responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 751

في الذلة لكون الأذلاء و هم عبيد اللّٰه أمروا بالمشي فِي مَنٰاكِبِهٰا أي عليها فمن وطئه الذليل فهو أشد مبالغة في وصفه بالذلة من الذي يطؤه فكما جبر اللّٰه كسر الأرض من هذه الذلة بما شرع من السجود عليها بالوجوه التي هي أشرف ما في ظاهر الإنسان و الحجر من الأرض فصحبه ذلك الانكسار لأنه قد فارق الأرض التي هي محل سجود الجباة و الوجوه الذي ينجبر به انكسارها فشرع السجود على الحجر مع كونه فارق الأرض في حال الانكسار فحصل له من الجبر نصيبه بهذا السجود لأنه حجر معتنى به و قبل لكونه يمينا منسوبا إلى اللّٰه فتقبيله للمبايعة إِنَّ الَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اللّٰهَ فهذه علة السجود عليه

(حديث ثاني و ثلاثون سواد الحجر الأسود)

ذكر الترمذي عن ابن عباس قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم نزل الحجر الأسود من الجنة و هو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بنى آدم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

[لو لا خطيئته ما ظهرت سيادته]

آدم عليه السلام لو لا خطيئته ما ظهرت سيادته في الدنيا فهي التي سودته و أورثته الاجتباء فما خرج من الجنة بخطيئته إلا لتظهر سيادته و كذلك الحجر الأسود لما خرج و هو أبيض فلا بد من أثر يظهر عليه إذا رجع إلى الجنة يتميز به على أمثاله فيظهر عليه خلعة التقريب الإلهي فأنزله اللّٰه منزلة اليمين الإلهي التي خمر اللّٰه بها طينة آدم حين خلقه فسودته خطايا بنى آدم أي صيرته سيدا بتقبيلهم إياه فلم يكن من الألوان من يدل على السيادة إلا اللون الأسود فكساه اللّٰه لون السواد ليعلم أن ابنه قد سوده بهذا الخروج إلى الدنيا كما سود آدم فكان هبوطه هبوط خلافة لا هبوط بعد و نسب سواده إلى خطايا بنى آدم كما حصل الاجتباء و السيادة لآدم بخطيئته أي بسبب خطايا بنى آدم أمروا أن يسجدوا على هذا الحجر و يقبلوه و يتبركوا به ليكون ذلك كفارة لهم من خطاياهم فظهرت سيادته لذلك فهذا معنى سودته خطايا بنى آدم أي جعلته سيدا و جعلت اللونية السوادية دلالة على هذا المعنى فهو مدح لا ذم في حق بنى آدم أ لا ترى آدم ما ذكر اللّٰه أولا للملائكة إلا خلافته في الأرض و ما تعرض للملائكة فلما ظهر من الملائكة في حق آدم ما ظهر قام ذلك الترجيح منهم لأنفسهم و كونهم أولى من آدم بذلك و رجحوا نظرهم على علم اللّٰه في ذلك فقام لهم ذلك مقام خطايا بنى آدم فكان سببا لسيادة آدم على الملائكة فأمروا بالسجود له لتثبت سيادته عليهم

[العاقل لا يعترض على اللّٰه فيما يجريه في عباده]

فالسعيد من وعظ بغيره فالعاقل منا لا يعترض على اللّٰه فيما يجريه في عباده من تولية من يحكم بهواه و لا يعمل في رعيته بما شرع له فلله في ذلك حكم و تدبير فإن اللّٰه أمر بالسمع و الطاعة و أن لا ننازع الأمر أهله إذ قد جعله اللّٰه لذلك الأمر فإن عدل فلنا و له و إن جار فلنا و عليه فنحن في الحالين لنا فنحن السعداء و ما نبالي بعد ذلك إذا أثبت اللّٰه السعادة لنا بما يفعل في خلقه فإن تكلمنا في ولاتنا و ملوكنا بما هم عليه من الجور سقط ما هو لنا في جورهم و أسأنا الأدب مع اللّٰه حيث رجحنا نظرنا على فعله في ذلك لأن لنا الذي هو في جورهم هو نصيب أخروي بلا شك فقد حرمناه نفوسنا و من حرم نفسه أجر الآخرة فهو من الخاسرين و الذين لنا إذا عدلوا فهو نصيب دنيوي و الدنيا فانية و نحن قد فرحنا و آثرنا نصيب الدنيا على نصيب الآخرة من حيث لا نشعر لاستيلاء الغفلة علينا فكنا بهذا الفعل ممن أراد حرث الدنيا كما إن قوله إذا عدلوا فلهم نصيب أخروي فزهدوا فيه بجورهم فعاد عليهم وبال ذلك الجور فالمسلم من سلم و فوض و رأى أن الأمور كلها بيد اللّٰه فلا يعترض إلا فيما أمر أن يعترض فيكون اعتراضه عبادة و إن سكت في موضع الاعتراض كان حكمه حكم من اعترض في موضع السكوت جعلنا اللّٰه من الأدباء المهذبين الذين يقضون بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ

[وقائع لابن عربى و مخاطبات في سره]

واقعة قيل لي فيها و فيه مناسبة من هذا الحديث ما يعلم من اللّٰه و ما يجهل فقلت

العلم بالله ديني إذ أدين به و الجهل بالعين إيماني و توحيدي
فقيل لي صدقت هذا قوله تعالى وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ فما عندك في تجليه فقلت

في كل مجلى أراه حين أشهده ما بين صورة تنزيه و تحديد
فقيل لي سبحان من تنزه عن التنزيه بالتشبيه و عن التشبيه بالتنزيه قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت اللّٰه فقال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 751
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست