responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 630

كتبي المنزلة التي أرسلت رسلي بها إليهم و أكد ذلك بالسين أعني الاستجابة لما علم من إبايتنا و بعدنا عن إجابته لي أي من أجلي لا تعلمون ذلك رجاء تحصيل ما عندي فتكونون عبيد نعمة لا عبيدي و هم عبيدي طوعا و كرها لا انفكاك لهم من ذلك

[حقيقة الإيمان]

وَ لْيُؤْمِنُوا بِي يصدقوا بإجابتي إياهم إذا دعوني و ليكن إيمانهم بي لا بأنفسهم لأنه من آمن بنفسه لا بالله لم يستوعب إيمانه ما استحقه فإذا آمن بي و في الأمر حقه فأعطى كل ذي حق حقه و هذا هو الذي يصدق بالأخبار كلها و من آمن بنفسه فإنه مؤمن بما أعطاه دليله و الذي أمرته بالإيمان به متناقض الدلالة متردد بين تشبيه و تنزيه فالذي يؤمن بنفسه يؤمن ببعض و يكفر ببعض تأويلا لا ردا فمن تأول فإيمانه بعقله لا بي و من ادعى في نفسه أنه أعلم بي مني فما عرفني و لا آمن بي فهو عبد يكذبني فيما نسبته إلى نفسي بحسن عبارة فإذا سئل يقول أردت التنزيه و هذا من حيل النفوس بما فيها من العزة و طلب الاستقلال و الخروج عن الاتباع لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أي يسلكون طريق الرشد كما يفعل الموفقون الذين إذا رأوا سبيل الرشد اتخذوه سبيلا فيمشي بهم إلى السعادة الأبدية فكانت إجابة الحق إياهم حين دعوه و نهاية طريقهم إلى ما فرحت به نفوسهم من تحليل ما كان حرم عليهم في حال صومهم من أول اليوم إلى آخره

[أحل لكم ليلة الصيام]

فقال أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ أي الليلة التي انتهى صومكم إليها لا الليلة التي تصبحون فيها صائمين فهي صفة تصحبكم لي ليلة عيد الفطر و لو كانت إضافة ليلة الصيام إلى المستقبل لم تكن ليلة عيد الفطر فيها فإنك لا تصبح يوم العيد صائما و لو صمت فيه لكنت عاصيا و لا يلزم هذا في أول ليلة من رمضان فإن الأكل و أمثاله كان حلالا قبل ذلك فما زال مستصحب الحكم فلهذا جعلناه للصوم الماضي اَلرَّفَثُ يعني الجماع إِلىٰ نِسٰائِكُمْ فجاء بالنساء و لم يقل الأزواج و لا غير ذلك فإن في هذا الاسم معنى ما في النساء و هو التأخير فقد كن أخرن عن هذا الحكم الذي هو الجماع زمان الصوم إلى الليل فلما جاء الليل زال حكم التأخير بالإحلال فكأنه يقول إلى ما أخرتم عنه و أخرن عنه من أزواجكم و ما ملكت أيمانكم ممن هو محل الوطء هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِبٰاسٌ لَهُنَّ أي المناسبة بينكم صحيحة ما هي مثل ما تلبستم بنا في صومكم حيث اتصفتم بصفة هي لي و هو الصوم فلستم لباسا لي في

قولي وسعني قلب عبدي و لست لباسا لكم في قولي بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فإن اللباس يحيط بالملبوس به و يستره

[علم اللّٰه أنكم كنتم تختانون أنفسكم]

عَلِمَ اللّٰهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتٰانُونَ أَنْفُسَكُمْ من الخيانة لشهادتي عليكم حين قبلتم الأمانة لما عرضتها عليكم فقلت في حاملها إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً ظلوما لنفسه بأن كلفها ما لا يدري علم اللّٰه فيه عند حمله إياها جهولا بقدرها و ما يتعلق من الذم به إذ أمن خان فيها و لما كان الجهول أَعْمىٰ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً لا يدري كيف يضع رجله و لا يرى أين يضع رجله قال عَلِمَ اللّٰهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتٰانُونَ أَنْفُسَكُمْ لما حجر عليكم فيما حجره عليكم فَتٰابَ عَلَيْكُمْ أي رجع عليكم وَ عَفٰا عَنْكُمْ أي بالقليل الذي أباحه لكم من زمان الإحلال الذي هو الليل و إنما جعله قليلا لبقاء التحجير فيه في المباشرة للمعتكف في المساجد بلا خلاف و في غير المسجد بخلاف و المواصل فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ و هو زمان الفطر في رمضان وَ ابْتَغُوا مٰا كَتَبَ اللّٰهُ لَكُمْ و اطلبوا ما فرض اللّٰه من أجلكم حتى تعلموه فتعملوا به من كل ما ذكره في هذه الآية وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا أمر بإعطاء ما عليك لنفسك من حق الأكل و الشرب حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ إقبال النهار مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ إدبار الليل مِنَ الْفَجْرِ الانفجار الضوء في الأفق

[ثم أتموا الصيام إلى الليل]

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ وَ لاٰ تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ فأبقى تحجير الجماع على من هذه حالته و كذلك في الأكل و الشرب للذي ينوي الوصال في صومه

يقول صلى اللّٰه عليه و سلم من كان مواصلا فليواصل حتى السحر و هو اختلاط الضوء و الظلمة يريد في وقت ظهور ذنب السرحان ما بين الفجرين المستطيل و المستطيل و واصل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بأصحابه يومين و رأوا الهلال تلك حدود اللّٰه التي أمركم أن تقفوا عندها فلا تقربوها لئلا تشرفوا على ما وراءها و هنا علم غامض لا يعلمه إلا من أعطيه ذوقا عناية إلهية كالخضر و غيره فربما تزل قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهٰا وَ تَذُوقُوا السُّوءَ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ آيٰاتِهِ أي دلائله للناس إشارة فيتذكر بها لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ يتخذون تلك الدلائل وقاية من التقليد و الجهل فإن المقلد ما هو على بينة من ربه و ما هو صاحب دلالة و جعله بمعنى الترجي لأنه ما كل من رزق الدليل و وصل إلى المدلول و حصل له العلم وفق لاستعمال ما علمه إن كان من العلوم التي غايتها العمل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 630
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست