responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 628



و لا ترى أن ثم غيري فإنه غاية التنائي

[كل نفس مطلوبة من الحق في نفسها]

فلما علمت أنه لكل بلد رؤية و ما وقف حكم بلد على بلد علمت إن الأمر شديد و إن كل نفس مطلوبة من الحق في نفسها لا تجزى نفس عن نفس شيئا و إن تقلب الإنسان في العبادة من وجه بذاته و من وجه بربه ليس لغيره فيه مساغ و لا دخول و أراني ذلك في واقعة فاستيقظت من منامي و أنا أحرك شفتي بهذه الأبيات التي ما سمعتها قبل هذا إلا مني و لا من غيري و هي هذه

قال لي الحق في منامي و لم يكن ذاك من كلامي
وقتا أناديك في عبادي وقتا أناجيك في مقامي
و أنت في الحالتين عندي في كنف الصون و الذمام
فمن صلاة إلى زكاة و من زكاة إلى صيام
و من حرام إلى حلال و من حلال إلى حرام
و أنت في ذا و ذاك مني كمثل مقصورة الخيام

[كل جارحة في الإنسان مخاطبة بصوم يخصها]

فلو علم الإنسان من أي مقام ناداه الحق تعالى بالصيام في قوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و أنه المخاطب في نفسه وحده بهذه الجمعية فإنه قال يصبح على كل سلامي منكم صدقة فجعل التكليف عاما في الإنسان الواحد و إذا كان هذا في عروقه فأين أنت من جوارحه من سمعه و بصره و لسانه و يده و بطنه و رجله و فرجه و قلبه الذين هم رؤساء ظاهره و إن كل جارحة مخاطبة بصوم يخصها من إمساكها فيما حجر عليها و منعت من التصرف فيه بقوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ

[الصيام هو الإمساك عن كل ما يحرم فعله أو تركه]

و اعلم أن اللّٰه ناداك من كونك مؤمنا من مقام الحكمة الجامعة لتقف بتفصيل ما يخاطبك به على العلم بما أراده منك في هذه العبادة فقال كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ أي الإمساك عن كل ما حرم عليكم فعله أو تركه كَمٰا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعني الصوم من حيث ما هو صوم فإن كان أيضا يعني به صوم رمضان بعينه كما ذهب إليه بعضهم غير أن الذين قبلنا من أهل الكتاب زادوا فيه إلى أن بلغوا به خمسين يوما و هو مما غيروه

[الصوم لا مثل له فهو لمن لا مثل له]

و قوله كَمٰا كُتِبَ أي فرض عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ و هم الذين هم لكم سلف في هذا الحكم و أنتم لهم خلف لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي تتخذوا الصوم وقاية

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أخبرنا أن الصوم جنة و الجنة الوقاية و لا يتخذوه وقاية إلا إذا جعلوه عبادة فيكون الصوم للحق من وجه ما فيه من التنزيه و يكون من وجه ما هو عبادة في حق العبد جنة و وقاية من دعوى فيما هو لله لا له فإن الصوم لا مثل له فهو لمن لا مثل له فالصوم لله ليس لك

[الشهر إما تسعة و عشرون يوما و إما ثلاثون]

ثم قال أَيّٰاماً مَعْدُودٰاتٍ العامل في الأيام كتب الأول بلا شك فإنه ما عندنا بما كتب علي من قبلنا هل كتب عليهم يوم واحد و هو عاشوراء أو كتب عليهم أيام و الذي كتب علينا إنما هو شهر و الشهر إما تسعة و عشرون يوما و إما ثلاثون يوما بحسب ما نرى الهلال و الأيام من ثلاثة إلى عشرة لا غير فطابق لفظ القرآن ما أعلمنا به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في عدد أيام الشهر فقال الشهر هكذا و أشار بيده يعني عشرة أيام ثم قال و هكذا يعني عشرة أيام و هكذا و عقد إبهامه في الثالثة يعني تسعة أيام و في المرة الأخرى لم بعقد الإبهام فأراد أيضا عشرة أيام و ذلك لما قال تعالى أَيّٰاماً مَعْدُودٰاتٍ عدد الشارع أيام الشهر بالعشرات حتى يصح ذكر الأيام موافقا لكلام اللّٰه فإنه لو قال ثلاثون يوما لكان كما قال في الإيلاء لعائشة قد يكون الشهر تسعة و عشرين يوما و لم يقل هكذا و هكذا كما قال في عدد شهر رمضان فعلمنا أنه أراد موافقة الحق تعالى فيما ذكر في كتابه

[فمن كان منكم مريضا أو على سفر]

ثم قال فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ فأتى بذكر الأيام أيضا و أشار إلى المخاطبين بقوله مِنْكُمْ و هم الذين آمنوا مَرِيضاً يعني في حبس الحق أَوْ عَلىٰ سَفَرٍ و هم أهل السلوك في الطريق إلى اللّٰه في المقامات و الأحوال و السفر من الأسفار و هو الظهور لأنه إنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال فيه فأسفر لهم المقام و الحال في هذا السلوك إن العمل ليس لهم و إن كانوا فيه و إنما اللّٰه هو العامل بهم كما قال تعالى وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ يعني في وقت الحجاب فإنها أيام أخر حتى يجد التكليف محلا يقبله بالوجوب و قد تقدم الكلام في مثل هذا من هذا الباب فلينظر هناك

[من يطيق الصيام فهو مخير بينه و بين فدية الإطعام]

ثم قال وَ عَلَى الَّذِينَ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 628
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست