responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 635

أتت النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فقال صمتم يومكم هكذا قالوا لا قال فأتموا بقية يومكم و اقضوه يعني يوم عاشوراء و إن كان هذا الحديث لم يلحقوه بالصحيح

[في يوم عاشوراء سر يرفع اللّٰه فضله على عباده]

فراعى حرمة اليوم لما لله فيه من السر الذي يرفع فضله على عباده و ظهر هنا فضل الإمساك عن الطعام و الشراب و إن لم يكن صائما و هو الجوع الذي تشير إليه الصوفية في كلامها و فيه أقول

أجوع و لا أصوم فإن نفسي تنازعني على أجر الصيام
فلو فنيت أجيرتها لقلنا بإيجاب الصيام و بالقيام
فإن العبد عبد اللّٰه ما لم يكن في نفسه هدف لرامي

[أمرنا بمخالفة أهل الكتاب فيما لم يأذن اللّٰه به]

و لما أمر بقضائه أكد تشبيهه برمضان لا بالنذر المعين إذا فات يومه فإنه لا يقضي و إن أمسك صاحبه بقية يومه إذا لم يبيت و لما أمرنا بصيامه و حرض في ذلك و كان قد أمرنا بمخالفة أهل الكتاب اليهود و النصارى و ذلك فيما شرعوه لأنفسهم مما لم يأذن به اللّٰه و بدلوا و غيروا و لم يتميز عندنا ما شرعوه لأنفسهم مما شرع لهم نبيهم فلذلك أمرنا بمخالفتهم إلا فيما قرره النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لنا مما كان شرعا لهم فعلمناه على القطع مثل رجم الثيب و إقامة الصلاة لمن تذكر بعد نسيانه فلما تعين علمنا به

[نحن أولى بموسى منكم]

فإن اللّٰه تعالى يقول في الأنبياء أُولٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّٰهُ فَبِهُدٰاهُمُ اقْتَدِهْ و قال شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً الآية و

قال عليه الصلاة و السلام نحن أولى بموسى منكم فكنى بنحن عن نفسه و أمته فكنا أولى بموسى من اليهود لأنهم لم يؤمنوا بكل ما أتى به موسى و لو آمنوا بكل ما أتى به موسى لآمنوا بمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم و بكتابه و نحن أمرنا بالإيمان به و بما أنزل عليه ثم أخبر الحق عنا بذلك و خبره صدق فاستحال في أمة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم أن يؤمن المؤمن منهم ببعض و يكفر ببعض فهذه عناية إلهية حيث أخبر بعصمتنا من ذلك فهي بشرى لنا قال تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِمٰا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ مَلاٰئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لاٰ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ

[إن اللّٰه عصمنا من مخالفة الأنبياء و أسقط عنا بعض شرائعهم]

و مما جاء به موسى صوم يوم عاشوراء فآمنا به و صمناه عن أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فرضا بخلاف عندنا كما صامه موسى فرضا ثم إن اللّٰه فرض علينا رمضان و خيرنا في صوم عاشوراء فنصومه من طريق الأولوية فنجمع بين أجر الفريضة فيه و النفل درجة زائدة على المؤمنين من قوم موسى عليه السلام و لما أمرنا صلى اللّٰه عليه و سلم بمخالفة اليهود أمرنا بأن نصوم يوما قبل عاشوراء و هو التاسع و يوما بعده و هو الحادي عشر

فقال لنا صلى اللّٰه عليه و سلم صوموا يوم عاشوراء و خالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما و بعده يوما و لم يقل خالفوا موسى فإن اللّٰه قد عصمنا من مخالفة الأنبياء بل أسقط اللّٰه عنا بعض شرائعهم كما أسقط عنا بعض ما شرعه لنا و نحن مؤمنون بكل ناسخ و منسوخ في كل شرع و لا يلزم من الايمان وجود العمل إلا أن يكون العمل مأمورا به فبهذا القدر نخالف اليهود

[يوم عاشوراء هو العاشر من المحرم]

و لهذا توهم علماؤنا إن عاشوراء هو التاسع من المحرم لا غير و قد روينا في ذلك ما يؤيد ما قلناه من أنه اليوم العاشر و هو أنا

روينا من حديث أبي أحمد بن عدي الجرجاني الذي رواه من حديث ابن حيي عن داود بن علي عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام قال لئن بقيت إلى قابل لأصومن يوما قبله و يوما بعده و الحديث الثاني و هو ما

رواه مسلم من حديث الحكم بن الأعرج قال انتهيت إلى ابن عباس و هو متوسد رداءه في زمزم فقلت له أخبرني عن صوم يوم عاشوراء فقال إذا رأيت يا هذا هلال المحرم فاعدد ثمانا و أصبح اليوم التاسع صائما قلت هكذا كان محمد صلى اللّٰه عليه و سلم يصومه قال نعم يعني لو عاش إلى العام القابل يؤيد ما قلناه ما

رواه أيضا مسلم عن ابن عباس قال حين صام رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يوم عاشوراء و أمر بصيامه قالوا يا رسول اللّٰه إنه يوم تعظمه اليهود و النصارى فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا كان في العالم المقبل إن شاء اللّٰه صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فما صام التاسع على أنه عاشوراء لو صامه و صام يوم عاشوراء بتحقيق يوم العاشر من المحرم فلا ينبغي أن يقال التاسع هو عاشوراء مع وجود هذه الأخبار

[الحكمة في يوم صوم قبل عاشوراء و يوم بعده]

و قد ذكرنا حكمة يوم التاسع و العاشر في الاسم الأول و الاسم الآخر في هذا الفصل و كذلك أيضا أقول في صيام اليوم الذي بعد عاشوراء حتى يعلم التناسب فيما أشرنا إليه من ذلك فنقول أيضا إنه ملحق بالاسم الأول كعاشوراء في العاشر فإن العاشر أول العقد و الحادي عشر أول تركيب الأعداد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست