responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 680

فافهم فما هلك امرؤ عرف قدره فقد بان لك شأن المرأة من شأن الرجل و أنهما و إن افترقا من وجه فهما يجتمعان من وجه

(وصل في فصل اختلاف العلماء في المحرم إذا لم يجد غير السراويل هل له لباسها)

فمن قائل لا يجوز له لباسها فإن لبسها افتدى و من قائل يلبسها إذا لم يجد إزارا

[صفات المعاني ليست بأعيان زائدة على الذات]

اعلم أن الإزار و الرداء لما لم يكونا مخيطين لم يكونا مركبين و لهذا وصف الحق نفسه بهما لعدم التركيب إذ كان كل مركب في حكم الانفصال و هذا سبب وجوب قول القائل بأن صفات المعاني الإلهية ليست بأعيان زائدة على الذات مخافة التركيب و نزع مثبتوها زائدة إلى أن يقولوا فيها لا هي هو و لا هي غيره لما في التركيب من النقص إذ لو فرض انفصال المتصل لصح و لم يكن محالا من وجه انفصاله و إنما يستحيل ذلك إذا استحال لاتصافه بالقدم الذي هو نفي الأولية و القديم لا شك أنه يستحيل أن ينعدم بالبرهان العقلي فإذا فرضنا عدم صفات المعاني التي بوجودها يكون كمال الموصوف ظهر نقص الموصوف و إن كان فرض محال لاستحالة عدم القديم و اللّٰه يقول لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا و هذا بطريق فرض المحال و الحق كامل الذات فاجعل بالك

[المحرم تلبس بصفة حسية هي للحق معنوية]

يقول تعالى الكبرياء ردائي و العظمة إزاري فهذا إحرام إلهي فإنه ذكر ثوبين ليسا بمخيطين فالحق سبحانه المحرم من الرجال بما وصف به نفسه و لم يفعل ذلك بالمرأة و لا أيضا حجر ذلك عليها فإنها قد تكمل في ذلك كما يكمل الرجال فلو لبسته المرأة لكان أولى بها عندنا فالمحرم قد تلبس بصفة هي للحق معنوية و في الخلق حسية هي في الحق كبرياء و عظمة و في الخلق رداء و إزار كما تلبس الصائم بصفة هي للحق و لهذا جعل في قواعد الإسلام مجاورا له و إن كان في الحقيقة وجود العظمة و الكبرياء إنما محلهما ظاهر العبد لا قلبه فقد تكون العظمة و الكبرياء حال الإنسان لا صفته و لو اتصف بها هلك جهلا و إذا كانتا حالا له في موطنهما نجا و سعد و شكر له ذلك فأول درجة هذه العبادة إن ألحق المتلبس بها من عباده بربه في التنزيه عن الاتصاف بالتركيب فتلبس بالكمال في أول قدم فيها و لهذا لا نجوز نحن للمحرم أن يلبس شيئا من المخيط و لا يغطي رأسه إلا لضرورة من أذى يلحقه لا يندفع ذلك الأذى إلا بلباس ما حجر عليه و إما إن فعله لغير أذى فما تلبس بالعبادة و لا حج و لا يفدي إلا من لبس ذلك من أذى و الأذى في الجناب الإلهي أن ينسب إلى التركيب لما فيه من النقص قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ فوصف نفسه بأنه يؤذي و جعل له هذا الأذى الاسم الصبور

فلا أحد أصبر على أذى من اللّٰه لقدرته على الأخذ عليه فلا يؤاخذ و يمهل

[لبس السراويل هو ستر العورة التي هي محل السر الإلهي]

فالعبد إذا لم يقمه اللّٰه في مقام شهود العظمة التي هي الإزار و أقيم في مقام الإدلال فانبسط على الحق و هذا موجود في الطريق و قد وردت به الأخبار النبوية في عجوز موسى و غيره لبس السراويل ستر للعورة التي هي محل السر الإلهي و ستر للاذى لأنهما محل خروج الأذى أيضا فتأكد سترهما بما يناسبهما و هو السراويل و السراويل أشد في السترة للعورة من الإزار و القميص و غيره لأن الميل عن الاستقامة عيب فينبغي ستر العيب و لهذا سميت عورة لميلها فإن لها درجة السر في الإيجاد الإلهي و أنزلها الحق منزلة القلم الإلهي كما أنزل المرأة منزلة اللوح لرقم هذا القلم فلما مالت عن هذه المرتبة العظمى و المكانة الزلفى إلى أن تكون محلا لوجود الروائح الكريهة الخارجة منهما من أذى الغائط و البول و جعلت نفسها طريقا لما تخرجه القوة الدافعة من البدن سميت عورة و سترت لأنها ميل إلى عيب فالتحقت بعالم الغيب و انحجبت عن عالم الشهادة فبالسراويل لا تشهد و لا تشهد فالسراويل أستر في حقها و لكن رجح الحق الإزار لأنه خلق العبد للتشبه به لكونه خلقه على صورته

(وصل في فصل لباس المحرم الخفين)

فمن قائل و هو الأكثر إن المحرم يلبس الخفين إذا لم يجد النعلين و ليقطعهما أسفل من الكعبين و من قائل يلبسهما و لا يقطعهما و علل عطاء قطعهما بأنه فساد و اللّٰه لا يحب الفساد و مطلق حديث ابن عباس إن الخفين لمن لم يجد النعلين عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يذكر قطعهما و به قال أحمد و عطاء

[مراعاة التنزيه و مراعاة ظهور ما أظهره الحق]

القدم صفة إلهية وصف الحق بها نفسه و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فمن راعى التنزيه و أدركته الغيرة على الحق في نزوله لما هو من وصف العبد المخلوق قال بلباس الخف غير

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 680
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست