responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 713

إلا الحيعلتين فإنه نداء بأمر إلى عبادة معينة فمن راعى الجمع في عين الفرق جعل لهما أذانا واحدا و إقامتين و من راعى الفرق بين الظهر و العصر جعل في الجمع حكم التفرقة فقال بأذانين و إقامتين و لهذا وقع الخلاف فقال قوم بأذانين و إقامتين و قال قوم بأذان واحد و إقامتين فمن راعى الصلاة جعله بعد الخطبة و من راعى سماع الخطبة جعله قبل الخطبة و من راعى كونه ذكر اللّٰه بصورة الأذان كالذي أمر أن يقول مثل ما يقول المؤذن على أنه ذاكر اللّٰه لا مؤذن فإن القائل مثل المؤذن لا يقال فيه إنه مؤذن إنما هو ذاكر بصفة الأذان فهذا يقول بالأذان في نفس الخطبة و يكتفي بقرينة حال قصد الناس عرفة في ذلك اليوم ليس لهم شغل إلا الاهتمام بالأفعال التي تلزمهم في ذلك اليوم فمنها استماع الخطبة و الصلاة فأغنى عن الأذان الذي هو الإعلام إلا أن يقصد أعلاما بدخول وقت الصلاة لمن يجهل ذلك فيكون أذانا بذكر

[ذكر الموفقين من العلماء بالله]

فإن الذكر في طريق اللّٰه لا يختص بالقول فقط بل تصرف العبد إذا رزق التوفيق في جميع حركاته لا يتحرك إلا في طاعة اللّٰه تعالى من واجب أو مندوب إليه و يسمى ذلك ذكر اللّٰه أي لذكره في ذلك الفعل أنه لله بطريق القربة سمي ذكرا

قالت عائشة عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إنه كان يذكر اللّٰه على كل أحيانه فعمت جميع أحواله في يقظة و نوم و حركة و سكون تريد أنه ما تصرف و لا كان في حال من الأحوال إلا في أمر مقرب إلى اللّٰه لأنه جليس الذاكرين له فجميع الطاعات كلها من فعل و ترك إذا فعلت أو تركت لإجل اللّٰه فذلك من ذكر اللّٰه أي اللّٰه ذكر فيها و من أجله فعلت أو تركت على حكم ما شرع فيها و هذا هو ذكر الموفقين من العلماء بالله

[الفرق بين صلاة الجمعة و الصلاة في عرفة]

و أجمع العلماء على إن الإمام لو لم يخطب يوم عرفة قبل الصلاة إن صلاته جائزة بخلاف الجمعة فهذا فرق بين الجمعة و بين الصلاة في عرفة هذا هو ما فعل النبي صلى اللّٰه عليه و سلم و إنما خطب قبل الصلاة كما أجمعوا على إن القراءة في هذه الصلاة سر لا جهر بخلاف الجمعة

[الخطيب في يوم عرفة مذكر الحق في قلب العبد]

فالخطيب في هذا اليوم مذكر الحق في قلب العبد و واعظه و جوارحه كالجماعة الحاضرين سماع تلك الخطبة فهو يحرضهم على طاعة اللّٰه و يعرفهم أن اللّٰه ما دعاهم إلى هذا الموطن للوقوف بين يديه إلا تذكرة لقيام الناس يوم القيامة لرب العالمين و يعرفهم أن اللّٰه يأتيهم في هذا اليوم بخلاف إتيانه يوم القيامة فإن ذلك الإتيان إنما هو للفصل و القضاء و تميز الفرق بعضها من بعض بسيماهم و اليوم إتيانه للواقفين في هذا الموطن إتيان بمغفرة و رحمة و فضل و إنعام ينال ذلك الفضل الإلهي في هذا اليوم من هو أهله يعني المحرمين بالحج و من ليس من أهله ممن شاركهم في الوقوف و الحضور في ذلك اليوم و ليس بحاج فحكمهم كالجليس مع القوم الذين لا يشقى جليسهم قال تعالى للملائكة في أهل مجالس الذكر فيمن جاء لحاجة له لا للذكر إنهم القوم لا يشقى جليسهم فعمتهم مغفرة اللّٰه و رضوانه و ضاعف اللّٰه للمحرمين من حيث إنهم أهل ذلك الموقف ما تستحقه الأهلية هذا كله و أمثاله يشعر العبد به نفسه كما ينبغي للخطيب أن بذكر الناس بمثل هذا الفضل الإلهي لتكون عبادتهم في ذلك اليوم شكر اللّٰه تعالى و ينسون ما هم فيه من الشعث و التعب في جنب ما حصل لهم من اللّٰه

[صلاة العارفين جمعا بعرفة]

ثم يقومون للصلاة بعد الفراغ من الخطبة فيصلون في ذلك الموطن صلاة من هو بعرفة في حال كونهم شعثا غبرا عرايا من المخيط حاسرين عن رءوسهم واقفين على أقدامهم بين يدي رب عظيم فيصلون في ذلك اليوم جمعا صلاة العارفين كما قلنا

صلاة العارفين لها خشوع و مسكنة و ذل و افتقار
و فاعلها وحيد في شهود عليه في شهادته اضطرار

[الذكر النفسي إشعار لتحقيق الذاكر بالحق]

و لما كانت حالته في هذا اليوم خاصة به بينه و بين ربه في صلاته تعين عليه أن تكون قراءته سرا و هو الذكر النفسي إشعارا لتحققه بالحق في ذلك الموطن فإنه إذا ذكره في نفسه و القرآن ذكر ذكره الحق في نفسه من حيث لا يشعر العبد بأن اللّٰه ذكره فإن اللّٰه إذا ذكره في نفسه فذكره في حضرة أزلية لا حدوث فيها فكان للعبد بهذا الذكر قدم في الأزل حيث أحضره الحق في نفسه بالذكر فإنه إذا ذكره في ملأ فقد ذكره في حضرة حدوث و الحدوث صفة العبد فما زاد منزلة بذلك إلا كونه ذكرا خاصا و موطن عرفة عظيم فكانت القراءة فيه في الصلاة نفسية لتحصل هذه المنزلة في ذلك اليوم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 713
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست