responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 605

تعالى شَهْرُ رَمَضٰانَ و لم يقل رمضان و قال فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ و لم يقل رمضان فتقوى بهذا حديث أبي معشر مع قول العلماء فيه إنه يكتب حديثه مع ضعفه فزاد قوة في هذا الحديث بما أيده القرآن من ذلك فما فرض اللّٰه الصوم الذي لا مثل له ابتداء إلا في شهر سماه سبحانه باسم من أسمائه في مثل له في الشهور لأنه ليس في أسماء شهور السنة من له اسم تسمى اللّٰه به إلا رمضان فجاء باسم خاص اختص به معين و ليس كذلك في إضافة رجب يقول النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فيه إنه شهر اللّٰه المحرم فالكل شهور اللّٰه و ما نعته هنا إلا بالمحرم و هو أحد الشهور الحرم

[رمضان فيه أنزل القرآن]

ثم إن اللّٰه تعالى أنزل القرآن في هذا الشهر في أفضل ليلة تسمى ليلة القدر فأنزله فيه هُدىً لِلنّٰاسِ وَ بَيِّنٰاتٍ مِنَ الْهُدىٰ وَ الْفُرْقٰانِ من كونه رمضان و أما من كونه ليلة القدر فأنزله كتابا مبينا أي بينا أنه كتاب و بين كون الشيء كتابا و قرآنا و فرقانا مراتب متميزة يعلمها العالمون بالله فنهى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يقال رمضان لقوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فلو قيل لكان مثلا في هذا الاسم فأضاف لفظ الشهر إليه حتى تنتفي عنه المثلية في الشهور خاصة و يبقى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ على رتبته من كل وجه

[رمضان فرض اللّٰه صيامه و ندب إلى قيامه]

و قد فرض اللّٰه صومه و ندب إلى قيامه و هو يتضمن صوما و فطرا لأنه يتضمن ليلا و نهارا و اسم رمضان ينطلق عليه في حال الصوم و الإفطار حتى يتميز من رمضان الذي هو اسم اللّٰه تعالى فإن اللّٰه تعالى له الصوم الذي لا يقبل الفطر و لنا الصوم الذي يقبل الفطر و ينتهي إلى حد و هو إدبار النهار و إقبال الليل و غروب الشمس فكان إطلاقه على الحق لا يشبه إطلاقه على الخلق

[تجلى اللّٰه في رمضان ما هو مثل تجليه في غير رمضان]

و ندب إلى القيام في ليلة لتجليه تعالى يَوْمَ يَقُومُ النّٰاسُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ و إن كان التجلي لله في كل ليلة من السنة و لكن تجليه في رمضان في زمان فطر الصائمين ما هو مثل تجليه للمفطر من غير صوم لأن هذا وجود فطر عن ترك مشروع موصوف بأنه لا مثل له و ذلك الآخر لا يسمى مفطرا بل يسمى آكلا إذا كان الفطر الشق فهذا الأكل للصائم شق أمعائه بالطعام و الشراب بعد سدها بالصوم حيث قال سدوا مجاريه بالجوع و العطش و كان القيام بالليل لأن القيام نتيجة قوة في المحل و سبب قوي المحل الغذاء و كان بالليل لمناسبة الغيب فإن القوة عن الغذاء غيب غير محسوس إنتاج القوة عن الغذاء*

[رمضان يشمل الصوم و الفطر و القيام و الرقدة]

و لما شمل رمضان الصوم و الفطر و القيام و عدم القيام لذلك

ورد في الخبر لا يقولن أحدكم إني قمت رمضان كله و صمته قال الراوي فلا أدري أ كره التزكية أو قال لا بد من نومة أو رقدة فجعل الاستثناء في قيام ليله لا في صوم نهاره خرج هذا الحديث أبو داود عن أبي بكرة عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فالفطر هنا هو الإدبار و الإقبال و الغروب سواء أكل أو لم يأكل

[حد اليوم المشروع للصوم]

فصوم شهر رمضان واجب على كل إنسان مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم غير مسافر و هو عين هذا الزمان المعلوم المشهور المعين من الشهور الاثني عشر شهرا الذي بين شعبان و شوال و المعين من هذا الزمان صوم الأيام دون الليالي و حد يوم الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فهذا هو حد اليوم المشروع للصوم لا حد اليوم المعروف بالنهار فإن ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها و لما اتصف من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ بالأول و الآخر كذلك وصف الصوم الذي لا مثل له بأول و آخر فأوله الطلوع الفجري و آخره الغروب الشمسي فلم يجعل أوله يشبه آخره لأنه اعتبر في أوله ما لم يعتبر في آخريته مما هو موجود في آخريته موصوف فيه الصائم بالإفطار و في أوليته موصوف فيه بالصوم و لا فرق بين الشفق في الغروب و الطلوع من حين الغروب إلى حين مغيب الشفق أو من حين الانفجار إلى طلوع الشمس و لهذا عدل الشرع إلى لفظة الفجر لأن حكم انفجاره لوجود النهار حكم غروب الشمس لإقبال الليل و حصوله فكما علم بانفجار الصبح إقبال النهار و إن لم تطلع الشمس كذلك عرفنا بغروب الشمس إقبال الليل و إن لم يغرب الشفق فانظر ما أحكم وضع الشريعة في العالم فالجامع بين الأول و الآخر في الصوم وجود العلامة على إقبال زمان الصوم و زمان الفطر و هو إدبار النهار كما إن بالفجر إدبار الليل فرمضان أعم من صيامه و سيأتي الكلام على الوصال في موضعه و هل صاحبه يسمى صائما أم لا

[تحديد الشهر العربي]

و بعد أن ذكرنا تحديد يوم الصوم سواء كان في شهر رمضان أو في غيره فلننظر في تحديد الشهر فأقل مسمى الشهر تسعة و عشرون يوما و أكثره ثلاثون يوما هذا هو الشهر العربي القمري خاصة الذي كلفنا إن نعرفه و شهود العادين بالعلامة أيضا لكن أصحاب العلامة يجعلون شهرا تسعة و عشرين و شهرا ثلاثين و الشرع تعبدنا في ذلك برؤية الهلال و في الغيم بأكبر المقدارين إلا في شعبان

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 605
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست