responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 629

يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يقول من يطيق الصوم قد خيرناه بين الصوم و الإطعام فانتقل من وجوب معين إلى وجوب غير معين عند المكلف و إن كان محصورا و قد علم اللّٰه ما يفعل المكلف من ذلك فألحقه بالتطوع فإن كل واحد منهما غير واجب بعينه فأي شيء اختار كان تطوعا منه به إذ له أن يختار الآخر دونه ثم رجح اللّٰه له الصوم الذي هو له ليقوم به إذ صفة الصوم من حيث ما هي عبادة لا مثل له فإن قلت فالإطعام صفته أيضا فإنه المطعم قلنا لو ذكر الإطعام دون الفدية لكان و لما قرن بالإطعام الفداء و أضافه إليه كان كان المكلف وجب عليه الصوم و اللّٰه لا يجب عليه شيء في الأدب الوضعي الحقيقي إلا ما أوجبه على نفسه و من حصل تحت حكم الوجوب فهو ما سور تحت سلطانه فتعين الفداء و كان الإطعام فراعى اللّٰه الصوم هناك فجعله خيرا له فإنه صفته أ لا تراه يقول وَ فَدَيْنٰاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ من أسر الهلاك إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قد تكون أن هنا بمعنى ما يقول ما كنتم تعلمون أن الصوم خير من الإطعام لو لا ما أعلمتكم و يكون معناها أيضا إن كنتم تعلمون الأفضل فيما خيرتكم فيه فقد أعلمتكم يعني مرتبة الصوم و مرتبة الإطعام

[شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن]

ثم قال شَهْرُ رَمَضٰانَ يقول شهر هذا الاسم الإلهي الذي هو رمضان فأضافه إلى اللّٰه تعالى من اسمه رمضان و هو اسم غريب نادر اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ يقول نزل القرآن بصومه على التعيين دون غيره من الشهور هُدىً أي بيانا لِلنّٰاسِ و القرآن الجمع فلهذا جمع بينك و بينه في الصفة الصمدانية و هي الصوم فما كان فيه من تنزيه فهو لله فإنه قال الصوم لي و من كونه عبادة فهو لك هدى أي بيانا للناس على قدر طبقاتهم و ما رزقوا من الفهم عنه فإن لكل شخص شربا في هذه العبادة وَ بَيِّنٰاتٍ فكل شخص على بينة تخصه بقدر ما فهم من خطاب اللّٰه في ذلك مِنَ الْهُدىٰ و هو التبيان الإلهي وَ الْفُرْقٰانِ فإنه جمعك أولا معه في الصوم بالقرآن ثم فرقك لتتميز عنه بالفرقان فأنت أنت و هو هو في حكم ما ذكرناه من استعمالك فيما هو له و هو الصوم فهو له من باب التنزيه و هو لك عبادة لا مثل لها

[فمن شهد منكم الشهر فليصمه]

فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يقول فليمسك نفسه في هذه الشهرة يعني ينزهها بالذلة و الافتقار حتى تعظم فرحته عند الفطر وَ مَنْ كٰانَ مَرِيضاً مائلا و المرض الميل أو محبوسا فإن المريض في حبس الحق أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ سلوك في الأسماء الإلهية عم ذوق أو مسافرا عنه إلى الأكوان فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ ... أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ لا يزاد فيها و لا ينقص منها يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ فيما خاطبكم به من الرفق في التكليف وَ لاٰ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و هو ما يشق عليكم أكد بهذا القول قوله وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ فعرف اليسر هنا بالألف و اللام يشير إلى اليسر المذكور المنكر في سورة أ لم نشرح أي ذلك اليسر أردت بكم و هو قوله فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً في عسر المرض يسر الإفطار ثم إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ عسر السفر يُسْراً يسر الإفطار أيضا فَإِذٰا فَرَغْتَ من المرض أو السفر فَانْصَبْ نفسك للعبادة و هو الصوم يقول اقضه وَ إِلىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ في المعونة كان شيخنا أبو مدين رحمه اللّٰه يقول في هذه الآية فَإِذٰا فَرَغْتَ من الأكوان فَانْصَبْ قلبك لمشاهدة الرحمن وَ إِلىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ في الدوام و إذا دخلت في عبادة فلا تحدث نفسك بالخروج منها و قل يٰا لَيْتَهٰا كٰانَتِ الْقٰاضِيَةَ

[و لتكملوا العدة و لتكبروا اللّٰه على ما هداكم]

وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ برؤية الهلال أو بتمام الثلاثين وَ لِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ تشهدوا له بالكبرياء تفردوه به و لا تنازعوه فيه فإنه لا ينبغي إلا له سبحانه فتكبروه عن صفة اليسر و العسر فإنه قال في الإعادة وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فهو أعلم بما قال و احذر من تأويلك و حمله عليك فكبره عن هذا عَلىٰ مٰا هَدٰاكُمْ أي وفقكم لمثل هذا و بين لكم ما تستحقونه مما يستحقه تعالى وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فجعل ذلك نعمة يجب الشكر منا عليها لكوننا نقبل الزيادة و الشكر صفة إلهية فَإِنَّ اللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ فطلب منا بهذه الصفة الزيادة لكونه شاكرا فإنه قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فنبهنا بما هو مضمون الشكر لنزيده في العمل

[و إذا سألك عبادي عني]

وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي لكونك حاجب الباب فَإِنِّي قَرِيبٌ بما شاركناهم فيه من الشكر و الصوم الذي هو لي فأمرناهم بالصوم و عرفناهم أنه لنا ما هو لهم فمن تلبس به تلبس بما هو خاص لنا فكان من أهل الاختصاص مثل أهل القرآن هم أهل اللّٰه و خاصته أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ على بصيرة إِذٰا دَعٰانِ يقول كما جعلناك تدعو الناس إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ جعلنا الداعي الذي يدعونا إليه على بصيرة من إجابتنا إياه ما لم يقل لم يستجب لي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي أي لما دعوتهم لي من طاعتي و عبادتي فإني مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ فدعوتهم إلى ذلك على ألسنة رسلي و في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 629
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست