responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 627

يؤيد قولنا إنه يريد بصوم السر من الشهر الجمعية تحضيضه و تحريضه على صوم سرر شعبان و أن يقضيه من فاته فإن شعبان من التفريق و لهذا قيل إنه ما سمي هذا الشهر بلفظ شعبان إلا لتفرق قبائل العرب فيه و كذا قال اللّٰه تعالى وَ جَعَلْنٰاكُمْ شُعُوباً وَ قَبٰائِلَ فالشعوب في الأعاجم كالقبائل في العرب أي فرقكم شعوبا و ميز قبيلة من قبيلة و سميت المنية شعوبا لأنها تفرق بين الميت و أهله

[صيام سرر شعبان آكد من صيام غيره]

فكان صيام سرر شعبان آكد من صيام سرر غيره من الشهور لما فيه من التفريق

خرج مسلم عن ابن عمر أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال لرجل هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا قال لا فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه و في طريق أخرى أيضا المسلم عن ابن عمر هل صمت من سرر شعبان

[معرفة منزلة القمر و الشمس في ضرب المثل]

و في هذا الفصل علوم و أسرار إلهية يعرفها من تحقق بما نبهنا عليه و أسعد الناس بذلك أهل الاعتبار من الذين يراعون تسيير الشمس و القمر لحفظ أوقات العبادات فإن معرفة منزلة القمر و الشمس في ضرب المثل من أعظم الدلائل على العلم الإلهي الذي يختص بالكون و الإمداد الرباني و الحفظ لبقاء أعيان الكائنات و إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ أي حاضر فيما يلقى إليه المخبر فيمثله نصب عينيه فكأنه يشاهده فإنه خبر صدق جاء به صادق أمين

جاء به صادق أمين يخبر عن كل ما يكون
في كل كون بكل وجه من كل صعب و ما يهون
مما تراه القلوب كشفا معنى و ما تدرك العيون
جاء به من رب الدار يعلمه بما أودع فيها من كل شيء مليح قال تعالى وَ كُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنٰاهُ تَفْصِيلاً ذلك لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّٰهَ قَدْ أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً

(وصل في فصل في حكمة صوم أهل كل بلد برؤيتهم)

خرج مسلم في صحيحه عن كريب إن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها و استهل على رمضان و أنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد اللّٰه بن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم و رآه الناس و صاموا و صام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أ و لا تكتفي برؤية معاوية و صيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم

[إن اللّٰه ما كلف أحدا بحال أحد]

فبدنك و قواك بلدك و إقليمك و عالمك رعيتك و أنت مخاطب بالتصرف فيهم بالقدر الذي حد لك الحق في شرعه و أنت الراعي المسئول عنهم لا غيرك فإن اللّٰه ما كلف أحدا إلا بحاله و وسعه ما كلف أحدا بحال أحد ف‌ كُلُّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ و كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا و كُلَّ إِنسٰانٍ أَلْزَمْنٰاهُ طٰائِرَهُ فِي عُنُقِهِ

[عند ما يطلع هلال المعرفة في القلب من الاسم الإلهي رمضان]

فإذا طلع هلال المعرفة في قلبك من الاسم الإلهي رمضان فقد دعاك في ذلك الطلوع إلى الاتصاف بما هو له و هو الصوم فأمرك بتقييد جوارحك كلها الظاهرة و تقييد قواك الباطنة و أمرك بقيام ليلة و رغبك فيه و هو المحافظة على غيبه و جعل لك فيه فطرا في أول الليل و أمرك بالتعجيل به و غذاء في آخره و أمرك بتأخير ذلك إلى أن يكون في التأخير بمنزلة من قال هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع و ذلك لحكمة التحقق بالاسم الآخر في ليل رمضان كما كنت في يومه فإنك بين طرفي تحليل و تحريم

[ما خاطبك الحق إلا منك و بك]

فما خاطبك الحق إلا منك و لا خاطبك إلا بك و هكذا مع كل مكلف في العالم من ملك و جن و إنسان بل من كل مخلوق حال ذلك المخلوق ينزل الحكم عليه بصفة الكلام سواء ضم ذلك الكلام حروف هجاء أو لم تضمه هو عين الكلام الإلهي في العالم إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده و لقد أنطقني سبحانه في ذلك بما أنا ذاكره من الأبيات إن شاء اللّٰه تعالى

ناداني الحق من سمائي بغير حرف من الهجاء
ثم دعاني من أرض كوني بكل حرف من الهجاء
و قال لي كله كلامي فلا تعرج على سوائي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست