن جاء في خبر آخر ذلك اللفظ عينه فله وجه آخر من تلك الوجوه المقدسة معين عند هذا المشاهد هذا حال طائفة منا و طائفة أخرى منا أيضا ليس لهم هذا التجلي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست