responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 659

الكتاب في نعت السالك الداخل و السالك الخارج أيضا و الفاصل بين السلوكين ليلة الإبدار و هي ليلة النصف من ثمانية و عشرين ليلة الرابع عشر من الشهر المحقق و ليلة السرار منه و النور فيه كامل أبدا فإن له وجهين و التجلي له لازم لا ينفك عنه فأما في الوجه الواحد و إما في الوجهين بزيادة و نقص في كل وجه فله الكمال من ذاته لا بد منه و له الزيادة و النقص من كونه له وجهان فكلما زاد من وجه نقص من وجه آخر و هو هو لحكمة قدرها العزيز العليم

و في كفتي ميزاننا لك عبرة و أنت لسان فيه إن كنت تعقل
إذا رجحت إحداهما طاش أختها و أنت لما فيها تميل و تسفل

[الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم و ينزل]

و جعل سبحانه إضافة الليل إلى القدر دون النهار لأن الليل شبيه بالغيب و التقدير لا يكون إلا غيبا لأنه في نفس الإنسان و النهار يعطي الظهور فلو كان بالنهار لظهر الحكم في غير محله و مناسبه فإن الفعل في الظاهر لا يظهر إلا على صورة ما هو في النفس فخرج من غيب إلى شهادة بالنسبة إلى اللّٰه و من عدم إلى وجود بالنسبة إلى الخلق فهي ليلة يفرق فيها كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فينزل الأمر إليها عينا واحدة ثم يفرق فيها بحسب ما يعطيه من التفاصيل كما تقول في الكلام إنه واحد من كونه كلاما ثم يفرق في المتكلم به بحسب أحوال الذي يتكلم به إلى خبر و استخبار و تقرير و تهديد و أمر و نهي و غير ذلك من أقسام الكلام مع وحدانيته فهي ليلة مقادير الأشياء و المقادير ما تطلب سوانا فلهذا أمرنا بطلب ليلة القدر و هو

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم التمسوها لنستقبلها كما يستقبل القادم إذا جاء من سفره و المسافر إذا جاء من سفره فلا بد له إذا كان له موجود من هدية لأهله الذين يستقبلونه فإذا استقبلوه و اجتمعوا به دفع إليهم ما كان قد استعده به لهم فتلك المقادير فيهم و بذلك فليفرحوا فمنهم من تكون هديته لقاء ربه و منهم من تكون هديته التوفيق الإلهي و الاعتصام و كل على حسب ما أراد المقدر أن يهبه و يعطيه لا تحجير عليه في ذلك

[ليلة القدر دائرة منتقلة في كل الشهور]

و علامتها محو الأنوار بنورها و جعلها دائرة منتقلة في الشهور و في أيام الأسبوع حتى يأخذ كل شهر من الشهور قسطه منها و كذلك كل يوم من أيام الأسبوع كما جعل رمضان يدور في الشهور الشمسية حتى يأخذ كل شهر من الشهور الشمسية فضيلة رمضان فيعم فضل رمضان فصول السنة كلها فلو كان صومنا المفروض بالشهور الشمسية لما عم هذا التعميم و كذلك الحج سواء و كذلك الزكاة فإن حولها ليس بمعين إنما ابتداؤه من وقت حصول المال عند المكلف فما من يوم في السنة إلا و هو رأس حول لصاحب مال فلا تنفك السنة إلا و أيامها كلها محل للزكاة و هي الطهارة و البركة فالناس كلهم في بركة زكاة كل يوم يعم كل من زكى فيه و من لم يزك

[علامة ليلة القدر محو الأنوار كلها بنورها]

و إنما محى نور الشمس من جرم الشمس في صبيحة ليلتها أعلاما بأن الليل زمان إتيانها و النهار زمان ظهور أحكامها فلهذا تستقبل ليلا تعظيما لها فمن فاته إدراكها ليلا فليرقب الشمس فإذا رأى العلامة دعا بما كان يدعو به في الليلة لو عرفها فإن محو نور الشمس لنورها كنور الكواكب مع ظهور الشمس لا يبقى لها نور في العين و بهذا يتقوى مذهب من يجعل الفجر حمرة الشفق لقوله تعالى هِيَ حَتّٰى مَطْلَعِ الْفَجْرِ أي إلى مطلع الفجر فذلك القدر هو الذي يتميز به حد الليل من النهار الفجر الطالع ما هو ذلك الفجر في ليلة القدر من نور الشمس و إنما هو نور ليلة القدر ظهر في حجم الشمس كما إن نور القمر إنما هو نور الشمس ظهر في جرم القمر فلو كان نور القمر من ذاته لكان له شعاع كما هو للشمس و لما كان مستعارا من الشمس لم يكن له شعاع كذلك الشمس لها من نور ذاتها شعاع فإذا محت ليلة القدر شعاع الشمس بقيت الشمس كالقمر لها ضوء في الموجودات بغير شعاع مع وجود الضوء فذلك الضوء نور ليلة القدر حتى تعلو قيد رمح أو أقل من ذلك فحينئذ يرجع إليها نورها

[و ترى الشمس صبيحة ليلة القدر كأنها طاس ليس لها شعاع]

فترى الشمس تطلع في صبيحتها صبيحة ليلة القدر كأنها طاس ليس لها شعاع من وجود الضوء مثل طلوع القمر لا شعاع له و إنما ذكرت لك ذلك لتعلم بأي نور تستنير في صبيحة ليلة القدر فتعلم إن الحكم في الأنوار كلها لمن نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ و أنزل الأنوار ما يفتقر إلى مادة و هو المصباح فإذا أنزل الحق نوره في التشبيه إلى مصباح و هو نور مفتقر إلى مادة تمده و هي الدهن فما هو أعلى منه من الأنوار أقرب إلى التشبيه و أعلى في التنزيه و إنما أعلمنا الحق بذلك و جاء بكاف الصفة في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 659
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست