responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 644

موسى في ليلة الإسراء لما اجتمع به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و بمن اجتمع من الأنبياء عليهم السلام لم يأمره أحد من الأنبياء و لا نبه على الرفق بأمته إلا موسى صلى اللّٰه عليه و سلم لما فرض اللّٰه علينا في تلك الليلة خمسين صلاة فما سأله أحد من الأنبياء لما رجع عليهم ما فرض اللّٰه على أمتك إلا موسى عليه السلام فتهمم بنا دون سائر الأنبياء عليهم السلام فلما قال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم خمسين صلاة قال له موسى عليه السلام راجع ربك في ذلك الحديث و فيه فما زلت أرجع بين ربي تبارك و تعالى و بين موسى عليه السلام حتى فرضها خمسة في العمل و جعل أجرها أجر خمسين فنقص من التكليف و أبقى الأجر على ما كان عليه في الأصل

[جمعية محمد بآدم علما و بموسى رحمة و رفقا]

فلما جمع بينه و بين موسى في صفة الرفق بنا تلبس معه بيوم الخميس الذي هو لموسى عليه السلام و كان يتذكر بآدم في صوم الإثنين ما هو عليه من العلم و يتذكر بموسى في صوم الخميس الرحمة التي أرسل بها للعالمين و هما في حال لا يأكلان و لا يشربان فيه لأنهما قد فارقا الحياة الدنيا و ما هما في عالم النشء الجسمي الذي يطلب الغذاء بل هما في برزخ لا غذاء فيه بين النشأتين فأراد صلى اللّٰه عليه و سلم لما وقعت بينه و بينهما المشاركة فيما ذكرناه أن يتلبس في هذين اليومين اللذين يجتمع معهما فيهما بترك الطعام و الشراب موافقة لهما ليتفرغ صلى اللّٰه عليه و سلم لتحصيل ما أداه إلى الاجتماع بهما في هذين اليومين و جعله صوما دون أن يعتبره اتساعا من الغذاء فحسب حتى يكون تركه ذلك عملا مشروعا فتلبس بصفة هي للحق و هو الصوم فصامهما ليعرض عمله على رب العالمين في ذينك اليومين و هو متلبس بصفة الحق إذ كان الصوم له

[فساد العلامة إنما هو طرو الشبهة عليها في النظر العقلي]

و لما كان الصوم بالنسبة إلى العباد يدخله الفساد لما كان قابلا لذلك و يقبل الصلاح أيضا كان العرض على رب العالمين لا على اسم غيره و الرب هو المصلح فيصلح ما دخل في هذا الصوم من الفساد إن كان دخله فساد من حيث لا يشعر و يتعلق هذا الحكم بالعلامة خاصة و هي الدلالة على اللّٰه تعالى و لذلك قال على رب العالمين من العلامة و فساد العلامة إنما هو من طرو الشبهة عليها في النظر العقلي و ما ثم شبهة أعظم من نسبة الصوم لله دون سائر الأعمال و وصف العبد به فإذا حصل العرض الذي هو التجلي و الكشف بأن للصائم ما لله من الصوم و ما للعبد منه فزالت الشبهة التي يقبلها العقل بالكشف الإلهي فهذا معنى مصلح العلامة

[علم الأسماء و علم الاثنتى عشرة عينا]

و أما إذا اعتبرته بمربي العالمين أي مغذيهم فغذاء الصائم في هذا العرض هو ما يفيده الحق في هذا الصوم من العلوم المختصة بهذين اليومين من علم الأسماء و علم الاثنتي عشرة عينا التي في العلم بها العلم بكل ما سوى اللّٰه و هو علم الحياة التي يحيا بها كل شيء و هو العلم المتولد بين النبات و الجماد من المولدات بصفة القهر فإن العيون الاثنتي عشرة إنما ظهرت بضرب العصا الحجر فانفجرت منه بذلك الضرب اثنتا عشرة عينا يريد علوم المشاهدة عن مجاهدة بسبب الضرب و علوم ذوق لأن الماء من الأشياء التي تذاق و يختلف طعمها في الذوق فيعلم بذلك نسبة الحياة كيف اتصف بها المسمى جمادا حتى أخبر عنه الصادق أنه يسبح بحمد اللّٰه لأن الحق أضاف ذلك إلى الحجر بقوله منه و من لا كشف له و لا إيمان لا يثبت للجماد حياة فكيف تسبيحا نعوذ بالله من الخذلان فيعلم بهذا الكشف نسبة الحياة أيضا إلى النبات لأن الضرب كان بالعصا و هي من عالم النبات و بضربه بها ظهر ما ظهر و من لا كشف له لا يعلم أن النبات حي إلا من يصرف الحياة إلى النمو فيعلم في يوم الخميس إذا صام من أجل الإمداد روحانية موسى عليه السلام فيه علم الاثنتي عشرة عينا على الكشف و المشاهدة و هو علم ما يتعلق بمصالح العالم قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنٰاسٍ مَشْرَبَهُمْ من تلك العيون فمن علمها علم حكم الاثنتي عشر برجا و علم منتهى أسماء الأعداد و هي اثنا عشر و علم الإنسان بما هو ولي لله تعالى

فانظر إلى شجر يقضي على حجر و انظر إلى ضارب من خلف أستار
و كان الحجاب عليه و الستر موسى عليه السلام كما كان الحجاب للأعرابي على كلام اللّٰه محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم

[الاعتصام بصومى الإثنين و الخميس]

فبصوم يوم الإثنين يجمع بين خلق و حق في بساط مشاهدة و حضور لتحصيل علم الأسماء الإلهية و بصوم يوم الخميس يجمع حفظ نفسه و حفظ الأربع من جهاته التي يدخل عليه منها الشبه المضلة فإنها طرق الشيطان من قوله ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ عن أمر وَ اسْتَفْزِزْ و مِنْ خَلْفِهِمْ عن أمر وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ و عَنْ أَيْمٰانِهِمْ عن أمر وَ شٰارِكْهُمْ و عَنْ شَمٰائِلِهِمْ عن أمر وَ عِدْهُمْ و هو بعينه في الوسط فإن به تميزت هذه الجهات الأربع و كان المجموع في هذه الحضرة خمسة فاعتصم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 644
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست