responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 647

جعل لهم ذلك اليوم عيد الفرحة بالولاية فأطعمهم فيه و سقاهم و لست أعني بالشريك الذي عبدوه و استندوا إليه و إنما أعني بالشريك صورته القائمة بنفوسهم لا عينه فهو الذي أعطاهم السرور في هذا اليوم و جعله عيدا لهم و أما الذين جعلوه شريكا لله فلا يخلو ذلك المجعول أن يرضى بهذا المحال أو لا يرضى فإن رضي كان بمثابتهم كفرعون و غيره و إن لم يرض و هرب إلى اللّٰه بما نسبوا إليه سعد هو في نفسه و لحق الشقاء بالناصبين له فمن صامه بهذا الشهود فهو صوم مقابلة ضد لبعد المناسبة بين المشرك و الموحد فأراد أن يتصف أيضا في حكمه في ذلك اليوم بصفة التقابل بالصوم الذي يقابل فطرهم و لذلك كان يصومه صلى اللّٰه عليه و سلم

(وصل في فصل صوم يوم الأحد)

[اختلاف قصد العارفين في صوم يوم الأحد]

فمن اعتبر ما ذكرناه من هذا الشهود فإنه يوم عيد للنصارى صامه لمخالفتهم و من اعتبر فيه أنه أول يوم اعتنى اللّٰه فيه بخلق الخلق في أعيانهم صامه شكر اللّٰه تعالى فقابله بعبادة لا مثل لها فاختلف قصد العارفين في صومهم و من العارفين من صامه لكونه الأحد خاصة و الأحد صفة تنزيه للحق و الصوم صفة تنزيه و رتبة منيعة الحمى لما في الصوم من التحجير على الصائم عن الحظ النفسي من الإفطار و الاستمتاع من الجماع و التنزيه عن المذام فالصائم محجور عليه إن يغتاب أو يرفث أو يجهل أو يتصف بمذموم شرعا في تلك الحال فوقعت المناسبة بينه و بين الأحد في صفة التنزيه فصامه لذلك و كل له شرب معلوم فعامله بأشرف الصفات

[النفس الطبيعة و الروح المدبر للجسم و سر صوم يوم الأحد]

و لهذا كان للصوم من الطبيعة الحرارة و اليبوسة لفقد الغذاء و هو ضد ما تطلبه الطبيعة فإنها تطلب لأجل الحياة الحرارة لا منفعلها و تطلب الرطوبة التي هي منفعلة عن البرودة فقابلها الصائم بالضد فقابلها بالأصل و منفعله فإنه مأمور بمخالفة النفس و النفس طبيعة محضة منازعة للاله بذاتها لتوقف وجود عالم الأجسام كله عليها و لولاها لم يظهر لعالم الأجسام عين فزهت و تاهت لذلك فقيل للروح المدبر لهذا الجسم العنصري المأمور بحفظ الاعتدال على هذا الجسد و النظر في مصالحه إذا رأيت النفس الطبيعية في هذا المقام من الزهو و الخيلاء فامنعها عن الطعام و الشراب و الاستمتاع بالجماع بنية المخالفة لها و نية التنزيه عما تتخيله الطبيعة إنك مفتقر إليها في ذلك و لتعلم الطبيعة أنها محكوم عليها فتذل تحت العبودة و الافتقار لطلب الغذاء من هذا المدبر لهذا الهيكل فسمى مثل هذا التدبير صوما فإن منعها عن ذلك كله لصلاح المزاج لا يسمى صوما و ذلك الفعل للروح إنما هو من تدبير الطبيعة فسمى مثل هذا حمية لا صوما فإن نوى الروح بهذه الحمية و مساعدة الطبيعة فيما أمرته به صلاح مزاج هذا البدن لأجل عبادة اللّٰه و أن يقوم بجميع ما أمره اللّٰه به من العبادة في حركاته و سكناته التي لا تظهر منه إلا بصلاح المزاج أجر في تلك الحمية و إن لم تكن صوما فهذا قد أبنت لك بعض أسرار صوم يوم الأحد

(وصل في فصل إن التجلي المثالي الرمضاني و غيره إذا كان فهو لوقته)

خرج مسلم في صحيحه عن أبي البختري قال لقينا ابن عباس فقلنا إنا رأينا الهلال فقال بعض القوم هذا ابن ثلاث و قال بعض القوم هو ابن ليلتين فقال أي ليلة رأيتموه فقلنا ليلة كذا و كذا فقال إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال إن اللّٰه مده للرؤية فهو لليلة رأيتموه

[الحكم للوقت و الصوفي ابن وقته]

قالت السادة من أهل اللّٰه الحكم للوقت و الإنسان أو الصوفي ابن وقته لا يحكم عليه ماض و لا مستقبل غير أن الإنسان لا يعرف أنه ابن وقته مع حكم الوقت عليه و الصوفي يعلم أنه بحكم وقته كذا هو في نفس الأمر فلهذا قلنا إن الصوفي ابن وقته لاطلاعه على ذلك و لعلمه أنه فيما يحكم عليه به و فيه أثر النبوة و ما كل إنسان يعلم ذلك مع أنه كذا في نفس الأمر فمتى ما ظهر للإنسان هذا الحكم و اتصف على علم بأنه ابن وقته فذلك معنى قوله صلى اللّٰه عليه و سلم هو لليلة رأيتموه فإنا نعلم قطعا إذا كان الهلال في الشعاع إنه متجل لنا و لكنا لا نراه كما نعلم قطعا إن الكواكب في السماء بالنهار متجلية لنا و لكنا لا نراها لضعف الإدراك البصري فلا ننسب إليه فإذا رأيناه فإنه الوقت الذي نراه فيه لنعلمه فيحكم علينا بما يعطيه ذلك التجلي فإن كان رمضان أثر فينا نية الصوم و إن كان هلال فطر أثر فينا نية الفطر و إن لم يكن إلا هلال شهر من الشهور أثر فينا العلم بزوال حكم الشهر الذي انقضى و حكم الشهر الذي هذا هلاله و تختلف أحوال الناس فتمتاز الأوقات به لانقضاء الآجال في كل شيء من المبايعات و المداينات و الأكرية و أفعال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 647
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست