responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 655

(وصل في فصل من فطر صائما)

[الفطر من تمام الصوم]

لما

ورد الخبر الذي خرجه الترمذي عن زيد بن خالد الجهني قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء و قال فيه حديث صحيح فالصائم له أجر في فطره كما كان له في صومه فلمن فطره أجر فطره لا أجر صومه فافهم و علمنا من هذا الخبر أن الفطر من تمام الصوم و أنه من أعان شخصا على عمل كان مشاركا له فيما يؤدي إليه ذلك العمل من الخير لا مشاركة توجب نقصا بل هو على التمام لكل واحد من الشريكين كما جاء في الحديث من سن سنة حسنة الحديث فجعل الفطر من تمام الصوم و أنه جزء منه

[من تلبس بجزء من الشيء المتناسب الأجزاء حصل له خيره]

و من تلبس بجزء من الشيء المتناسب الأجزاء حصل له خير ذلك الشيء و إن لم يحصل و لا اتصف بذلك الأمر كله كما اتصف به صاحبه كمن اتصف بجزء من أجزاء النبوة فله أجر من ثبتت له النبوة و فضلها من غير إن يتلبس بها كلها فليس بنبي و لهذا ورد أنه يأتي يوم القيامة ناس ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء إذ كانت الأنبياء نالت هذه الفضيلة بما في النبوة من الأثقال و المشاق و هؤلاء بجزء منها قد اتصفوا أو أكثر من جزء و تلبسوا به و ربما كان هذا الجزء منها و مما لا مشقة فيه و نالوا فضل من تلبس بها كلها كالفقير مع صاحب المال فيما يتمناه من فعل الخير إذا رأى صاحب المال أو العلم يفعل في ذلك ما لا يتمكن للفقير فعله فهما في الأجر سواء و ما اشتركا إلا في النية و زاد عليه صاحب النية بسقوط الحساب و المسألة فيم أنفق و مم اكتسب

[الذين يغبطهم الأنبياء و ليسوا بأنبياء]

فهؤلاء هم الذين يغبطهم النبيون في ذلك المقام و لكن في القيامة في الموقف لا في الجنة و هو قوله تعالى لاٰ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ فإن الرسل تخاف على أممها لا على أنفسها و المؤمنون خائفون على أنفسهم لما ارتكبوه من المخالفات و هؤلاء ما لهم أتباع يخافون عليهم و لا ارتكبوا مخالفة توجب لهم الخوف ف‌ لاٰ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ و كذلك الأنبياء يعطى لكل نبي أجر الأمة التي بعث إليهم سواء آمنوا به أو كفروا فإن نية كل نبي يود لو أنهم آمنوا فتساوي الكل في أجر التمني و يتميز كل واحد عن صاحبه في الموقف بالأتباع فالنبي يأتي و معه السواد الأعظم و أقل و أقل حتى يأتي نبي و معه الرجلان و الرجل و يأتي النبي و ليس معه أحد و الكل في أجر التبليغ سواء و في الأمنية

[من فطر صائما فقد اتصف بصفة إلهية]

فمن فطر صائما فقد اتصف بصفة إلهية و هي اسمه الفاطر فإن اللّٰه فطر الصائم مع غروب الشمس سواء أكل أو لم يأكل أو شرب أو لم يشرب فهو مفطر شرعا و أخرجه غروب الشمس من التبس بالصوم و هذا فطره بما أطعمه فلما حصل في هذه الدرجة كان متخلقا بما هو لله كما كان الصائم متلبسا في صومه بما هو لله من التنزيه عن الطعام و الشراب و الصاحبة و كل وصف مفسد للصوم

(وصل في فصل صوم الضيف)

[الصوفية ضيوف اللّٰه لا يتصرفون إلا عن أمره]

لما خرج الترمذي عن عائشة أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم علمنا إن الصوفية أضياف اللّٰه فإنهم سافروا من حظوظ أنفسهم و جميع الأكوان إيثارا للجناب الإلهي فنزلوا به فلا يعملون عملا إلا بإذن من نزلوا عليه و هو اللّٰه فلا يتصرفون و لا يسكنون و لا يتحركون إلا عن أمر إلهي و من ليست له هذه الصفة فهو في الطريق يمشي يقطع مناهل نفسه حتى يصل إلى ربه فحينئذ يصح أن يكون ضيفا و إذا أقام عنده و لا يرجع كان أهلا لأن أهل القرآن و هو الجمع به تعالى هم أهل اللّٰه و خاصته

(حكاية)

كان شيخنا أبو مدين بالمغرب قد ترك الحرفة و جلس مع اللّٰه على ما يفتح اللّٰه له و كان على طريقة عجيبة مع اللّٰه في ذلك الجلوس فإنه ما كان يرد شيئا يؤتى إليه به مثل الإمام عبد القادر الجيلي سواء غير أن عبد القادر كان أنهض في الظاهر لما يعطيه الشرف فقيل له يا أبا مدين لم لا تحترف أو لم لا تقول بالحرفة فقال أقول بها فقيل له فلم لا تحترف فقال الضيف عندكم إذا نزل بقوم و عزم على الإقامة كم توقيت زمان وجوب ضيافته عليهم قالوا ثلاثة أيام قال و بعد الثلاثة الأيام قالوا يحترف و لا يقعد عندهم حتى يحرجهم قال الشيخ اللّٰه أكبر أنصفونا نحن أضياف ربنا تبارك و تعالى نزلنا عليه في حضرته على وجه الإقامة عنده إلى الأبد فتعينت الضيافة فإنه تعالى ما دل على كريم خلق لعبده إلا كان هو أولى بالاتصاف به قالوا نعم قال و أيام ربنا كما قال كل يوم كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ فضيافته بحسب أيامه فإذا أقمنا عنده ثلاثة آلاف سنة و انقضت و لا نحترف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 655
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست