responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 571

تمام زكاتكم رضاهم و ليدعوا لكم و

في حديثه أيضا عن بشير بن الخصاصية قال فقلنا يا رسول اللّٰه إن أصحاب الصدقة يعتدون علينا أ فنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا قال لا

(وصل الاعتبار في ذلك)

المصدق هو الوقت و رضاه أن يوفي له بما يقتضيه حاله مما جاء به و إن جاء بشدة و قهر مثل ما يجد الإنسان من خاطر في عمل من الأعمال أي من أعمال الخير إلا أنه شاق ربما أدى إلى تلف فكان أبو مدين رضي اللّٰه عنه يقول فيه الدية على القاتل قال تعالى في المهاجر ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّٰهِ و صورة التعدي فيه إن اللّٰه قد جعل لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا فاعتديت عليك في ذلك و هو قوله في المصطفين فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ فالمتعدي هو الوقت و هو الخاطر الذي يخطر بما خطر و هو المتعدي و هو العادل

(وصل في فصل المسارعة بالصدقة)

فإن مسلم بن الحجاج ذكر في صحيحه عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال تصدقوا فيوشك الرجل يمشي بصدقته فيقول الذي أعطيها لو جئتنا بها بالأمس قبلتها و أما الآن فلا حاجة لي بها فلا يجد من يقبلها

(وصل الاعتبار في
ذلك)

المسارعة بالتوبة و هي من الفرائض فإن أخرها إلى الاحتضار لم تقبل و هنا مسألة دقيقة القليل من أصحابنا من يعثر عليها

[أصعب الأحوال على قلب المراد المجذوب]

و هي أن المراد قد يكون غير تائب فيكون له كشف من اللّٰه عناية به فيكون أول ما يكشف له أن اللّٰه هو خالق كل شيء فلا يرى لنفسه حركة ظاهرة و باطنة و لا عملا و لا نية و لا شيئا إلا اللّٰه ليس بيده من الأمر شيء فهل تتصور منه توبة في هذه الحال أم لا و هو يرى أنه مسلوب الأفعال و إن تاب فهل تقبل توبته مع هذا الكشف أو يكون بمنزلة من تاب بعد طلوع الشمس من مغربها فإن شمس الحقيقة قد طلعت له هنا من مغرب قلبه بصحة علمه و هذا من أصعب الأحوال على قلب المراد المجذوب فإن قبول التوبة و قبول العمل إنما هو مع الحجاب حجاب إضافة العمل إليك و هنا ما خرج شيء عنه حتى يقبله بل هو في يديه و القبول لا يكون إلا من الغير

[نسبة الناظر و نسبة العامل]

فاعلم إن نسبة الناظر ما هي نسبة العامل فالناظر يقبل من العامل و العامل هو المتصرف في هذه الذات التي هي محل ظهور العمل أي عمل كان فتتصور التوبة من صاحب هذا الكشف و يكون اللّٰه هو التواب هنا و هذا أقصى مشهده فليسارع إلى الطاعات على أي حال كان و لا يتوقف فإن الأنفاس ليست له و لا تكليف إلا هنا و يوم القيامة إذ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ سجود تمييز لا سجود ابتلاء فيتميز في دعاء الآخرة إلى السجود من سجد لله ممن سجد اتقاء و رياء و في الدنيا لم يتميز لاختلاط الصور

(وصل في فصل ما تتضمنه الصدقة من الأثر في النسب الإلهية و غيرها)

فمن ذلك قوله تعالى وَ مٰا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ و

خرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما من يوم يصبح فيه العباد إلا و ملكان ينزلان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا و يقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا

[الهوية عين الذات و تخلف المتصدق به]

فانظر يا أخي كيف جعل هويته خلفا من نفقتك و إنك أحييت من تصدقت عليه فأحياك اللّٰه به حياة أبدية لأنه إن لم يكن الحق حياتك فلا حياة فإن قلت لو كان ذلك النصب الياء و رفع اللام قلنا الهوية عين الذات و الهوية تخلف الشيء المتصدق به باسم إلهي تكون به حياة ذلك المنفق و أسماؤه ليست غيره و لكن هكذا تقع العبارة عنها لما يعقل في ذلك من اختلاف النسب و كلامنا في هذه المعاني إنما هو مع أصحابنا الذين قد علموا ما نقول و نشير به إليهم على ما تقرر عندنا في الاصطلاح في ذلك فالأجنبي لا يقبل اعتراضه

[لسان الملائكة لسان خير]

أ لا ترى الملك يقول اللهم أعط منفقا خلفا مع أنه وعد بالخلف و وعده صدق و الإنفاق هنا من الهلاك و الإتلاف أي أتلف ما كان عنده عنه و لا خلاء فاجعل مكانه ما يناسب أثره فيمن أتلف من أجله فله أجر من أحيا أ لا ترى الآخر يقول اللهم أعط ممسكا تلفا لأن الملائكة لسان خير فيقول هذا الملك اللهم أعط ممسكا ما أعطيت المنفق حتى يتلف ماله مثل صاحبه فكأنه يقول اللهم ارزق الممسك الإنفاق حتى ينفق فإن كنت لم تقدر في سابق علمك إن ينفقه باختياره فأتلف ماله حتى تأجره فيه أجر المصاب فنصيب خيرا و أنت قد قلت وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً فهذا قد تلف ماله كرها فأعد عليه ثوابا ممن وجد به راحة و إن لم يقصدها هذا الذي رزئ في ماله بالتلف فهذا دعاء له بالخير لا ما يظنه من لا معرفة له بمراتب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 571
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست