responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 666

هذا الثناء نواب عن الحق يثنون عليه بكلامه الذي أنزله عليهم و هم أهل اللّٰه بنص رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فإنهم أهل القرآن و أهل القرآن هم أهل اللّٰه و خاصته فهم نائبون عنه في الثناء عليه فلم يشب ثناءهم استنباط نفسي و لا اختيار كوني و لا أحدثوا ثناء من عندهم فما سمع من ثنائهم إلا كلامه الذي أثنى به على نفسه فهو ثناء إلهي قدوس طاهر نزيه عن الشوب الكوني قال تعالى لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ فأضاف الكلام إليه لا إلى نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم

[قلب ولى اللّٰه بيت كريم و حرم عظيم]

و لما جعل اللّٰه تعالى قلب عبده بيتا كريما و حرما عظيما و ذكر أنه وسعه حين لم يسعه سماء و لا أرض علمنا قطعا إن قلب المؤمن أشرف من هذا البيت و جعل الخواطر التي تمر عليه كالطائفين و لما كان في الطائفين من يعرف حرمة البيت فيعامله في الطواف به بما يستحقه من التعظيم و الإجلال و من الطائفين من لا يعرف ذلك فيطوفون به بقلوب غافلة لاهية و ألسنة بغير ذكر اللّٰه ناطقة بل ربما يطوفون بفضول من القول و زور و كذلك الخواطر التي تمر على قلب المؤمن منها مذموم و منها محمود و كما كتب اللّٰه طواف كل طائف للطائف به على أي حالة كان و عفا عنه فيما كان منه كذلك الخواطر المذمومة عفا اللّٰه عنها ما لم يظهر حكمها على ظاهر الجوارح إلى الحس و كما إن في البيت يمين اللّٰه للمبايعة الإلهية ففي قلب العبد الحق سبحانه من غير تشبيه و لا تكييف كما يليق بجلاله سبحانه حيث وسعه و أين مرتبة اليمين منه على الانفراد منه سبحانه ففيه اليمين المسمى كلتا يديه فهو أعظم علما و أكثر إحاطة فإنه محل لجميع الصفات و ارتفاعه بالمكانة عند اللّٰه لما أودع اللّٰه فيه من المعرفة به

[أركان البيت و خواطر القلب]

ثم إن اللّٰه تعالى جعل لبيته أربعة أركان لسر إلهي و هي في الحقيقة ثلاثة أركان لأنه شكل مكعب الركن الواحد الذي يلي الحجر كالحجر في الصورة مكعب الشكل و لا جل ذلك سمي كعبة تشبيها بالكعب فإذا اعتبرت الثلاثة الأركان جعلتها في القلب محل الخاطر الإلهي و الركن الآخر ركن الخاطر الملكي و الركن الثالث ركن الخاطر النفسي فالإلهي ركن الحجر و الملكي الركن اليمني و النفسي المكعب الذي في الحجر لا غير و ليس للخاطر الشيطاني فيه محل و على هذا الشكل قلوب الأنبياء مثلثة الشكل على شكل الكعبة

[الركن الرابع للبيت و الخاطر الرابع للقلب]

و لما أراد اللّٰه ما أراد من إظهار الركن الرابع جعله للخاطر الشيطاني و هو الركن العراقي فيبقى الركن الشامي للخاطر النفسي و إنما جعلنا الخاطر الشيطاني للركن العراقي لأن الشارع شرع أن يقال عنده أعوذ بالله من الشقاق و النفاق و سوء الأخلاق و بالذكر المشروع في كل ركن تعرف مراتب الأركان و على هذا الشكل المربع قلوب المؤمنين و ما عدا الرسل و الأنبياء المعصومين ليميز اللّٰه رسله و أنبياءه من سائر المؤمنين بالعصمة التي أعطاهم و ألبسهم إياها فليس لنبي إلا ثلاثة خواطر إلهي و ملكي و نفسي و قد يكون ذلك لبعض الأولياء الذين لهم جزء وافر من النبوة كسليمان الدنبلي لقيته و هو ممن له هذا الحال فأخبرني عن نفسه أن له بضعا و خمسين سنة ما خطر له خاطر قبيح و لأكثر الأولياء هذه الخواطر و زادوا بالخاطر الشيطاني العراقي فمنهم من ظهر عليه حكمه في الظاهر و هم عامة الخلق و منهم من يخطر له و لا يؤثر في ظاهره و هم المحفوظون من أوليائه

[للأولياء الحفظ الإلهي و للأنبياء العصمة]

و لما اعتبر اللّٰه الشكل الأول الذي للبيت جعل له الحجر على صورته و سماه حجرا لما حجر عليه أن ينال تلك المرتبة أحد من غير الأنبياء و المرسلين حكمة منه سبحانه فللأولياء الحفظ الإلهي و لهم العصمة أخبرني بعض الأولياء من أهل اللّٰه و هو عبد اللّٰه بن الأستاذ الموروري أن الشيخ عبد الرزاق أو غيره الشك مني بل غيره بلا شك فإني تذكرته رأى إبليس فقال له كيف حالك مع الشيخ أبي مدين عبد صالح إمام في التوحيد و التوكل كان ببجاية فقال إبليس ما شبهت نفسي فيما نلقي إليه في قلبه إلا كشخص بال في البحر المحيط فقيل له لم تبول فيه قال حتى أنجسه فلا تقع به الطهارة فهل رأيتم أجهل من هذا الشخص كذلك أنا و قلب أبي مدين كلما ألقيت فيه أمرا قلب عينه فأخبر أنه يلقي في قلوب الأولياء و هو الذي ذكرناه و ليس له على الأنبياء سبيل

[مقادير ارتفاع البيت و منازل القلب]

و ارتفاع البيت سبعة و عشرون ذراعا و ذراع التحجير الأعلى فهو ثمانية و عشرون ذراعا كل ذراع مقدار لأمر ما إلهي يعرفه أهل الكشف فهي هذه المقادير نظير منازل القلب التي تقطعها كواكب الايمان السيارة لإظهار حوادث تجري في النفس المضاهي لمنازل القمر و الكواكب السيارة لإظهار الحوادث في العالم العنصري سواء حرفا حرفا و معنى معنى

[الكنز المودع في الكعبة]

و اعلم

أن اللّٰه تعالى قد أودع في الكعبة كنزا أراد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يخرجه فينفقه ثم بدا له في ذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 666
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست