responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 636

تركيب البسائط مع العقد فانظر حكمة الشارع في أمره بصوم يوم قبله و يوم بعده متصلا به حتى لا تقول اليهود إن صومه مقصود لنا فإنه يكره في الفرائض مثل هذا إلا أن يكون الإنسان على عمل يعمله فلا يبالي إلا إن وقع التحجير و قد نهينا أن نقدم رمضان بيوم أو يومين قصدا إلا أن يكون في صيام نصومه ثم من الحكمة أن حرم علينا صيام يوم الفطر حتى لا نصل صيام رمضان بصوم آخر تمييزا لحق الفرض من النفل خلاف اعتبار يوم الجمعة و سيأتي الكلام في صومه إن شاء اللّٰه تعالى في هذا الباب

(وصل في فضل صوم يوم عرفة)

[صوم يوم عرفة كفارة للسنة قبله و السنة بعده]

ورد في الحديث الثابت عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في صيام يوم عرفة أحتسب على اللّٰه أن يكفر السنة التي قبله و السنة التي بعده خرجه مسلم من حديث أبي قتادة فمن صام هذا اليوم فإنه أخذ بحظ وافر مما أعطى اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم في قوله لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ فلم يزل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عمره كله في الحكم حكم الصائم يوم عرفة

[المعرفة و العلم]

و خصه باسم عرفة لشرف لفظة المعرفة التي هي العلم لأن المعرفة في اللسان الذي بعث به نبينا صلى اللّٰه عليه و سلم تتعدى إلى مفعول واحد فلها الأحدية فهي اسم شريف سمي اللّٰه به العلم فكان المعرفة علم بالأحدية و العلم قد يكون تعلقه بالأحدية و غيرها بخلاف لفظ المعرفة فقد تميز اللفظان بما وضعا له و قد ينوب العلم مناب المعرفة في اللسان بالعمل كذا ذكره النحاة و استشهدوا على ذلك بقوله تعالى لاٰ تَعْلَمُونَهُمُ اللّٰهُ يَعْلَمُهُمْ تأويله لا تعرفونهم فعدوا العلم إلى مفعول واحد للنيابة و المعرفة ما لها حكم إلا في الأحدية و ذهلوا عما نعلمه نحن فإن العلم أيضا إنما طلب الأحدية و لهذا صح للمعرفة أن تكون من أسمائه لأن العمل هو الأصل فإنه صفة الحق ليست المعرفة صفته و لا له منها اسم عندنا في الشرع و إن جمعها و العلم حد واحد لكن المعرفة من أسماء العلم كما قلنا و العارف من أسماء العالم فينا بالأحدية

[العلم إنما هو موضوع للأحدية مثل المعرفة]

و أما قولنا إن العلم إنما هو موضوع للاحدية مثل المعرفة و لهذا سمينا العلم معرفة لأنا إذا قلنا علمت زيدا قائما فلم يكن مطلوبنا زيدا لنفسه و لا مطلوبنا القيام لعينه و إنما مطلوبنا نسبة قيام زيد و هو مطلوب واحد فإنها نسبة واحدة معينة و علمنا زيدا وحده بالمعرفة و القيام وحده بالمعرفة فنقول عرفت زيدا و عرفت القيام و هذا القدر غاب عن النحاة و تخيلوا أن تعلق العلم بنسبة القيام إلى زيد هو عين تعلقه بزيد و القيام و هذا غلط فإنه لو لم يكن زيد معلوما له و القيام أيضا معلوما له قبل ذلك لما صح أن ينسب ما لا يعلمه إلى ما لا يعلمه لأنه لا يدري هل تصح تلك النسبة أم لا و هذا النوع من العلم يسمى عند أصحاب ميزان المعاني التصور و هو معرفة المفردات و التصديق و هو معرفة المركبات و هو نسبة مفرد إلى مفرد بطريق الإخبار بالواحد عن الآخر و هو عند النحويين المبتدأ و الخبر و عند غيرهم الموضوع و المحمول

[الأحدية أشرف صفة للواحد]

ثم نرجع إلى بابنا فنقول فعلمنا شرف يوم عرفة من حيث اسمه لما وضع له من تعلقه بالأحدية إنما اللّٰه إله واحد و الأحدية أشرف صفة الواحد من جميع الصفات و هي سارية في كل موجود و لو لا أنها سارية في كل موجود ما صح أن نعرف أحدية الحق سبحانه فما عرفه أحد إلا من نفسه و لا كان على أحديته دليل سوى أحديته

من عرف نفسه عرف ربه هكذا قال صلى اللّٰه عليه و سلم و قال أبو العتاهية

و في كل شيء له آية تدل على أنه واحد
و الآية أحدية كل شيء و هي التي يمتاز بها عن غيره من أمثاله فالأحدية تسري في كل شيء من قديم و حادث و معدوم و موجود و لا يشعر بسريانها كل أحد لشدة وضوحها و بيانها كالحياة عند أرباب الكشف و الايمان فإنها سارية في كل شيء سواء ظهرت حياته كالحيوان أو بطنت حياته كالنبات و الجماد فالله حي بغير منازع و ما من شيء مما سوى اللّٰه إلا و هو يسبح اللّٰه بحمده و لا يسبحه إلا من يعلمه و من شرط العالم أن يكون حيا فلا بد أن يكون كل شيء حيا

[ترجيح صوم يوم عرفة في غير عرفة]

و لما كانت الأحدية للمعرفة و الأحدية لله تعالى في ذاته رجحنا صوم يوم عرفة على فطره في غير عرفة فإن كنا في عرفة علمنا إن الصوم لله لا لنا فرجحنا فطره على صومه لشهود عرفة فافهم فالصوم لله حقيقة و الأحدية له حقيقة فوقعت المناسبة بين الصوم و يوم عرفة فإن كل واحد لا مثل له فإن صومه يفعل فيما بعده و ليس ذلك لغيره في حق كل أحد و يفعل فيما قبله لأنه زماني فيتقيد بالقبلية و بالبعدية و المقصود إن فعله عام كصفة الحق في إيجاد الممكنات عامة لا تختص بممكن دون ممكن و إن كان الأمر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 636
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست