responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 564

الَّذِي يُقْرِضُ اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً فيأخذ الزكاة الغارم الأول الذي أعطى على الوجوب الصدقة بحكم الوجوب أي أنها تجب له و يأخذها الثاني باختيار المصدق حيث ميزه دون غيره و لا سيما في مذهب من يرى في عدد هؤلاء الأصناف أنه حصر المصرف في هؤلاء المذكورين أي لا يجوز أن تعطي لغيرهم فإذا أعطيت لصنف منهم دون صنف فقد برئت الذمة و هي مسألة خلاف فهذا المقرض بآية مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّٰهَ و إِنْ تُقْرِضُوا اللّٰهَ لا يأخذها بحكم الوجوب و المقرض بآية الأمر يأخذها بحكم الوجوب لأن المأمور أدى واجبا فجزاؤه واجب وَ كٰانَ حَقًّا عَلَيْنٰا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ فإن الايمان واجب فَسَأَكْتُبُهٰا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآيٰاتِنٰا يُؤْمِنُونَ و هذه كلها واجبات فأوجب الجزاء بالرحمة لهم بلا شك

[سبيل اللّٰه هي سبل الخير كلها المقربة إلى اللّٰه]

و في سبيل اللّٰه فيمكن إن يريد المجاهدين و الإنفاق منها في الجهاد فإن العرف في سبيل اللّٰه عند الشرع هو الجهاد و هو الأظهر في هذه الآية مع أنه يمكن أن يريد بسبيل اللّٰه سبل الخير كلها المقربة إلى اللّٰه فأما هذا الصنف بحكم ما يقتضيه الطريق فسبيل اللّٰه ما يعطيه هذا الاسم الذي هو اللّٰه دون غيره من الأسماء الحسنى الإلهية فيخرجها فيما تطلبه مكارم الأخلاق من غير اعتبار صنف من أصناف المخلوقين كرزق اللّٰه عباده بل ما تقتضيه المصلحة العامة لكل إنسان بل لكل حيوان و نبات حتى الشجرة يراها تموت عطشا فيكون عنده بما يشترى لها ما يسقيها به من مال الزكاة فيسقيها بذلك فإنه من سبيل اللّٰه و لا قائل بهذا

[الجهاد الأصغر و الجهاد الأكبر]

و إن أراد المجاهدين فالمجاهدون معلومون بالعرف من هم و المجاهدون أنفسهم أيضا في سبيل اللّٰه فيعاونون بذلك على جهاد أنفسهم

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر يريد جهاد النفوس و مخالفتها في أغراضها الصارفة عن طريق اللّٰه تعالى

[ابن السبيل هو ابن طريق اللّٰه]

و ابن السبيل و أبناء السبيل معلومون و هم في الاعتبار أبناء طريق اللّٰه لأن الألف و اللام للتعريف فهما بدل من الإضافة و نصيب هؤلاء من الزكاة التي هي الطهارة الإلهية التي ذكرناها فيما قبل

(وصل متمم) [زكاة حقوق اللّٰه]

ثم لتعلم وفقك اللّٰه أن الأمور التي يتصرف فيها الإنسان حقوق اللّٰه كلها غير أن هذه الحقوق و إن كانت كثيرة فإنها بوجه ما منحصرة في قسمين قسم منهما حق الخلق لله و هو

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم إن لنفسك عليك حقا و لعينك عليك حقا و لزورك عليك حقا و القسم الآخر حق اللّٰه لله و هو

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم لي وقت لا يسعني فيه غير ربي

[أصناف الحقوق الثمانية]

و هذا الحق الذي لله هو زكاة الحقوق التي للخلق لله و هذه الحقوق بجملتها في ثمانية أصناف العلم و العمل و هما بمنزلة الذهب و الفضة و من الحيوان الروح و النفس و الجسم في مقابلة الغنم و البقر و الإبل و من النبات الحنطة و الشعير و التمر

[ما تنبته الأرواح و النفوس و الجوارح]

و في الاعتبار ما تنبته الأرواح و النفوس و الجوارح من العلوم و الخواطر و الأعمال الغنم للروح و البقر للنفس و الإبل للجسم و إنما جعلنا الغنم للأرواح لأن اللّٰه جعل الكبش قيمة روح نبي مكرم فقال وَ فَدَيْنٰاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ فعظمه و جعله فداء ولد إبراهيم نبي ابن نبي فليس في الحيوان بهذا الاعتبار أرفع درجة من الغنم و هي ضحايا هذه الأمة أ لا تراها أيضا قد جعلت حق اللّٰه في الإبل و هو في كل خمس ذود شاة و جعلت مائة من الإبل فداء نفس ليس برسول و لا نبي فانظر أين مرتبة الغنم من مرتبة الإبل

[مرابض الغنم و معاطن الإبل]

ثم

إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أمرنا بالصلاة في مرابض الغنم و الصلاة قربة إلى اللّٰه و أماكنها مساجد اللّٰه فمرابض الغنم من مساجد اللّٰه فلها درجة القربة و الإبل ليست لها هذه المرتبة و إن كانت أعظم خلقا و لهذا جعلناها للأجسام أ لا ترى أنه من أسمائها البدنة و الجسم يسمى البدن و البدن من عالم الطبيعة و الطبيعة بينها و بين اللّٰه درجتان من العالم و هما النفس و العقل فهي في ثالث درجة من القربة فهي بعيدة عن القرب الإلهي

أ لا ترى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم نهى عن الصلاة في معاطن الإبل و علل ذلك بكونها شياطين و الشيطنة البعد يقال ركية شطون إذا كانت بعيدة القعر و الصلاة قرب من اللّٰه و البعد يناقض القرب فنهي عن الصلاة في معاطن الإبل لما فيها من البعد

[الجسم الطبيعي و الروح]

و كذلك الجسم الطبيعي أين هو من درجة القربة التي للروح و هو العقل فإنه الموجود الأول و هو المنفوخ منه في قوله وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فلهذا جعلنا الروح بمنزلة الكبش و الجسم بمنزلة الإبل

[البقر في مقابلة النفوس]

و أما كون البقر في مقابلة النفوس و هي دون الغنم في الرتبة و فوق الإبل كالنفس فوق الجسم و دون العقل الذي هو الروح الإلهي و ذلك أن بنى إسرائيل لما قتلوا نفسا و تدافعوا فيها أمرهم اللّٰه أن يذبحوا بقرة و يضربوا الميت ببعضها فيحيا بإذن اللّٰه فلما حيي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 564
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست