responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 698

مسموع و أمره مطاع حين أبي غيره و امتنع ممن سمع الدعاء

[نسبة الأعمال إلى العمال و فناؤهم عن رؤيتها]

و ربما يدخل في هذا من يقول بالتراخي مع الاستطاعة و الأولى بكل وجه المبادرة عند الاستطاعة و ارتفاع الموانع فجعل قوله تعالى يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوٰانٍ في مقابلة هذه البشرى بالإجابة جزاء و قال لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ جزاء أيضا مؤكدا لبشراهم بإجابة داعي الحق بالعبادات فقالوا لبيك أي إجابة لك لما دعوتنا إليه و خلقتنا له فلم يرجع داعي الحق خائبا ثم حققوا الإجابة بما فعلوه مما كلفوه على حد ما كلفوه من نسبة الأعمال إليهم و فنائهم عن رؤيتها منهم برؤية مجريها على أيديهم و منشئها فيهم فهم عمال لأعمال كذا هو الأمر في الحقيقة اطلع العباد على ذلك أو لم طلعوا فشرف العالم بالاطلاع على من لم يطلع و فضل عليه يَرْفَعِ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ وَ اللّٰهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ وَ اللّٰهُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ

(وصل في فصل المكي يحرم بالعمرة دون الحج)

فإن العلماء ألزموه بالخروج إلى الحل و لا أعرف لهم حجة على ذلك أصلا و اختلفوا إذا لم يخرج إلى الحل فقيل عليه دم و قيل لا يجزيه و وقفت على ما احتجوا به في ذلك فلم أره حجة فيما ذهبوا إليه و الذي أذهب إليه في هذه المسألة أن المكي يجوز له أن يحرم من بيته بالعمرة كما يحرم بالحج سواء و يفعل أفعال العمرة كلها من طواف و سعى و حلق أو تقصير و يحل و لا شيء عليه جملة واحدة

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما وقت المواقيت لمن أراد الحج و العمرة و لم يفرق بين حج و لا عمرة قال ميقات أهل مكة من مكة و ما يلزم من الأفعال في نسك العمرة فعل و ما يلزم من نسك الحج فعل و ما خصص رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قط الجمع بين الحل و الحرم و إنما شرع ذلك للآفاقى لا للمكي فقال لعبد الرحمن بن أبي بكر اخرج بعائشة إلى التنعيم من أجل أن تحرم بالعمرة مكان عمرتها التي رفضتها حين حاضت و عائشة آفاقية و هذا هو دليل العلماء فيما ذهبوا إليه و هو دليل في غاية الضعف لا يحتج بمثل هذا على المكي

[المكي هو في حرم اللّٰه أي موجود في عين القرب من اللّٰه]

و الأوجه في تمشية الحكمة في المكي أن لا يخرج إلى الحل إذا أحرم بالعمرة فإنه في حرم اللّٰه تعالى فهو في عبودية مشاهدة قد منعه الموطن أن يكون غير عبد ثم أكد تلك العبودية بالإحرام فهو إحرام في حرم تأكيد للعبودية و إجلال للربوبية فإذا خرج إلى الحل نقص عن هذه الدرجة و المطلوب الزيادة في الفضل أ لا ترى الآفاقي لما خرج إلى الحل هناك أحرم فلم يكن المطلوب منه في خروجه أن يبقى على إحلاله ثم دخل في الحرم محرما فزاد فضلا على فضل فكان المطلوب الزيادة فالمكي في حرم اللّٰه أي موجود في عين القرب من اللّٰه بالمكان فلما ذا يخرج و القرب بيته و موطنه حاشا الشارع أن يرى هذا و كذلك ما قاله و لا رآه و لا أمر به

[لا بد للمحرم الآفاقى بين الحل و الحرم]

و الآفاقي لما كان همه متعلقا بوطنه الخارج عن الحرم كان خروجه إلى الحل من أجل الإحرام بالعمرة كالعقوبة له لما كانت الهمة به متعلقة فإنه في نية المفارقة لحرم اللّٰه و طلب موطنه الخارج عنه فخرج من الأفضل إلى ما هو دونه و أين جار اللّٰه ممن ليس بجار له و اللّٰه قد وصى بالجار حتى

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه يعني يلحقه بالقرابة أصحاب السهام في الورث و كذلك في الحج و اتفق من نسك الحج الوقوف بعرفة و عرفة في الحل و ما ورد عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه ما شرع الوقوف بعرفة إلا لكونها في الحل و لا بد للمحرم أن يجمع بين الحل و الحرم ما تعرض الشارع إلى شيء من ذلك و لو كان مقصوده لأبان عنه و ما ترك الناس في عماية بل بين صلى اللّٰه عليه و سلم في المواقيت ما ذكرناه فوصف المناسك و عينها و أحوالها و أماكنها و أزمانها فالله يلهمنا رشد أنفسنا و يجعلنا ممن اتبع و تأسى آمين بعزته وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(وصل في فصل متى بقطع الحاج التلبية)

فمن قائل إذا زاغت الشمس من يوم عرفة و هو عند الزوال و من قائل حتى يرمي جمرة العقبة كلها و من قائل حين يرمي أول حصاة من جمرة العقبة و قد تقدم قولنا في ذلك و هو أنه ما بقي عليه فعل من أفعال الحج فلا يقطع التلبية حتى يفرغ منه فإن اللّٰه يدعوه ما بقي عليه فعل من أفعال الحج فالإجابة لازمة و ما ثم نص من النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك فإنه غاية ما وصل إلينا أن الواحد ما سمعه يلبي بعد ما زاغت الشمس و الآخر ما سمعه يلبي حين رمى أول حصاة من جمرة العقبة و الآخر ما سمعه يلبي بعد آخر رميه حصاة من آخر جمرة العقبة فصدق كل واحد منهم في أنه ما سمع مثل قولهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 698
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست