responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 651

كما أنهم شاركوهم في اسم العلم و انفصلوا عنهم بمن أغنى بالمعلوم أي بمن تعلق علمهم و هذا كله مدرك أهل أيام التشريق فإن أكلوا فيها فمن حيث إنها أيام أكل و شرب و ذكر و إن صاموا فيها فمن حيث إنها أيام ذكر اللّٰه فشغلهم الذكر عن الأكل و الشرب فامتناعهم عن الأكل امتناع حال لا امتناع عبادة

(وصل في فصل صيام يوم الفطر و الأضحى)

هذان اليومان محرم صومهما بحديث أبي هريرة و حديث أبي سعيد أما

حديث أبي سعيد الثابت فإنه قال سمعت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول لا يصح صيام يومين يوم الفطر من رمضان و يوم النحر و به يحتج من يرى صيام أيام التشريق لأن دليل الخطاب يقتضي أن ما عدا هذين اليومين يصح الصيام فيها و إلا كان تخصيصهما عبثا و أما

حديث أبي هريرة الثابت أيضا في مسلم فهو أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم نهى عن صيام يومين يوم الأضحى و يوم الفطر و يوم الفطر هو يوم يفطر الناس و الأضحى يوم يضحون هكذا فسره رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم على ما ذكره الترمذي عن عائشة عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و قال فيه حديث حسن صحيح

[سبب منع الصوم في يومي الفطر و النحر]

و سبب منع الصوم له في هذين اليومين لأن بالفطر و الأضحى صح له التمييز بينه و بين ربه فعلم ما له و ما لديه فحرم عليه التلبس بالصوم في هذين اليومين اللذين هما دليلان على العلم بالفارق و التمييز فلم يتمكن مع ذلك التلبس بالصوم فإن الصوم لله إذ كان صفة صمدانية منزهة من كانت صفته عن الطعام و الشراب فلو تلبس بالصوم مع مشاهدة وجه هذا الدليل لم يكن صادقا في إخباره عن نفسه أنه في هذا المقام فكان فطره في هذين اليومين عبادة و تكليفا مشروعا ليجمع بين الحالتين فأعطاه الكشف العبادة من ذلك لما ذكرناه و أعطاه التكليف الشرعي الأجر في ذلك إذ عمل بحكمه لما نهاه صلى اللّٰه عليه و سلم عن صيامهما و لهذا قلنا في رؤية هلال الفطر إنه مستقبل عبادة كما علله بعض العلماء في هلال الصوم و غاب عن تحريم الصوم في هلال الفطر فأوجب في رؤيته شاهدين

(وصل في فصل من دعي إلى طعام و هو صائم)

فمن قائل يجيب الداعي و لا بد بالاتفاق و اختلفوا هل يفطر أو يبقى على صومه فمن قائل إنه يعرف صاحب الدعوة أنه صائم و يدعو له و به قال أبو هريرة و من قائل إنه لا يأكل و يصلي الصلاة المشروعة غير المكتوبة و يدعو للداعي و به يقول أنس و من قائل هو مخير بين الفطر و تمام الصوم و لكن إن أفطر قضاه و به يقول طلحة بن يحيى و غيره و من قائل إن شاء أفطر و لا قضاء عليه و به يقول شريك و مجاهد و من قائل يفطر إن شاء ما لم ينتصف النهار و به يقول جعفر ابن الزبير و من قائل بالتخيير في القضاء إذا أفطر و به تقول أم هاني و سماك بن حرب

[الذين هم في مقام السلوك]

اعلم وفقك اللّٰه توفيق العارفين أن الذي يشرع في الصوم ابتداء من نفسه من غير أن يعين الحق عليه ذلك اليوم الذي يصبح فيه صائما فإنه عقد عقدة مع اللّٰه على طريق القربة إليه تعالى من هذه العبادة الخاصة التي تلبس بها و شرع فيها و اللّٰه يقول له وَ لاٰ تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ فإن كان في مقام السلوك فلا يعود نفسه نقض العهد مع اللّٰه تعالى فإن اللّٰه يقول وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ و لا سيما فيما أوجبته على نفسك و عقدت عليه مع ربك و هو قوله لا إلا أن تطوع

[الذين صحت لهم الخلافة على نفوسهم]

و إن كان من أهل العلم بالله الأكابر الذين حكموا أنفسهم و صحت لهم الخلافة على نفوسهم فهم لا يرون متكلما و لا آمرا و لا داعيا في الوجود إلا اللّٰه على ألسنة العباد كما قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فهم في جميع نطق العالم كله حالا و مقالا بهذه الصفة فإن صحة مقام الشهود تحكم عليهم بذلك فإنهم لا ينكرون ما يعرفون و كما يقول المحجوب فلان تكلم يقول صاحب هذا المقام الحق تكلم على لسان هذا العبد بكذا و كذا أي شيء كان

[الكامل له التخيير في المشيئة أبدا]

ثم إن المتكلم لا يخلو إما أن يكون في هذا المقام أيضا فيرى أنه ينطق بالحق لا بنفسه أو لا يكون في هذا المقام فللمدعو أن ينظر في حال الداعي فإن دعاه بربه أجاب دعوته و قال إني صائم و لم يأكل و دعا لأهل البيت و صلى عندهم و إن شاء أكل إن عرف أن أكله مما يسر به الداعي فهو مخير لكماله و تحققه بالصفة فإن الكامل له التخيير في المشيئة أبدا فإن شاء و إن شاء ما لم يعزم فإن عزيمته مثل قوله مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ و مثل قوله و لا بد له من لقائي و أمثال ذلك و إن دعاه هذا الداعي بنفسه فإنه لا يدعو إلا مثله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 651
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست