responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 741

لكونه جعل محرما فمنع من أمور كثيرة كان يفعلها في زمان حله فجبره بإزالة الستر الذي يقتضي التحجير حتى لا يجمع عليه تحجيرين الستر و الإحرام

(حديث سادس عشر إحرام المرأة في وجهها)

ذكر الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال ليس على المرأة إحرام إلا في وجهها

[الأصل أن لا حجاب و لا ستر]

رجوع إلى الأصل فإن الأصل أن لا حجاب و لا ستر و الأصل ثبوت العين لا وجودها و لم تزل بهذا النعت موصوفة و بقبولها سماع الخطاب إذا خوطبت منعوتة فهي مستعدة لقبول نعت الوجود مسارعة لمشاهدة المعبود فلما قال لها في حال عدمها كن كانت فبانت بنفسها و ما بانت فوجدت غير محجور عليها في صورة موجدها ذليلة في عز مشهدها لا تدري ما الحجاب و لا تعرفه

[الإنسان أكثر الحيوان غيرة]

فلما بانت المراتب للاعيان و أثرت الطبيعة الشح في الحيوان و وفره في حقيقة نفس الإنسان لما ركبه اللّٰه عليه في نشأته من وفور العقل و تحكيم القوي الروحانية و الحسية منه انجرت الغيرة المصاحبة للشح الطبيعي فكان أكثر الحيوان غيرة لأن سلطان الشح و الوهم فيه أقوى مما في سواه و العقل ليس بينه و بين الغيرة مناسبة في الحقيقة و لهذا خلقه اللّٰه في الإنسان لدفع سلطان الشهوة و الهوى الموجبين لحكم الغيرة فيه فإن الغيرة من مشاهدة الغير المماثل المزاحم له فيما يروم تحصيله أو هو حاصل له من الأمور التي إذا ظفر بها واحد لم تكن عند غيره و قد جبله اللّٰه على الحرص و الطمع أن يكون كل شيء له و تحت حكمه لإظهار حكم سلطان الصورة التي خلق عليها فإن من حقيقتها أن يكون كل شيء تحت سلطانها حتى إن بعض الناس أرسل حكم غيرته فيما لا ينبغي أن يرسلها فغار على اللّٰه و ما خلق و ما كلف إلا أن يغار لله لا على اللّٰه فبهذا بلغ من العبد سلطان استحكامها في الإنسان فألحقته بالجاهلين

[العقل الكامل خلق لربه لا لغيره]

و العقل الكامل يعلم أنه خلق لربه لا لغيره و علم بذاته أن من خلقه لا يمكن أن يزاحمه في أمر و لا يعارضه في حكم فيقول هو هو على ما هو عليه في نفسه ف‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و أنا أنا على ما أنا عليه في نفسي و لي أمثال من جنسي فليس له فيما أنا عليه قدم إلا التحكم و ليس لي فيما هو عليه إلا قبول الحكم فلا مزاحمة و لا غيرة فالإنسان بما هو عاقل إن كان تحت سلطان عقله فلا يغار لأنه ما خلق إلا لله و اللّٰه لا يغار عليه فإذا غار العاقل فإنما يغار من حيث إيمانه فهو يغار لله و لها موطن مخصوص شرعه له لا تعداه فكل غيرة تتعدى ذلك الحد فهي خارجة عن حكم العقل منبعثة عن شح الطبيعة و حكم الهوى حتى إن بعض الناس يرى أمورا قد أباحها الشرع يجد في نفسه أن لو كان له الحكم فيها لحجرها و حرمها فيرجح نظره في مثل هذا على ما أباح اللّٰه فعله و يرى أنه في رأيه أرجح من اللّٰه ميزانا و من رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم في هذا الذي خطر له و ربما يغتاظ حتى يقول أي شيء أصنع هذا شيء قد أباحه اللّٰه فلنصبر على ذلك فيصبر على كره و حنق في نفسه على ربه فهو في هدنة على دخن و هذا أعظم ما يكون من سوء الأدب مع اللّٰه و هو ممن أَضَلَّهُ اللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ و قد ظهر مثل هذا في الزمان الأول في آحاد الناس و أما اليوم فهو فاش في الناس كلهم

[الشارع هو اللّٰه و الرسول مبلغ عن اللّٰه]

فنحن نعلم أن الشارع هو اللّٰه و أن الرسول شخص مبلغ عن اللّٰه حكمه فيما أراه اللّٰه لا ينطق عن هوى نفسه إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ و اللّٰه يقول عن نفسه وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ نَسِيًّا و دل عليه دليل العقل و اللّٰه أشد غيرة من عباده و ما قرر من الشرائع إلا ما تقع به المصلحة في العالم فلا يزاد فيها و لا ينقص منها و مهما زاد فيها أو نقص منها أو لم يعمل بما قرره فقد اختل نظام المصلحة المقصودة لله فيما نزله من الشرائع و قرره من الأحكام

[أباح اللّٰه لإمائه إتيان المساجد]

فأباح اللّٰه لإمائه إتيان المساجد فرأى بعض الناس أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لو رأى ما أحدث النساء بعده لمنع النساء المساجد كما منعت نساء بنى إسرائيل فرأوا إن اللّٰه لم يعلم أن مثل هذا يقع من عباده إذ كان هو المشرع سبحانه لا غيره فرجحوا نظرهم على حكم اللّٰه حتى إن بعضهم كان يغار على امرأته أن تخرج إلى المسجد و كان قويا في استعمال إيمانه و كانت المرأة تحب إتيان المسجد للصلاة و كانت ذات جمال فائق و يمنعه الخبر الوارد في تحريم منع النساء من إتيان المساجد فيجد في ذلك شدة فلو قدرت أن يرد اللّٰه الحكم لهذا الشخص في هذه المسألة لرجح نظره على حكم اللّٰه و منع النساء المساجد و الجائز كالواقع فما زال يحتال عليها حتى امتنعت من نفسها من إتيان المسجد فسر بذلك فلو استحكم في هذا الرجل سلطان العقل ما غار و لو استحكم فيه سلطان الايمان ما وجد حرجا في قلبه فصبر عليه مما حكم اللّٰه به في ذلك قال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 741
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست