responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 697

من النبي صلى اللّٰه عليه و سلم الصلاة في ذلك و السنة أحق بالاتباع فإنه لهذا سنت و

قد قال خذوا عني مناسككم في حجه صلى اللّٰه عليه و سلم

[الصلاة و الحج و العمرة عبادات بين طرفى تحريم و تحليل]

إنما شرع الإحرام أثر صلاة لأن الصلاة عبادة بين طرفي تحريم و تحليل فتحريمها التكبير و تحليلها التسليم فأشبهت الحج و العمرة فإنهما عبادتان بين طرفي تحريم و تحليل فوقعت المناسبة و لأن الصلاة أيضا أثبت الحق فيها نفسه و عبده على السواء فجعل لنفسه منها أمرا انفرد به و جعل لعبده منها حظا أفرده به و جعل منها برزخا أوقع فيه الاشتراك بينه و بين عبده فإنها عبادة مبنية على أقوال و أفعال و الحج كذلك ينبني على أقوال و أفعال فما فيه من التعظيم فهو لله و من الذلة و الافتقار و التفث فهو للعبد و ما فيه مما يظهر فيه اشتراك فهو برزخ فوقعت المناسبة أيضا فيه أكثر من غيره من العبادات فإن الصوم و إن كان بين طرفي تحريم و تحليل فما يشتمل على أقوال و لا على أفعال

[المناسبة بين الحج و الصلاة و النكاح]

ثم إن كان لك أهل في موضع إحرامك فينبغي لك إذا أردت الإحرام أن تطأ أهلك فإن ذلك من السنة ثم تغتسل و تصلي و تحرم فإن المناسبة بين الحج و الصلاة و النكاح كون كل واحد من هذه العبادات بين طرفي تحريم و تحليل و قد راعى اللّٰه ذلك أعني المناسبة من هذا الوجه في الصلاة و النكاح فقال حٰافِظُوا عَلَى الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلاٰةِ الْوُسْطىٰ الآيتين و جعل هذه الآية بين آيات نكاح و طلاق تتقدمها و تتأخر عنها و عدة وفاة و في ظاهر الأمر أن هذا ليس موضعها و ما في الظاهر وجه مناسب للجمع بينها و بين ما ذكرنا إلا كونهما بين طرفي تحريم و تحليل متقدم أو متأخر

[الإنسان بربه فينبغي أن يكون لربه في جميع حركاته و سكناته]

و لما أراد اللّٰه من العبد فيما نبهه به أن لا يفعل شيئا من الأفعال الصادرة منه في ظاهر الأمر إلا و هو يعلم أن اللّٰه هو الفاعل لذلك الفعل في

قوله كنت سمعه و بصره فبي يسمع و بي يبصر و بي يتحرك و

قال في الصلاة إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فنسب القول إليه لا إلى العبد و لم يقل بلسان عبده فلهذا شرع الإحرام عقيب صلاة لينتبه الإنسان بما ذكرناه أنه بربه في جميع حركاته و سكناته على اختلاف أحكامها فيكون في عبادة دائما بهذا الحضور و يكون فيها لا فيها

فالله أظهر نفسه بحقائق الأكوان في أعيانها فاعبده به
إن كنت تعبده فلست بعابد فانظر إلى قولي لعلك تنتبه

[الإحرام للعبد نظير التنزيه للحق]

و تفطن فإن اللّٰه ما قال لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ سدى بل قال ذلك لتعرف أنت و أمثالك صورة الأمر كيف هو فالإحرام للعبد نظير التنزيه للحق و هو قولك في حق الحق ليس كذا و ليس كذا لكونه قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ و العزة الامتناع و التسبيح تنزيه و التنزيه بعد عما نسب إليه من الصاحبة و الولد و غيرهما و الإحرام منع و تنزيه و بعد عن الجماع و عن أشياء قد عين الشارع اجتنابها و هو عين التنزيه و التباعد عنها و منع صاحب هذه العبادة من الاتصاف بها

(وصل في فصل نسبة المكان إلى الحج من ميقات الإحرام)

أي من أي مكان أحرم عليه السلام فمنهم من قال من مسجد ذي الحليفة و منهم من قال حين استوت به راحلته و منهم من قال حين أشرف على البيداء و كل قال و أخبر عن الوقت الذي سمعه فيه يهل فمنهم من سمعه يهل عقيب الصلاة من المسجد ثم سمعه آخر يهل حين استوت به راحلته ثم سمعه آخر يهل حين أشرف على البيداء و قال علماء الرسوم في المكي إذا أحرم لا يهل حتى يأخذ في الرواح إلى منى و الأولى عندي أن يهل عقيب الصلاة إذا أحرم ثم إذا أخذ في الرواح ثم لا يزال يهل إلى الوقت المشروع الذي يقطع عنده التلبية لأن الدعاء كان لجميع أفعال الحج فالتلبية إجابة لذلك الدعاء فما بقي فعل من أفعال الحج أمامه لم يفعله فلا يقطع التلبية حتى يفرغ من أفعال الحج الذي دعاه إلى فعلها هذا يقتضي النظر إلا أن يرد نص من الشارع بتعيين وقت قطع التلبية فيقف عنده

لقوله صلى اللّٰه عليه و سلم خذوا عني مناسككم

[الدعاء طلب للقرب من حكم العبد]

و لما كان الدعاء عند أهل اللّٰه نداء على رأس البعد و بوح بعين العلة فإن الإجابة تؤذن في الحال بالبعد فكان النداء طلبا للقرب من حكم هذا البعد فالإجابة مقدمة بشرى من العبد للحق يبشره بالإجابة لما دعاه إليه من كونه يتجلى في صورة تعطي هذه النسب و إن كانت السعادة للعبد في تلك الإجابة و لكن ما خلق اللّٰه الجن و الإنس إلا ليعبدوه : فدعاهم لما خلقهم له و لما كان في الإمكان الإجابة و عدم الإجابة لذلك كانت الإجابة بشرى للداعي أن دعاءه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 697
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست