responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 639

خلقنا يوم الأحد و انتهى الفراغ منه في يوم الجمعة فجعلت تلك الأيام لي عبادة لله تعالى لا أشتغل فيها بما فيه حظ لنفسي فإذا كان يوم السبت انفردت لحظ نفسي فاحترفت في طلب ما أتقوت به في تلك الأيام هكذا كل جمعة فإنه سبحانه نظر إلى ما خلق في يوم السبت فاستلقى و وضع إحدى يديه على الأخرى و قال أنا الملك لظهور الملك و لهذا سمي يوم السبت و السبت الراحة و لهذا أخبر تعالى أنه ما مسه من لغوب : فيما خلقه و اللغوب الإعياء فهي راحة لا عن إعياء كما هي في حقنا فتعجبت من فطنته و قصده فسألته من كان قطب الزمان في وقتك فقال أنا ثم ودعني و انصرف فلما جئت المكان الذي أقعد فيه للناس فقال لي رجل من أصحابي من المجاورين يقال له نبيل بن خزر بن خزرون السبتي من أهل سبتة إني رأيت رجلا غريبا لا نعرفه بمكة يكلمك و يحادثك في الطواف من كان و من أين جاء فذكرت له قصته فتعجب الحاضرون من ذلك

[علم الحكمة في الأشياء و أهل اللّٰه]

فهذا اعتبار الستة الأيام من الوجه الصحيح و إنما حذف الهاء الشارع إن صحت الرواية لاعتبار الليالي لأنها دلائل الغيب بخلاف النهار و الغيب مما انفرد به الحق فلا يطلع عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ ارْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ و كذلك علم الحكمة في الأشياء لا يكون علما إلا لأهل اللّٰه و أما أهل الفكر و القياس فإنهم يصادفون الحكمة بحكم الاتفاق فلا يكون علما عندهم و عند أهل العلم بالله يعلمون أن ذلك هو المراد بذلك الأمر فيكون علما لهم بذلك الاعتبار فيقصدونه لا بحكم الاتفاق فإن بعض الناس إذا رأى كرم أهل اللّٰه في مثل هذا يقولون باحتماله لا يقطعون به حملا على نفوسهم و رتبتهم في العلم و هو قول اللّٰه تعالى في حق من هذه حالته ذٰلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فاعلم بذلك و اللّٰه الموفق للصواب

(وصل في فصل غرر الشهر و هي الثلاثة الأيام في أوله)

[كل شهر هو ضيف يرد على الإنسان من جانب الرحمن]

خرج مسلم عن معاذة أنها سألت عائشة أ كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام قالت نعم فقلت لها من أي أيام الشهر كان يصوم قالت لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم اعلم أن كل شهر يرد على الإنسان إنما هو ضعيف ورد عليه من جانب الحق فوجب على الإنسان القيام بحقه المسمى ضيافة و هو الضعيف و حق الصيف ثلاثة أيام فلهذا شرع الشارع في الشرع المندوب إليه ثلاثة أيام من كل شهر و رغبنا في أوله فقلنا نصوم ذلك في الثلاث الغرر منه لأن الشرع ورد بتعجيل الطعام للضعيف فقال العجلة من الشيطان إلا في ثلاث فذكر منها إطعام الضيف و كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر خرجه النسائي عن ابن مسعود و الصيام صفة للحق و اختصه من جميع الأعمال لنفسه و هو عمل مختص بهذه النشأة لا يكون ذلك لملك فلا يشهده سبحانه ملك مقرب في مشهد صومي و لا يتجلى له سبحانه في مشهد صومي أبدا فإنه من خصائص هذه النشأة و كانت هذه الضيافة ثلاثة أيام لكل شهر لأنه وارد من الحق و راجع إليه سبحانه حامدا له في تلقيه إياه أو ذا ماله بحسب ما يتلقاه العبد به فأحسن ما يتلقاه به ما هو صفة إلهية و هو الصوم

[الحكمة في صيام غرر كل شهر]

و لله تعالى ثلاثمائة خلق كذا ورد عنه صلى اللّٰه عليه و سلم و الثلاثة من الثلاثمائة عشر العشر فإن عشر الثلاثمائة ثلاثون و هو الشهر و عشر الثلاثين ثلاثة فهي عشر العشر فهو قوله مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا فيقبل الحق تلك الثلاثة ثلاثين فيجازيه بالثلاثين ثلاثمائة خلق فإنه قال عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا فكأنه صام الشهر كله فلذلك جوزي بالثلاثمائة إذ كانت الثلاثون قبلت عملا لا جزاء فإنها مثل الحسنة و الحسنة عمل و المثلان هما اللذان يشتركان في صفات النفس فانظر في حكمة الشارع ما ألطفها و أحسنها في ترغيبه إيانا في صوم ثلاثة أيام من كل شهر و ما نبه عموم الخلق على عين الجزاء فإن حصول الجزاء إذا جاء فجأة من غير أن يعرف سببه و لا ينتظر كان ألذ في نفس العامة و الصيام خلق إلهي فكان جزاؤه من جنسه و هي الثلاثمائة خلق إلهي يتصف بها الصائم هذه الثلاثة الأيام كما اتصف بالصيام و هو وصف إلهي و العامي الذي لم يصم على هذا الحد يكون جزاؤه من كونه لم يأكل و لم يشرب فيقال له كل يا من لم يأكل و اشرب يا من لم يشرب قال تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِمٰا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّٰامِ الْخٰالِيَةِ يعني أيام الصوم في زمان التكليف و أهل اللّٰه الذين يصومون هذه الثلاثة الأيام و أي صوم كان على استحضار ما ذكرناه من أنه يتلبس بوصف إلهي يكون جزاؤه من هذه صفته قوله مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزٰاؤُهُ

[الإنسان أكمل نشأة و الملك أكمل منزلة]

و لما لم تكن هذه الصفة عملا للملك لم يحضر مع الصائم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 639
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست