responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 733

>(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(وصل فصول الأحاديث النبوية فيما يتعلق بهذا الباب

و لا أذكرها بجملتها و إنما أذكر منها ما تمس الحاجة إليه) و بعد أن قد ذكرنا حجة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من حديث جابر بن عبد اللّٰه فلنذكر في بقية هذا الباب ما تيسر من الأخبار النبوية فمن ذلك

(حديث فضل الحج و العمرة)

خرج مسلم في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما و الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة

[الكفارة تعطي الستر و الجنة تعطي الستر]

فالكفارة تعطي الستر و الجنة تعطي الستر غير أن ستر العمرة لا يكون إلا بين عمرتين و ستر الحج لم يشترط فيه ذلك إلا أنه قيده بأنه يكون مبرورا و البر الإحسان و الإحسان مشاهدة أو كالمشاهدة فإنه

قال صلى اللّٰه عليه و سلم في تفسير الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه فصارت الجنة عن حج مقيد بصفة بر فقام البر للحج مقام العمرة الثانية للعمرة الأولى و السبب في ذلك أن التكفير و الجنة نتيجة و النتيجة لا تكون عن واحد فإن ذلك لا يصح و إنما تكون عن مقدمتين فحصل التكفير عن عمرتين و حصلت الجنة عن حج مبرور أي يكون عن صاحب صفة بر فما أعجب مقاصد الشارع

[زيارات أهل السعادة لله تعالى]

فالعمرة الزيارة و هي زيارات أهل السعادة لله تعالى هنا بالقلوب و الأعمال و في الدار الآخرة بالذوات و الأعيان و بين الزيارتين حجب موانع بين الزائرين و بين أهليهم من أهل الجنان و في حالة الدنيا بين المعتمرين و بين غيرهم فلا يدرك ما حصلوه في تلك الزيارة من الأسرار الإلهية و الأنوار ما لو تجلى بشيء منها لإبصار من ليس لهم هذا المقام لأحرقهم و ذهب بوجودهم فكان ذلك الستر رحمة بهم و قد عاينا ذلك في المعارف الإلهية مشاهدة حين زرناه بالقلوب و الأعمال بمكة التي لا تصح العمرة إلا بها و أما الزيارة من غير تسميتها بالعمرة فتكون لكل زائر حيث كان و كذلك الحج فهي زيارة مخصوصة كما هو قصد مخصوص و لما فيها من الشهود الذي يكون به عمارة القلوب تسمى عمرة

[معنى التكفير في الحج و العمرة]

فهذا معنى التكفير في هذا العمل الخاص و قد يكون التكفير في غير هذا و هو أن يسترك عن الانتقام أن ينزل بك لما تلبست به من المخالفات و من الناس من يكون له التكفير سترا من المخالفات أن تصيبه إذا توجهت عليه لتحل به لطلب النفس الشهوانية إياها فيكون معصوما بهذا الستر فلا يكون للمخالفة عليه حكم و هذان المعنيان خلاف الأول و من الناس من يجمع ذلك كله و في الدنيا من هذه الأحكام الثلاثة كلها و في الآخرة اثنان خاصة و هو الستر الأول و الستر أن لا يصيبه الانتقام

[الستر عن المخالفات]

و أما الستر عن المخالفات فلا يكون إلا في الدنيا لوجود التكليف و الآخرة ليست بمحل للتكليف إلا في يوم القيامة في موطن التمييز حين يدعون إلى السجود فهو دعاء تمييز لا دعاء تكليف إلا الحديث الذي خرجه الحميدي في كتاب الموازنة و لم يثبت و لما اقترن به الأمر أشبه التكليف فجوزوا بالسجود جزاء المكلفين كما تجيء الملائكة إليهم من عند اللّٰه بالأمر و النهي و ليس المراد به التكليف و هو قولهم للسعداء أَلاّٰ تَخٰافُوا وَ لاٰ تَحْزَنُوا و هذا نهي وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ و هذا أمر و ليس بتكليف كذلك إذا أمروا بالسجود إنما هو للتمييز و الفرقان بين من سجد لله خالصا و سجد اتقاء و رياء و سمعة لاجتماعهم في السجود لله فلذلك وقع الشبه لأنهم ما سجدوا مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كما أمروا فميز اللّٰه يوم القيامة بينهما كما ميز بين المجرمين قال تعالى وَ امْتٰازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ

(حديث ثان في الحث على المتابعة بين الحج و العمرة)

لأن كل واحد منهما قصد زيارة بيت اللّٰه العتيق

خرج النسائي عن عبد اللّٰه هو ابن مسعود قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم تابعوا بين الحج و العمرة فإنهما ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد و الذهب و الفضة و ليس للحج المبرور ثواب دون الجنة فجعل في الأول العمرة إلى العمرة و كذلك الحج و البر و هنا جعل الحج و العمرة مقدمتين ليكون منهما أجر آخر ليس ما أعطاه الحديث الأول و هو نفي الفقر فيحال بينك و بين عبوديتك إذا جمعت بين هاتين العبادتين

[العبد لا يتميز عن الرب إلا بالافتقار]

و ما ثم إلا عبد و رب و العبد لا يتميز عن الرب إلا بالافتقار فإذا أذهب اللّٰه بفقره كساه حلة الصفة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 733
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست