responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 583

صلوات اللّٰه عليهم فإنهم في باب تشريع الاكتساب فإذا وقفوا مع نبوتهم لا مع رسالتهم كان حالهم مع اللّٰه حال ما ذكرناه من ترك طلب ما سواه و الأشراف فهم مع اللّٰه واقفون و إليه ناظرون و به ناطقون في كل منطوق به و منظور إليه و موقوف عنده

[التكليف ما هو سوى أمر و نهى]

و كما أنهم به ناطقون هم به سامعون يذكرون عباده تعبدا و يطيعون عباده تعبدا و يجتهدون و لا يفترون عبادة لا تعرضا و لا طلبا إلا وفاء لما يقتضيه مقام من كلفهم من حيث ما هو مكلف لا من وجه آخر و مقام من كلف فهو يهبهم من لدنه علما لم يكن مطلوبا لهم فيكون مكتسبا و من أسمائه سبحانه المؤمن و هو من نعوت العبد لا من أسماء العبد فإنه إذا كان اسما لم يعلل و إذا كان صفة و نعتا علل فهو لله اسم و للعبد صفة هذا هو الأدب مع اللّٰه و قد ورد في معنى ما أشرنا إليه حديث

ذكره أبو عمر ابن عبد البر النمري عن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول من جاءه من أخيه معروف من غير أشراف و لا مسألة فليقبله و لا يرده فإنما هو رزق ساقه اللّٰه إليه فجمع هذا الحديث بين الأمر بالقبول و النهي عن الرد فحصل فيه التكليف كله فإن التكليف ما هو سوى أمر و نهي

[الأكابر لا يسألون أحدا شيئا و لا يردون شيئا]

و مما يؤيد صحة هذا الحديث ما

خرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمران رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول أعطه يا رسول اللّٰه أفقر إليه مني فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم خذه فتموله أو تصدق به و ما جاءك من هذا المال و أنت غير مشرف و لا سائل فخذه و ما لا فلا تتبعه نفسك فالأكابر لا يسألون أحدا شيئا إلا إذا كان اللّٰه مشهودهم في الأشياء و لا يردون شيئا أعطوه فإن الأدب مع اللّٰه أن لا ترد على اللّٰه ما أعطاك

[فتنة العلم أعظم من فتنة المال]

و فتنة العلم أعظم من فتنة المال فإن شرف المال شرف عارض لا يتعدى أفواه الناس ليس للنفس منه صفة و شرف العلم حلية تتحلى بها النفس ففتنته أعظم و لا زوال له عن صاحبه في حال فقره و غناه و نوائبه و المال يزول عن صاحبه بلص يأخذه أو حرق أو غرق أو هدم أو زلزلة أو جائحة سماوية أو فتنة أو سلطان و العلم منك في حصن حصين لا يوصل إليه أبدا يلزم الإنسان حيا و ميتا دنيا و آخرة و هو لك على كل حال و إن كان عليك في وقت ما فهو لك في آخر الأمر و إن أصابتك الآفات من جهته فلا تكثرت فليس إلا لشرفه حيث لم تعمل به فما أصبت إلا من تركك العمل به لا منه فإذا نجوت أخذ بيدك إلى منزلته و منزلته معلومه و معلومه الحق فينزلك بالحق على قدر ذلك العلم فلا تكن من الجاهلين

(وصل في فصل إيجاب اللّٰه الزكاة في المولدات)

[المولدات تولدت عن حركة الفلك و الأركان]

اعلم أن اللّٰه أوجب الزكاة في المولدات و هي ثلاثة معدن و نبات و حيوان فالمعدن ذهب و فضة و النبات حنطة و شعير و تمر و الحيوان إبل و بقر و غنم فعم جميع المولدات و أطلق عليها اسم المولدات لأنها تولدت عن أم و أب عن فلك و حركته الذي هو بمنزلة الجماع و هو الأب و الأركان الأم

[الزكاة كما هي طهارة هي رزء في المال]

فكان المال محبوبا للإنسان حب الولد أ لا ترى اللّٰه قرنه بالولد في الفتنة فقال إِنَّمٰا أَمْوٰالُكُمْ وَ أَوْلاٰدُكُمْ فِتْنَةٌ فقدم المال على الولد في الذكر وَ اللّٰهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ إذا رزأكم في شيء منهما فالزكاة و إن كانت طهارة الأموال و طهرت أربابها من صفة البخل فهي رزء في المال بلا شك فلصاحبها أجر المصاب و هو من أعظم الأجور

[الولد شجنة من الوالد كالرحم شجنة من الرحمن]

و الولد شجنة من الوالد كالرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله اللّٰه و من قطعها قطعه اللّٰه قال بعض الشعراء في الأولاد و هو من شعر الحماسة

و إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
فجعل الولد قطعة من الكبد

[قلب كل إنسان حيث يكون ماله]

و

قال عيسى عليه السلام لأصحابه قلب كل إنسان حيث ما له فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء فحث على الصدقة لما علم إن الصدقة تقع بيد الرحمن و هو يقول أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمٰاءِ و

الصدقة تطفئ غضب الرب فانظر ما أعجب كلام النبوة و ما أدقه و أحلاه فمن ألحق الولد بالوالد و وصله به فله أجر من وصل الرحم فينبغي للإنسان أن يلحق ماله من حيث ما هو مولد مولود بأبيه الذي تولد عنه لأنه قطعة منه فللإنسان المتصدق في صدقة زكاته أجر المصيبة و أجر صلة الرحم إذا زكى ماله

[الصبر على فقد المحبوب لا يقدر عليه إلا مؤمن أو عارف]

و الصبر علي فقد المحبوب من أعظم الصبر و لا يصبر على ذلك إلا مؤمن أو عارف فإن الزاهد لا زكاة عليه لأنه ما ترك له شيئا تجب فيه الزكاة لأن الزهد يقتضي ذلك و العارف ليس كذلك لأن العارف يعلم أن فيه من حيث ما هو مجموع العالم من يطلب المال فيوفيه حقه فتجب عليه الزكاة من ذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 583
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست