responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 679

>(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

[وصل حال المرأة يخالف حال الرجل في أكثر أحكام الحج]

و اعلم أيضا أن المرأة إنما خالفت الرجل في أكثر الأحكام في الحج لأنها جزء منه و إن اجتمعا في الإنسانية و لكن تميزا بأمر عارض عرض لهما و هو الذكورية للرجل و الأنوثة للمرأة

[محبة الرجل للمرأة و محبة المرأة للرجل]

و خلقت منفعلة عنه ليحن إليها حنين من ظهرت سيادته بها فهو يحبها محبة من أعطاه درجة السيادة و هي تحن إليه و تحبه حنين الجزء إلى الكل و هو حنين الوطن لأنه وطنها مع ما يضاف إلى ذلك من كون كل واحد موضعا لشهوته و التذاذه و قد تبلغ المرأة في الكمال درجة الرجال و قد ينزل الرجل في النقص إلى ما هو أقل من درجة النقص الذي للمرأة و قد يجتمعان في أحكام من العبادات و يفترقان

[الغالب فضل عقل الرجل على عقل المرأة]

غير أن الغالب فضل عقل الرجل على عقل المرأة لأنه عقل عن اللّٰه قبل عقل المرأة لأنه تقدمها في الوجود و الأمر الإلهي لا يتكرر فالمشهد الذي حصل للمتقدم لا سبيل أن يحصل للمتأخر لما قلنا من أنه تعالى لا يتجلى في صورة مرتين و لا لشخصين في صورة واحدة للتوسع الإلهي و هذه هي الدرجة التي يزيد بها الرجل على المرأة و أين الكل من الجزء و إن لحقه في الكمال و لكنه كمال خاص كما لحق بعض أعضاء الإنسان إذا قطع في الدية تلف الإنسان في كمالها و بعض الأعضاء على النصف من ذلك و أقل فما كل جزء يلحق بالكل في كل الدرجات

[خلق الرجل و خلق المرأة]

فحرم المخيط على الرجل في الإحرام و لم يحرم على المرأة فإن الرجل و إن كان خلق من مركب فهو من البسائط أقرب فهو أقرب الأقربين و المرأة خلقت من مركب محقق فإنها خلقت من الرجل فبعدت من البسائط أكثر من بعد الرجل و المخيط تركيب فقيل لها ابقي على أصلك و قيل للرجل ارتفع عن تركيبك فأمر بالتجرد عن المخيط ليقرب من بسيطه الذي لا مخيط فيه و إن كان مركبا فإنه ثوب منسوج و لكنه أقرب إلى الهباء منه من القميص و السراويل و كل مخيط و الهباء بسيط فما قرب منه عومل بمعاملته و ما بعد عنه تميز في الحكم عن القريب

[خلق البنون من امتزاج الأبوين لا من واحد منهما]

ثم إن الرجل و هو آدم خلق على صورته و خلقت حواء على صورة آدم و خلق البنون من امتزاج الأبوين لا من واحد منهما بل من المجموع حسا و وهما فكان استعداد الأبناء أقوى من استعداد الأبوين لأن الابن جمع استعداد الاثنين فكمال الابن الكامل أعظم من كمال الأب و لهذا اختص محمد صلى اللّٰه عليه و سلم بالكمال الأتم لكونه ابنا و كل ابن في النشأة له هذا الكمال غير أنهم في الكمال يتفاضلون لأجل الحركات العلوية و الطوالع النورانية و الاقترانات السعادية فما كل ابن له هذا الكمال الثاني الزائد على نشأته فهذه دقيقة أخرى يعطيها الوجه الخاص الإلهي في التجلي للسبب الذي يكون عنه هذا الابن يعين ذلك الوجه اسم إلهي يكون في الكمال الإحاطي أكمل من غيره من الأسماء كالعالم فإنه أتم في الإحاطة من سائر الأسماء بما لا يتقارب

[خلق عيسى و آدم و حواء]

فمن كان ذا أب و أم و اسم إلهي إحاطي خاص رفيع الدرجات كان أكمل ممن كان ذا أب و أم و اسم إلهي دونه في الإحاطة و الدرجة و من كان عن أم و أب متوهم مثالي أشبه جده لأمه إذ لا أب له مثل عيسى عليه السلام فصفته صفة جده آدم في صدوره عن الأمر بذا ورد التعريف الإلهي فقال إِنَّ مَثَلَ عِيسىٰ عِنْدَ اللّٰهِ كَمَثَلِ آدَمَ أي الاسم الإلهي الذي وجد عنه آدم وجد عنه عيسى خَلَقَهُ مِنْ تُرٰابٍ الضمير يعود على آدم فعيسى أخ لحواء و هو ابن بنتها و من كان عن أب دون أم قصر عن درجة أبيه كحواء خلقت من القصيري فقصرت و عوجها استقامتها فانحناؤها حنوها على أبنائها و على ما له من الخزائن مثل انحناء الأضلاع على ما في الجوف من الأحشاء و الأمعاء المختزنة فيه لصلاح صاحبه فاعوجاجها عين استقامتها التي أريدت له و لهذا اعوجاج القوس عين استقامته فإن رمت أن تقيمه على الاستقامة الخطية المعلومة كسرته فلم تبلغ أنت بالاستقامة التي تطلبها منه غرضك الذي تؤمله و هذا لجهلك بالاستقامة اللائقة به

[ما في العالم إلا مستقيم عند العلماء بالله]

فما في العالم إلا مستقيم عند العلماء بالله الواقفين على أسرار اللّٰه في خلقه فإنه قد بين لنا ذلك في قوله تعالى أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ و هو عين كمال ذلك الشيء فما نقصه شيء و سبب ذلك كوننا مخلوقين على من له الكمال المطلق فأشبهنا في التقييد بإطلاقه فإن الإطلاق تقييد بلا شك إذ به يميز عن المقيد فما يصدر عن الكامل شيء إلا و ذلك على كماله اللائق به فما في العالم ناقص أصلا و لو لا الأعراض التي تولد الأمراض لتنزه الإنسان في صورة العالم كما يتنزه العالم و يتفرج فيه فإنه بستان الحق و الأسماء ملاكه بالاشتراك فكل اسم له فيه حصة فهذا الذي تعطيه الحقائق فالكمال للأشياء وصف ذاتي و النقص أمر عرضي و له كمال في ذاته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 679
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست