responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 657

المطلب عن عائشة قالت كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا دخل رمضان شد مئزره فلم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان و

خرج أيضا مسلم عنها أنها قالت كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا دخل العشر تعني العشر الآخر من رمضان أحيا الليل و أيقظ أهله و جد و شد المئزر و قيام الليل عبارة عن الصلاة فيه هذا هو المعروف من قيام الليل في العرف الشرعي و الناس في مناجاة الحق فيه على قسمين فمنهم من يناجيه بالاسم الممسك و هو أيضا من حجاب الاسم رمضان و منهم من يناجيه بالاسم الفاطر و هو أيضا من حجابه و الناس على اختلاف في أحوالهم

[مزاحمة الرحمن و مزاحمة الأكوان]



لو لا مزاحمة الرحمن أعمالي ما زاحمته على التكوين إخواني
يقول كن و حصول الكون ليس لنا و ما له في وجود الكون من ثاني
يقول صم فإذا صمنا يقول لنا هذا الصيام لنا فأين أعياني
إن قلت لي لم أخاطبكم بما هو لي فلي شهود على التكليف آذاني
أسمعتني ثم بعد السمع تسلبني فالصوم لي و لكم في الشرع قسمان
إن كنت تسلبني عنه فشأنكمو في الصوم ما هو في التحقيق من شأني

[الاسم الفاطر أقوى حكما في ليل شهر رمضان]

و الاسم الفاطر على هذا في ليل شهر رمضان أقوى حكما فينا من الممسك فمن كان حاله في إمساكه يطعمه ربه و يسقيه في مبيته في حال كونه ليس بأكل و لا شارب في ظاهره فهو مفطر و إن كان صائما و قد ذقت هذا و من هنا علمت إن

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني إنه نفى أن تشبهه تلك الجماعة التي خاطبهم فلم يكن لهم هذه الحالة إذ لو أراد الأمة كلها ما ذقته و قد وجدته ذوقا و الحمد لله و إن لم يكن ممن يطعمه ربه و يسقيه في حال وصال صومه فهو متطفل على من هذه صفته و هو كلابس ثوبي زور و لذلك يكره له الوصال إذا لم تكن له هذه الصفة حالا يشهدها ذوقا في نفسه و يظهر أثرها عليه في يقظته و اللّٰه يحب الصدق في موطنه كما يحب الكذب في موطنه و هذا ليس بموطن حب الكذب فإن اللّٰه يكرهه في هذا الموطن انتهى الجزء الستون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

[وصل مناجاة الحق في الزمان الخاص بالحال الإلهي الخاص]

فإذا ناجى اللّٰه العبد في هذا الزمان الخاص بالحال الإلهي الخاص فينبغي أن يحضر معه الحضور التام الذي لا يلتفت معه إلى غيره بجمعيته فيناجيه في كل حركة منه و سكون حسا من حيث إنه هو الباطن و معنى من حيث أنه هو الظاهر إذ كان الحس ظاهرا و المعنى باطنا فلا يقوم المعنى إلا بين يدي الظاهر فإنه لو قام بين يدي الباطن و المعنى باطن الحرف الذي هو المحسوس و الحس كان قيام الشيء بين يدي نفسه و الشيء لا يقوم بين يدي نفسه لأنه قام للاستفادة و الشيء لا يستفيد من نفسه نفسه

[نزول الحق للتعليم و التعريف و هو علم الخبرة]

أ لا ترى نزول الحق للتعليم و التعريف لنا و هو العليم بكل شيء بما كان و يكون و مع هذا أنبأ عن حقيقة لا نرد تعليما لنا بما هو الأمر عليه و أن الحكم للأحوال فأنزل نفسه منزلة المستفيد و جعل المفيد له من خطابه فقال وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ الْمُجٰاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصّٰابِرِينَ مع أنه هو العالم بما يكون منهم و لكن الحال يمنع من إقامة الحجة له سبحانه علينا و قال فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ فلم يبق بالابتلاء لأحد حجة على اللّٰه فحسم بذلك الابتلاء احتمال قولهم لو حكم بعلمه فيهم أن يقولوا لو بلوتنا وجدتنا واقفين عند حدودك و هذا يسمى علم الخبرة و هو الاسم الخبير في قوله تعالى عَلِيماً خَبِيراً فهذه رائحة إلهية في الاستفادة للشيء من غيره لا من نفسه فنحن أولى بهذه الصفة

[أعطية الاسم الظاهر و أعطية الاسم الباطن]

فلذلك جعلنا ظاهر العبد يناجي الاسم الباطن و باطن العبد يناجي الاسم الظاهر و يقوم بين يديه قيام مستفيد فيهبه ما شاء أن يهبه فإذا رأيت المستفيد قد استفاد في قيامه خرق العوائد المدركة بالحس المسماة كرامات الأولياء في العموم و آيات الأنبياء الرسل عليهم السلام فذلك أعطية الاسم الظاهر و إذا رأيته قد استفاد علوما و حكما تحار العقول فيها أو تردها أو تقبلها من حيث ما يدركها بالقوة المفكرة فذلك كله أعطية الاسم الباطن فاجعل بالك لما نبهتك عليه و نصحتك لتعلم من تناجي و لا تخلط فيخلط عليك فإن اللّٰه يقول وَ لَلَبَسْنٰا عَلَيْهِمْ مٰا يَلْبِسُونَ و قال وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّٰهُ ثم نفى المكر عنهم فقال فَلِلّٰهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 657
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست