responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 625

الشمس قال يا فلان أنزل فاجدح لنا قال يا رسول اللّٰه إن عليك نهارا قال أنزل فاجدح لنا قال فنزل فجدح فأتاه به فشرب النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ثم قال إذا غابت الشمس من هاهنا و جاء الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم فسواء أكل أو لم يأكل فإن الشرع أخبر أنه قد أفطر أي أن ذلك ليس بوقت للصوم و أنه بالغروب تولاه الاسم الفاطر

[إتيان الليل هو ظهور سلطان الغيب لا ظهور ما في الغيب]

و إتيان الليل ظهور سلطان الغيب لا ظهور ما في الغيب فجاء ليستر ما كانت شمس الحقيقة كشفته غيرة لعدم احترام المكاشفين لما عاينوه من شعائر اللّٰه و حرماته فإن البصر قد أدرك ما لو اعتبر في شيء منه ما و في بما يجب عليه من التعظيم الإلهي له فلما قلت الحرمة منهم ستره الليل غيرة فدخل في غيب الليل

[علوم الأنوار و علوم الأسرار]

غير أن الإنسان إذا دخل في الغيب و اتصف به أدرك ما فيه من علوم الأنوار لا من علوم الأسرار و علوم الأنوار هو كل علم يتعلق به منافع الأكوان كلها كما إن الليل إذا جاء ظهرت بمجيئه أنوار الكواكب و اللّٰه جعلها لنهتدي بها فِي ظُلُمٰاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ و هما علم الإحسان و علم الحياة و علوم الأسرار خفيت عن أبصار الناظرين و هي غيب الغيب فصار الغيب على هذا فيه ما يدرك به و فيه ما لا يدرك

[الأولى بالصائم تعجيل الفطر عند الغروب]

و لما قال صلى اللّٰه عليه و سلم فقد أفطر الصائم فالأولى بالصائم أن يعجل الفطر عند الغروب بعد صلاة المغرب فإنه أولى لأن اللّٰه جعل المغرب وتر صلاة النهار فينبغي إن يؤديها بالصفة التي كان عليها بالنهار و هو الإمساك عن الطعام و الشراب و استحب له إذا فرغ من الفريضة أن يشرع في الإفطار و لو على شربة ماء أو تمر قبل النافلة فإن فاعل ذلك لا يزال بخير

خرج مسلم عن سهل بن سعد أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر فسمى الأكل أو الشرب فطرا مع أنه قال عنه إنه أفطر بمجيء الليل و غروب الشمس فجمع بالأكل بين فطرين فطر بالفعل و فطر بالحكم

[المقام المحمدي و المقام اليوسفى]

فمن قال بالمفهوم يرى أنه إذا لم يفطر بالأكل زال عنه الخير الذي كان يأتيه بالأكل لو أكل معجلا فإنه إذا أخر لم يحصل على ذلك الخير الذي أعطاه التعجيل و كان محروما خاسرا في صفقته ثم إنه تفوته الفرحة التي للصائم عند فطره أي يفوته ذوقها و حلاوتها و هي لذة الخروج من الجبر إلى الاختيار و من الحجر إلى السراج و من الضيق إلى السعة و هو المقام المحمدي و البقاء في الحجر مقام يوسفي جاء الرسول ليوسف من العزيز بالخروج من السجن فقال يوسف اِرْجِعْ إِلىٰ رَبِّكَ فَسْئَلْهُ مٰا بٰالُ النِّسْوَةِ فلم يخرج و اختار الإقامة في السجن حتى يرجع إليه الرسول بالجواب و إن كان مطابقا لدخوله في السجن فإنه دخله عن محبة و استصحبته تلك الحالة و هو قوله رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ فكانت محبة إضافة لم تكن محبة حقيقة و

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يرحم اللّٰه أخي يوسف لو كنت أنا لأجبت الداعي يقول سارعت إلى الخروج من السجن لأن مقامه صلى اللّٰه عليه و سلم يعطي السعة فإنه أرسله اللّٰه رحمة و من كان رحمة لا يحتمل الضيق فلهذا قلنا بلذة فرحة فطر الصائم إنه مقام محمدي لا يوسفي

[الصلاة حق اللّٰه و الفطر حق النفس]

و إنما قلنا بتعجيل الصلاة فيفطر بعد المغرب و قبل التنفل فإنه من فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و إنما قدمناه على الفطر لأن الصلاة و إن كانت للعبد فإنها حق اللّٰه و الفطر حق نفسك و

رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول للشخص الذي ماتت أمه و عليها صوم و أراد أن يقضيه عنها فقال له عليه السلام أ رأيت لو كان عليها دين أ كنت تقضيه قال نعم قال فحق اللّٰه أحق أن يقضى فقدم حق اللّٰه و جعله أحق بالقضاء من حق المخلوق و ذكر مسلم عن أبي عطية قال دخلت أنا و مسروق على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى اللّٰه عليه و سلم أحدهما يعجل الإفطار و يعجل الصلاة و الآخر يؤخر الإفطار و يؤخر الصلاة قالت أيهما الذي يعجل الإفطار و يعجل الصلاة قال قلنا عبد اللّٰه بن مسعود قالت كذلك كان يصنع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم

[رسول اللّٰه هو الأسوة الحسنة]

و لما كان صلى اللّٰه عليه و سلم قد جعله اللّٰه أسوة يتأسى به فقال تعالى لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فكان يفطر بأن يشق أمعاءه بشيء من رطب أو تمر أو حسوات من ماء قبل إن يصلي المغرب و بعد الصلاة كان يأكل ما قدر له

قال أبو داود في سننه عن أنس بن مالك أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كان يفطر على رطبات قبل إن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء فقدم الرطب لأنه أحدث عهد بربه من التمر كما فعل صلى اللّٰه عليه و سلم في المطرحين نزل برز بنفسه صلى اللّٰه عليه و سلم إليه و حسر الثوب عنه حتى أصابه المطر فسئل عن فعله ذلك فقال صلى اللّٰه عليه و سلم إنه حديث عهد بربه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 625
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست