responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 668

حيث إن القلب وسع الحق و الأسماء تطلب مسماها فلا بد لها أن تقصد مسماها فتقصد البيت الذي ذكر أنه وسعه السعة التي يعلمها سبحانه و إنما تقصده لكونها كانت متوجهة نحو الأحوال التي تطلبها من الأكوان فإذا أنفذت حكمها في ذلك الكون المعين رجعت قاصدة تطلب مسماها فتطلب قلب المؤمن و تقصده فلما تكرر ذلك القصد منها سمي ذلك القصد المكرر حجا كما يتكرر القصد من الناس و الجن و الملائكة للكعبة في كل سنة للحج الواجب و النفل و في غير زمان الحج و حاله يسمى زيارة لا حجا و هو العمرة و العمرة الزيارة و تسمى حجا أصغر لما فيها من الإحرام و الطواف و السعي و أخذ الشعر أو منه و الإحلال و لم تعم جميع المناسك فسميت حجا أصغر بالنظر إلى الحج الأكبر الذي يعم استيفاء جميع المناسك و لهذا يجزئ القارن بينهما طواف واحد و سعى واحد لمسمى الحج لها و هكذا فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في قرانه في حجة وداعه التي

قال فيها خذوا عني مناسككم

[الزور العام في الآخرة بمنزلة الحج في الدنيا]

و هكذا الحكم في الآخرة في الزور العام هو بمنزلة الحج في الدنيا و حج العمرة هو بمنزلة الزور الذي يخص كل إنسان فعلى قدر اعتماره تكون زيارته لربه و الزور الأعم في زمان خاص للزمان الخاص الذي للحج و الزور الأخص الذي هو العمرة لا يختص بزمان دون زمان فحكمها أنفذ في الزمان من الحج الأكبر و حكم الحج الأكبر أنفذ في استيفاء المناسك من الحج الأصغر ليكون كل واحد منهما فاضلا مفضولا لينفرد الحق بالكمال الذي لا يقبل المفاضلة و ما سوى اللّٰه ليس كذلك حتى الأسماء الإلهية و هم الأعلون يقبلون المفاضلة و قد بينا ذلك في غير موضع و كذلك المقامات و الأحوال و الموجودات كلها فالزيارة الخاصة التي هي العمرة مطلقة الزمان على قدر مخصوص

[ما يختص من الأفعال الظاهرة المشروعة]

و سأذكر إن شاء اللّٰه ما يختص بهذا الباب من الأفعال الظاهرة المشروعة في العموم و الخصوص على ألسنة علماء الرسوم بالظواهر و النصوص و ما يختص أيضا بها من الاعتبارات في أحوال الباطن بلسان التقريب و الاختصار و الإشارة و الإيماء كما عملنا فما تقدم من العبادات وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و فَلَوْ شٰاءَ لَهَدٰاكُمْ أَجْمَعِينَ و لكن اللّٰه فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ

(وصل في فصل وجوب الحج)

لا خلاف في وجوبه بين علماء الإسلام قال تعالى وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فوجب على كل مستطيع من الناس صغير و كبير ذكر و أنثى حر و عبد مسلم و غير مسلم

[الأحكام يتوقف قبول فعلها على وجود الإسلام]

و لا يقع بالفعل إلا بشروط له معينة فإن الايمان و الإسلام واجب على كل إنسان و الأحكام كلها الواجبة واجبة على كل إنسان و لكن يتوقف قبول فعلها أو فعلهما من الإنسان على وجود الإسلام منه فلا يقبل تلبسه بشيء منها إلا بشرط وجود الإسلام عنده فإن لم يؤمن أخذ بالواجبين جميعا يوم القيامة وجوب الشرط المصحح لقبول هذه العبادات و وجوب المشروط التي هي هذه العبادات

[القائم مقام البيت و القائم مقام خادم البيت]

و قرئ بكسر الحاء و هو الاسم و بفتحها و هو المصدر فمن فتح وجب عليه أن يقصد البيت ليفعل ما أمره اللّٰه به أن يفعله عند الوصول إليه في المناسك التي عين اللّٰه له أن يفعلها و من قرأ بالكسر و أراد الاسم فمعناه أن يراعي قصد البيت فيقصد ما يقصده البيت و بينهما بون بعيد فإن العبد بفتح الحاء يقصد البيت و بكسرها يقصد قصد البيت فيقوم في الكسر مقام البيت و يقوم في الفتح مقام خادم البيت فيكون حال العبد في حجه بحسب ما يقيمه فيه الحق من الشهود و اللّٰه المرشد و الهادي لا رب غيره

[اطلبونى في قلوب العارفين بى]

و لما كان قصد البيت قصدا حاليا لأنه يطلب بصورته الساكن فلله على الناس أن يجعلوا قلوبهم كالبيت تطلب بحالها أن يكون الحق ساكنها كما قال اطلبوني في قلوب العارفين بي فهذا معنى الكسر فيه و هو الاستعداد بالصفة التي ذكر اللّٰه إن القلب يصلح له تعالى بها و من فتح فوجب عليه أن يطلب قلبه ليرى فيه آثار ربه فيعمل بحسب ما يرى فيه من الآثار الإلهية و هذا حال غير ذلك فبالكسر يقصد اللّٰه و بالفتح يقصد القلب لما ذكرناه

(وصل في فصل شروط صحة الحج)

لا خلاف إن من شرط صحته الإسلام إذ لا يصح ممن ليس بمسلم الإسلام الانقياد إلى ما دعاك الحق إليه ظاهرا و باطنا على الصفة التي دعاك أن تكون عليها عند الإجابة فإن جئت بغير تلك الصفة التي قال لك تجيء بها فما أجبت دعاء الاسم الإلهي الذي دعاك و لا أنقدت إليه

[هل الدعوة من اللّٰه تقع على ذات العبد أو على صفته]

و هنا علم دقيق و هل الدعوة كانت من اللّٰه على المجموع و هو عينك و عين الصفة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 668
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست