responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 548

و لهذا سماها اللّٰه صدقة أي هي أمر شديد على النفس تقول العرب رمح صدق أي صلب شديد قوي أي تجد النفس لإخراج هذا المال لله شدة و حرجا كما قال ثعلبة بن حاطب

(وصل مؤيد) [زكاة المنافقين]

قال تعالى في حق ثعلبة بن حاطب وَ مِنْهُمْ مَنْ عٰاهَدَ اللّٰهَ لَئِنْ آتٰانٰا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الصّٰالِحِينَ و ما أخبر اللّٰه تعالى عنه أنه قال إن شاء اللّٰه فلو قال إن شاء اللّٰه لفعل ثم قال تعالى في حقه فَلَمّٰا آتٰاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ و

ذلك أن اللّٰه لما فرض الزكاة جاء مصدق رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يطلب منه زكاة غنمه فقال هذه أخية الجزية و امتنع فأخبر اللّٰه فيه بما قال فَأَعْقَبَهُمْ نِفٰاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمٰا أَخْلَفُوا اللّٰهَ مٰا وَعَدُوهُ وَ بِمٰا كٰانُوا يَكْذِبُونَ

[امتنع رسول اللّٰه عن أن يقبل صدقة ثعلبة بن حاطب]

فلما بلغه ما أنزل اللّٰه فيه جاء بزكاته إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فامتنع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يأخذها منه و لم يقبل صدقته إلى أن مات صلى اللّٰه عليه و سلم و سبب امتناعه صلى اللّٰه عليه و سلم من قبول صدقته أن اللّٰه أخبر عنه أنه يلقاه منافقا و الصدقة إذا أخذها النبي منه صلى اللّٰه عليه و سلم طهره بها و زكاه و صلى عليه كما أمره اللّٰه و أخبر اللّٰه أن صلاته سكن للمتصدق يسكن إليها و هذه صفات كلها تناقض النفاق و ما يجده المنافق عند اللّٰه فلم يتمكن لهذه الشروط أن يأخذ منه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الصدقة لما جاءه بها بعد قوله ما قال و امتنع أيضا بعد موت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن أخذها منه أبو بكر و عمر لما جاء بها إليهما في زمان خلافتهما فلما ولي عثمان بن عفان الخلافة جاءه بها فأخذها منه متأولا أنها حق الأصناف الذين أوجب اللّٰه لهم هذا القدر في عين هذا المال

[ما انتقد على فعل عثمان بن عفان]

و هذا الفعل من عثمان من جملة ما انتقد عليه و ينبغي أن لا ينتقد على المجتهد حكم ما أداه إليه اجتهاده فإن الشرع قد قرر حكم المجتهد و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما نهى أحدا من أمرائه أن يأخذ من هذا الشخص صدقته و قد ورد الأمر الإلهي بإيتاء الزكاة

[حكم رسول اللّٰه قد يفارق حكم غيره]

و حكم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في مثل هذا قد يفارق حكم غيره فإنه قد يختص رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بأمور لا تكون لغيره لخصوص وصف إما تقتضيه النبوة مطلقا أو نبوته صلى اللّٰه عليه و سلم فإن اللّٰه يقول لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم في أخذ الصدقة تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا و ما قال يتطهرون و لا يتزكون بها فقد يكون هذا من خصوص وصفه و هو رءوف رحيم بأمته فلو لا ما علم أن أخذه يطهره و يزكيه بها و قد أخبره اللّٰه أن ثعلبة بن حاطب يلقاه منافقا فامتنع أدبا مع اللّٰه

[الاجتهاد سائغ و كل مجتهد مأجور]

فمن شاء وقف لوقوفه صلى اللّٰه عليه و سلم كأبي بكر و عمر و من شاء لم يقف كعثمان لأمر اللّٰه بها العام و ما لم يلزم غير النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن يطهر و يزكي مؤدي الزكاة بها و الخليفة فيها إنما هو وكيل من عينت له هذه الزكاة أعني الأصناف الذين يستحقونها إذ كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما نهى أحدا و لا أمره فيما توقف فيه و اجتنبه فساغ الاجتهاد و راعى كل مجتهد الدليل الذي أداه إليه اجتهاده فمن خطأ مجتهدا فما وفاه حقه و إن المخطئ و المصيب منهم واحد لا بعينه

(وصل) [الذين يكنزون الذهب و الفضة]

اعلم أن اللّٰه تعالى لما قال اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لاٰ يُنْفِقُونَهٰا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ كان ذلك قبل فرض الزكاة التي فرض اللّٰه على عباده في أموالهم فلما فرض اللّٰه الزكاة على عباده المؤمنين طهر اللّٰه بها أموالهم و زال بأدائها اسم البخل من مؤديها فإنه قال فيمن أنزلت الزكاة من أجله فَلَمّٰا آتٰاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ فوصفهم بعدم قبول حكم اللّٰه فأطلق عليهم صفة البخل لمنعهم ما أوجب اللّٰه عليهم في أموالهم ثم فسر العذاب الأليم بما هو الحال عليه فقال تعالى يَوْمَ يُحْمىٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوىٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ

[جزاء مانعى الزكاة]

و ذلك أن السائل إذا رآه صاحب المال مقبلا إليه انقبضت أسارير جبينه لعلمه أنه يسأله من ماله فتكوى جبهته فإن السائل يعرف ذلك في وجهه ثم إن المسئول يتغافل عن السائل و يعطيه جانبه كأنه ما عنده خبر منه فيكوي بها جنبه فإذا علم من السائل أنه يقصده و لا بد أعطاه ظهره و انصرف فأخبر اللّٰه أنه تكوى بها ظهورهم فهذا حكم مانعي الزكاة أعني زكاة الذهب و الفضة و أما زكاة الغنم و البقر و الإبل فأمر آخر

كما ورد في النص أنه يبطح لها بقاع قرقر فتنطحه بقرونها و تطأه بأظلافها و تعضه بأفواهها فلهذا خص الجباة و الجنوب و الظهور بالذكر في الكي و اللّٰه أعلم بما أراد

[شرع اللّٰه الزكاة طهارة للأموال]

فأنزل اللّٰه الزكاة كما قلنا طهارة للأموال و إنما اشتدت على الغافلين الجهلاء لكونهم اعتقدوا أن الذي عين لهؤلاء الأصناف ملك لهم و أن ذلك من أموالهم و ما علموا إن ذلك المعين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 548
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست