responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 744

ذلك في حال إحرامها مع كشف وجهها و هذا نقيض الغيرة التي في العامة التي ما خوطبنا بها فعليك بالغيرة الإيمانية الشرعية لا تزد عليها فتشقى في الدنيا و الآخرة أما في الدنيا فلا تزال متعوب النفس و أما في الآخرة بما يؤدي إلى سؤال الحق عن ذلك بما ينجر معها من سوء الظن و من الاعتراض بالحال على اللّٰه و حصول الكراهة في النفس بما أباحه اللّٰه

(حديث ثامن عشر في المسارعة إلى البيان عند الحاجة و احتزام المحرم)

ذكر أبو داود عن صالح بن حسان أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم رأى رجلا محرما محتزما بحبل أبرق فقال يا صاحب الحبل ألقه فيحتجون بمثل هذا الحديث أن المحرم لا يحتزم و النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ما قال فيه ألقه لأنك محرم فما علل للإلقاء بشيء فيحتمل أن يكون لكونه مجرما و يحتمل أن يكون لأمر آخر و هو أن يكون ذلك الحبل إما مغصوبا عنده و إما للتشبه بالزنار الذي جعل علامة للنصارى

[الاحتزام مأخوذ من الحزم]

اعلم أن الاحتزام مأخوذ من الحزم و هو الاحتياط في الأخذ بالأمور التي يكون في الأخذ بها حصول السعادة للإنسان و مرضاة الرب إذا كان الحزم على الوجه المشروع في الوجه المشروع و الحبل إذا كان حبل اللّٰه و هو السبب الموصل إلى إدراك السعادة فإن كان ذلك المحتزم احتزم بحبل اللّٰه معلما بأخذ الشدائد و الأمور و المهمة و قال له ألقه فإنما ذلك مثل

قوله من يشاد هذا الدين يغلبه و

قوله إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق و كان كثيرا ما يأمر صلى اللّٰه عليه و سلم بالرفق و

قال إن اللّٰه يحب الرفق في الأمر كله و الحزم ضد الرفق فإن الحزم سوء الظن و قد نهينا عن سوء الظن و الأمر أيسر مما يتخيله الحازم و هو يناقض المعرفة فإنه لا يؤثر في القدر الكائن و الأمر الشديد على الواحد إذا انقسم على الجماعة هان قال بعضهم

إذا الحمل الثقيل تقسمته رقاب الخلق خف على الرقاب

[حبل اللّٰه عهده و دينه]

أ لا ترى اللّٰه تعالى يقول وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَمِيعاً و قال في الواحد وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّٰهِ و قال تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوىٰ فيعتصم به الواحد و الجماعة و لما ذكر الحبل أمر الجماعة بالاعتصام به حتى يهون عليهم ثم إنه مع كونهم جماعة قد يشق عليهم لشدته و قد تضعف الجماعة عنه فأعانهم بنفسه و ما ذكر من نفسه إلا ما يعلم أنه الموصوف بالقدرة منه

فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يد اللّٰه مع الجماعة فيستعينون به و يعينهم بكون يد اللّٰه معهم على الاعتصام بحبل اللّٰه و هو عهده و دينه المشروع فينا الذي لا يتمكن لكل واحد منا على الانفراد الوفاء به فيحصل بالمجموع لاختلاف أحوال المخاطبين و لا يكون إلا هكذا فلهذا اعتبره صلى اللّٰه عليه و سلم تنبيها له فقال له ألقه هذا اعتباره الذي يحتاج إليه و لا سيما المحرم فإنه محجور عليه فزاد بالحبل احتجارا على احتجار فكأنه قال له يكفيك ما أنت عليه من الاحتجار فلا تزد فما كان أرفقه بأمته صلى اللّٰه عليه و سلم

[من الحزم أن تكون نفقة المرء في صحبته]

و

إنما رخص رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الهميان للمحرم لأن نققته فيه الذي أمره اللّٰه أن يتزود بها إذا أراد الحج فقال وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْوىٰ فالتقوى هاهنا ما يتخذه الحاج من الزاد ليقي به وجهه من السؤال و يتفرغ لعبادة ربه و ليس هذا هو التقوى المعروف و لهذا ألحقه بقوله عقيب ذلك وَ اتَّقُونِ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ فأوصاه أيضا مع تقوى الزاد بالتقوى فيه و هو أن لا يكون إلا من وجه طيب و لما كان الهميان محلا له و ظرفا و وعاء و هو مأمور به في الاستصحاب رخص له في الاحتزام به فإنه من الحزم أن تكون نفقة الرجل صحبته فإن ذلك أبعد من الآفات التي يمكن أن تطرأ عليه فتتلفه

ذكر أبو أحمد بن عدي الجرجاني من حديث ابن عباس قال رخص رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الهميان للمحرم و إن كان هذا الحديث لا يصح عند أهل الحديث و هو صحيح عند أهل الكشف

(حديث تاسع عشر في الإحرام من المسجد الأقصى)

خرج أبو داود من حديث أم سلمة أنها سمعت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و وجبت له الجنة في إسناده مقال

(المناسبة) [مرتبة الأولية التي للمسجد الحرام]

المسجد يناقض الرفعة فهو بعيد منها و هو سبب في حصولها

قال عليه السلام من تواضع لله رفعه اللّٰه و الأقصى البعيد و الحرام المحجور فهو بعد في قرب لمن هو فيه فالأقصى بالنسبة إلى المسجد هو بعيد مما خوطب به ممن هو في المسجد الحرام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 744
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست