responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 577

لكان أعظم لأجرك فمقام العبودية رجح على ثواب الحرية

[المفاضلة بين الغنى الشاكر و الفقير الصابر]

كما رجح الفقر إلى اللّٰه على الغني بالله بعض أشياخنا حدثني عبد اللّٰه القلفاط بجزيرة طريف سنة تسعين و خمسمائة و قد جرى بيننا الكلام على المفاضلة بين الغني و الفقير أعني الغني الشاكر و الفقير الصابر و هي مسألة طبولية و انجر في ذلك حال الفقر و الغنى فقال لي حضرت عند بعض المشايخ و حكاها لي عن أبي الربيع الكفيف المالقي تلميذ أبي العباس بن العريف الصنهاجى قال لو أن رجلين كان عند كل واحد منهما عشرة دنانير فتصدق أحدهما من العشرة بدينار واحد و تصدق الآخر بتسعة دنانير من العشرة التي عنده أيهما أفضل فقال الحاضرون الذي تصدق بالتسعة فقال بما ذا فضلتموه فقالوا له لأنه تصدق بأكثر مما تصدق به صاحبه فقال حسن و لكن نقصكم روح المسألة و غاب عنكم قيل له و ما هو قال فرضناهما على التساوي في المال فالذي تصدق بالأكثر كان دخوله إلى الفقر أكثر من صاحبه ففضل بسبقه إلى جانب الفقر

[الصوفية لا يقفون مع الأجور و لكن مع الحقائق]

و هذا لا ينكره من يعرف المقامات و الأحوال فإن القوم ما وقفوا مع الأجور و إنما وقفوا مع الحقائق و الأحوال و ما يعطيه الكشف و بهذا فضلوا على علماء الرسوم و لو تصدق بالكل و بقي على أصله لا شيء له كان أعلى فنقصه من الدرجة و الذوق على قدر ما تمسك به أ لا ترى ما قاله شيخنا أبو العباس السبتي رحمه اللّٰه في المحتضر يوصي بالثلث فإن المحتضر ما يملك من المال إلا الثلث فخرج عما يملك و ما أبقى شيئا و أجاز له الشارع أن يتصدق بالثلث كله الذي يملكه و هو محمود في ذلك شرعا فلقي اللّٰه فقيرا على حكم الأصل كما خرج من عنده رجع إليه صفر اليدين قال بعضهم في هذا المعنى

إذا ولد المولود يقبض كفه دليل على الحرص المركب في الحي
و يبسطها عند الممات مواعظا ألا فانظروني قد خرجت بلا شيء
فكان أفضل ممن لم يتصدق بذلك الثلث الذي يملكه أو تصدق بأقل من الثلث و ينوي بما يبقيه أنه صدقة على ورثته و فيه إشارة عجيبة

(وصل في فصل فضل من ترك صدقة بعد موته جارية في الناس من مال أو علم)

[ما هو من سعى الإنسان هو له عند اللّٰه]

العارف بالله يحتضر و في نفسه لو أطاق الكلام أفاد الناس علما بربهم و قد عقل لسانه فنقل عند تلميذ مسألة في العلم النافع من توحيد و غيره أفادها السامعين الحاضرين فإن ذلك العارف المحتضر يجني ثمرتها و التلميذ يجني ثمرة نقله عند اللّٰه و يجازي اللّٰه بها الميت جزاء وجوب فإنها من سعيه يقول اللّٰه وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسٰانِ إِلاّٰ مٰا سَعىٰ و أفضل ما أكله الرجل من كسبه و إن ولده من كسبه و التلميذ ولد ديني بلا شك فما هو من سعى الإنسان فهو له عند اللّٰه بطريق الإيجاب الإلهي الذي أوجبه على نفسه

[عمل الغير بحكم النيابة]

و أما ما عمل عنه غيره بحكم النيابة مما لم يؤذن فيه الميت و لا أوصى به و لا له فيه تعمل فإن اللّٰه يعطيه ذلك المقام إذا وهبه إياه غيره فيأخذه الميت لا من طريق الوجوب الإلهي لكن يجب عليه أخذه و لا بد فإنه أتاه من غير مسألة و في الحديث الصحيح ما أتاك من غير مسألة فخذه و ما لا فلا تتبعه نفسك و قد وردت من ذلك رائحة في علم الرسوم فيما

خرجه مسلم عن عائشة أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أتاه رجل فقال يا رسول اللّٰه إن أمي افتلتت نفسها و لم توص و أظنها لو تكلمت تصدقت أ فلها أجران تصدقت عنها قال نعم

(وصل في فصل ما تعطيه النشأة الآخرة)

[بدء الخلق على غير مثال و عوده كذلك]

قال اللّٰه تعالى كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ و لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولىٰ فَلَوْ لاٰ تَذَكَّرُونَ و بدأنا على غير مثال و علمنا ذلك كذلك يعيدنا على غير مثال

[كون الشخص في أماكن مختلفة في زمان واحد]

اعلم أن من ثواب الدار الآخرة و نسبة الإنسان إليه علم النشأة الآخرة و لم يبعد عليه أن يكون الشخص في أماكن مختلفة في الزمن الواحد و هذا أمر تحيله العقول و يشهد بصحته الكشف فهو محال عقلا و ليس بمحال نسبة إلهية كل مصل يناجي ربه و الإنسان مخلوق من حيث حقيقته التي نشأ عليها في الدار الآخرة على الصورة

[كون العارف مع الأسماء الإلهية مع أحدية عينه و عينها]

العارف يكون مع كثير من الأسماء الإلهية في أحوال مختلفة مع أحدية العين من العارف و من المسمى و يراه كل إنسان بحسب عينه الذي يحب هذا الرجل أن يظهر إليه به فيكون زيد المصلي في حال صلاته يراه عمر و نائما و يراه خالد كاتبا و يراه محمد خائطا و يراه قاسم آكلا و العين واحدة و كل ذلك بالفعل مشهود لكل راء و كل راء في بلد غير بلد صاحبه كما يدخل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست