responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 580

عادل و شاب نشأ في عبادة اللّٰه و رجل قلبه متعلق بالمساجد و رجلان تحابا في اللّٰه اجتمعا عليه و تفرقا عليه و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف اللّٰه و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه و رجل ذكر اللّٰه خاليا ففاضت عيناه

(وصل في فصل من عين له صاحب هذا المال الذي بيده قبل أن يتصدق به عليه)

[تكون الصدقة حيث يكون الملك]

إن من عباد اللّٰه من يكشف له فيما بيده من الرزق و هو ملك له إنه لفلان و لفلان و يرى أسماء أصحابه عليه و لكن على يده فإذا أعطى من هذه صفته صدقة هل تكتب له صدقة قلنا نعم تكتب له صدقة من حيث ما نسب اللّٰه الملك له و إن كوشف فلا يقدح فيه ذلك الكشف أ لا ترى إلى المحتضر قد زال عنه اسم الملك و حجر عليه التصرف فيه و ما أبيح له منه إلا الثلث و ما فوق ذلك فلا يسمع له فيه كلام لأنه تكلم فيما لا يملك

[النفس قد جبلت على الشح]

و اعلم أن النفس قد جبلت على الشح قال تعالى وَ إِذٰا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً و قال وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ و سبب ذلك أنه ممكن و كل ممكن فقير بالأصالة إلى مرجح يرجح له وجوده على عدمه فالحاجة له ذاتية و الإنسان ما دامت حياته مرتبطة بجسده فإن حاجته بين عينيه و فقره مشهود له و به يأتيه اللعين في وعده فقال اَلشَّيْطٰانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ فلا يغلب نفسه و لا الشيطان إلا الشديد بالتوفيق الإلهي فإنه يقاتل نفسه و الشيطان المساعد لها عليه و لهذا سماها الشارع صدقة لأنها تخرج عن شدة و قوة يقال رمح صدق أي قوي شديد فلو لم يأمل البقاء و تيقن بالفراق هان عليه إعطاء المال لأنه مأخوذ عنه بالقهر شاء أم أبي فمن طمع النفس أن تجود في تلك الحالة لعل تحصل بذلك في موضع آخر قدر ما فارقته كل ذلك من حرصها فلم تجد مثل هذه النفس عن كرم و لا وقاها اللّٰه شحها

ذكر مسلم في ذلك عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فقال يا رسول اللّٰه أي الصدقة أعظم أجرا قال أما و أبيك لتنبأنه أن تصدق و أنت صحيح شحيح تخشى الفقر و تأمل البقاء و لا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا و كذا و قد كان لفلان فينبغي لمن لم يقه اللّٰه شح نفسه و قد وصل إلى هذا الحد و ارتفع عنه في تعيينه لفلان طائفة من ماله أن يكون ذلك صدقة فليجعل في نفسه عند تعيينه أنه مؤد أمانة و أن ذلك وقتها فيحشر مع الأمناء المؤدين أمانتهم لا مع المتصدقين و لا يخطر له خاطر الصدقة ببال إن أراد أن ينصح نفسه

(وصل في فضل ضروب الملك و التمليك عند أهل اللّٰه)

[ملك استحقاق و ملك الأمانة و ملك الوجودي]

العارف يقول اللّٰه له هذا ملكك فيقبله منه بالأدب و العلم في ذلك أنه ملك استحقاق لمن يستحقه و من هو حق له و ملك أمانة لمن هو له بيده أمانة و ملك وجود لمن هو موجود عنه فالأشياء كلها ملك لله وجودي و هي للعبد بحسب الحال فما لا بد له في نفس الأمر من المنفعة به على النفس فهو ملك استحقاق له و هو من الطعام و الشراب ما يتغذى به في حين التغذي به مما يتغذى لا مما يفضل عنه و يخرج من سبيله و غير ذينك و من الثياب ما يقيه من حر الهواء و برده و أما ما عدا هذا القدر فهو بيده ملك أمانة لمن يدفع به أيضا ما دفع هو به عن نفسه مما ذكرناه

[أحوال العارفين إزاء ضروب الملك و التمليك]

فلا يخلو العارف إما أن يكون ممن كشف أسماء أصحاب الأشياء مكتوبة عليها فيمسكها لهم حتى بدفعها إليهم في الوقت الذي قدره الحكيم و عينه فيفرق ما بين ما هو له فيسميه ملك استحقاق لأن اسمه عليه و هو يستحقه و بين ما هو لغيره فيسميه ملك أمانة لأن اسم صاحبه عليه و الكل بلسان الشرع ملك له في الحكم الظاهر أو يكون هذا العارف ممن لم يكشف له ذلك فلا يعرف على التعيين ما هو رزقه من الذي هو عنده فإذا كوشف فيعمل بحسب كشفه فإن الحكم للعلم في ذلك و إن لم يكاشف فالأولى به أن يخرج عن ماله كله صدقة لله و رزقه لا بد أن يأتيه ثقة بما عند اللّٰه إن كان قد بقي له عند اللّٰه ما يستحقه و إن لم يبق له عند اللّٰه شيء فلا ينفعه إمساك ما هو ملك له شرعا فإنه لا يستحقه كشفا في نفس الأمر و هو تارك له و هو غير محمود هذه أحوال العارفين

[خروج المكاشف عن ماله]

و قد يخرج صاحب الكشف عن ماله كله عن كشفه لأنه يرى عليه اسم الغير فلا يستحق منه شيئا فيشبه بالصورة من خرج عن ماله كله من غير كشف فإن لم يكن عنده ثقة بالله فيذمه الشرع إن خرج عن كل ماله ثم بعد ذلك يسأل الناس الصدقة فمثل هذا لا تقبل صدقته كما

قد ورد في ذلك في حديث النسائي في الرجل الذي تصدق عليه بثوبين ثم جاء رجل آخر يطلب أن يتصدق عليه أيضا و ألقى هذا المتصدق عليه الأول أحد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 580
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست