responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 617

ذقته من نفسي و أعطانيه ربي بحمد اللّٰه وعدني بالشفاعة يوم القيامة فيمن أدركه بصري ممن أعرف و من لا أعرف و عين لي هذا المشهد حتى عاينته ذوقا صحيحا لا أشك فيه

[ابن عربى مع شيخه أبى إسحاق بن طريف بالجزيرة الخضراء]

و هذا مذهب شيخنا أيضا أبي إسحاق بن طريف و هو من أكبر من لقيته و لقد سمعت هذا الشيخ يوما و أنا عنده بمنزله بالجزيرة الخضراء سنة تسع و ثمانين و خمسمائة و قال لي يا أخي و اللّٰه ما أرى الناس في حق إلا أولياء عن آخرهم ممن يعرفني قلت له كيف تقول يا أبا إسحاق فقال إن الناس الذين رأوني أو سمعوا بي إما أن يقولوا في حقي خيرا أو يقولوا ضد ذلك فمن قال في حقي خيرا و أثنى علي فما وصفني إلا بصفته فلو لا ما هو أهل و محل لتلك الصفة ما وصفني بها فهذا عندي من أولياء اللّٰه تعالى و من قال في شرا فهو عندي ولي أطلعه اللّٰه على حالي فإنه صاحب فراسة و كشف ناظر بنور اللّٰه فهو عندي ولي فلا أرى يا أخي الأولياء لله و ما قال لي هذا إلا من أجل كلام جرى بيني و بينه في حق إنسان من أهل سبتة كان خلف هذا الشيخ بخلاف ما كان يلقاه به فهذا بلغ من حسن اعتقاده و كان من الشيوخ الذين تحسب عليهم أنفاسهم و يعاقبون على غفلاتهم و مات في عقوبة غفلة ذكرناها في الدرة الفاخرة عند ذكري إياه فيها

[اعتبار من فرق بين النذر و الصوم المفروض]

و أما من فرق بين النذر و الصوم المفروض فإن النذر أوجبه اللّٰه عليه بإيجابه و الصوم المفروض الذي هو رمضان أوجبه اللّٰه عليه ابتداء من غير إيجاب العبد فلما كان للعبد في واجب النذر تعمل بإيجابه صام عنه وليه لأنه عن وجوب عبد فينوب عنه في ذلك عبد مثله حتى تبرأ ذمته و الصوم المفروض ابتداء لم يكن للعبد فيه تعمل فالذي فرضه عليه هو الذي أماته فلو تركه صامه فكانت الدية على القاتل و قال تعالى فيمن خرج مُهٰاجِراً إِلَى اللّٰهِ(وَ رَسُولِهِ)ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّٰهِ فالذي فرق كان فقيه النفس سديد النظر علاما بالحقائق و هكذا حكمه في الاعتبار

(وصل في فصل المرضع و الحامل إذا أفطرتا ما ذا عليهما)

فمن قائل يطعمان و لا قضاء عليهما و به أقول فإنه نص القرآن و الآية عندي مخصصة غير منسوخة في حق الحامل و المرضع و الشيخ و العجوز و من قائل تقضيان فقط و لا إطعام عليهما و من قائل تقضيان و تطعمان و من قائل الحامل تقضي و لا تطعم و المرضع تقضي و تطعم و الإطعام مد عن كل يوم أو تحفن حفانا و يطعم كما كان أنس يصنعه

(الاعتبار)

الحامل الذي يملكه الحال و المرضع الساعي في حق الغير يتعين عليهما حق من حقوق اللّٰه فمن رأى أن الدين قبل الوصية قدم حق الغير على حق اللّٰه لمسيس الحاجة فإنه حكم الوقت و من قدم حق اللّٰه على حق الغير و رأى

قول النبي صلى اللّٰه عليه و سلم إن حق اللّٰه أحق بالقضاء و رأى أن اللّٰه قدم في القرآن الوصية على الدين في آية المواريث فقدم حق اللّٰه و إليه أذهب قال تعالى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ و يرجح عندي حق الغرماء إذا لم يف ما بقي لهم من مال هذا الميت في بيت المال يؤديه عنه السلطان من الصدقات فإنهم من الثمانية الأصناف فلصاحب الدين أمر يرجع إليه في دينه و ليس للوصية ذلك فوجب تقديمها بلا شك عند المنصف

[صاحب الحال ليس في حق من حقوق اللّٰه]

و أما المرضع و إن كانت في حق الغير فحق الغير من حقوق اللّٰه حيث شرع اللّٰه أداءها و صاحب الحال ليس في حق من حقوق اللّٰه لأنه غير مكلف في وقت الحال و المرضع كالساعي في حق الغير فهو في حق اللّٰه فإنه في أمر مشروع له فقد وكلناك بعد هذا البيان و التفصيل إلى نفسك في النظر فيمن ينبغي له القضاء و الإطعام أو أحدهما ممن ذكرنا

(وصل في فصل الشيخ و العجوز)

أجمع العلماء على أنهما إذا لم يقدرا على الصوم أن يفطرا و اختلفوا إذا أفطر أهل يطعمان أو لا يطعمان فقال قوم يطعمان و قال قوم لا يطعمان و به أقول غير أنهم استحبوا لهم الإطعام و الذي أقول به إن الإطعام إنما شرع مع الطاقة على الصوم و أما من لا يطيقه فقد سقط عنه التكليف في ذلك و ليس في الشرع إطعام من هذه صفته من عدم القدرة عليه فإن اللّٰه ما كلف نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا و ما كلفها الإطعام فلو كلفها مع عدم القدرة لم نعدل عنه و قلنا به

(الاعتبار)

من كان مشهده أن لا قدرة له كأمثالنا أو يقول إن القدرة الحادثة ما لها أثر إيجاد في المقدور و كان مشهده أن الصوم لله فقد انتفى عنه الحكم بالصوم و الإطعام يقول اللّٰه وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لاٰ يُطْعَمُ و قال مصدقا لخليله اَلَّذِي(هُوَ)يُطْعِمُنِي فقرره و لم يرده و الإطعام إنما هو عوض عن واجب يقدر عليه و لا واجب فلا عوض فلا إطعام و هجير صاحب هذا المقام لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست