responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 545

صلاتك على إبراهيم و على آل إبراهيم فهذا يدلك على اختلاف الصلاة الإلهية لاختلاف أحوال المصلى عليهم و مقاماتهم عند اللّٰه

[فضل إبراهيم على محمد]

و يظهر من هذا الحديث فضل إبراهيم على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذ طلب أن يصلي عليه مثل الصلاة على إبراهيم فاعلم إن اللّٰه أمرنا بالصلاة على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يأمرنا بالصلاة على آله في القرآن و جاء الإعلام في تعليم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إيانا الصلاة عليه بزيادة الصلاة على الآل فما طلب صلى اللّٰه عليه و سلم الصلاة من اللّٰه عليه مثل صلاته على إبراهيم من حيث أعيانهما فإن العناية الإلهية برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أتم إذ قد خص بأمور لم يخص بها نبي قبله لا إبراهيم و لا غيره و ذلك من صلاته تعالى عليه فكيف يطلب الصلاة من اللّٰه عليه مثل صلاته على إبراهيم من حيث عينه و إنما المراد من ذلك ما أبينه إن شاء اللّٰه

[آل محمد النبوة الدائمة النبوة المنقطعة]

و ذلك أن الصلاة على الشخص قد تصلي عليه من حيث عينه و من حيث ما يضاف إليه غيره فكان الصلاة من حيث ما يضاف إليه غيره هي الصلاة من حيث المجموع إذ للمجموع حكم ليس للواحد إذا انفرد و اعلم أن آل الرجل في لغة العرب هم خاصته الأقربون إليه و خاصة الأنبياء و آلهم هم الصالحون العلماء بالله المؤمنون و قد علمنا إن إبراهيم كان من آله أنبياء و رسل لله و مرتبة النبوة و الرسالة قد ارتفعت في الشاهد في الدنيا فلا يكون بعد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في أمته نبي يشرع اللّٰه له خلاف شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و لا رسول و ما منع المرتبة و لا حجرها من حيث لا تشريع و لا سيما و

قد قال صلى اللّٰه عليه و سلم فيمن حفظ القرآن إن النبوة أدرجت بين جنبيه أو

كما قال صلى اللّٰه عليه و سلم و قال في المبشرات إنها جزء من أجزاء النبوة فوصف بعض أمته بأنهم قد حصل لهم المقام و إن لم يكونوا على شرع يخالف شرعه و قد علمنا بما

قال لنا صلى اللّٰه عليه و سلم إن عيسى عليه السلام ينزل فينا حكما مقسطا عدلا فيكسر الصليب و يقتل الخنزير و لا نشك قطعا أنه رسول اللّٰه و نبيه و هو ينزل فله عليه السلام مرتبة النبوة بلا شك عند اللّٰه و ما له مرتبة التشريع عند نزوله فعلمنا

بقوله صلى اللّٰه عليه و سلم إنه لا نبي بعدي و لا رسول و أن النبوة قد انقطعت و الرسالة إنما يريد بهما التشريع فلما كانت النبوة أشرف مرتبة و أكملها ينتهي إليها من اصطفاه اللّٰه من عباده علمنا إن التشريع في النبوة أمر عارض بكون عيسى عليه السلام ينزل فينا حكما من غير تشريع و هو نبي بلا شك فخفيت مرتبة النبوة في الخلق بانقطاع التشريع و معلوم أن آل إبراهيم من النبيين و الرسل الذين كانوا بعده مثل إسحاق و يعقوب و يوسف و من انتسل منهم من الأنبياء و الرسل بالشرائع الظاهرة الدالة على إن لهم مرتبة النبوة عند اللّٰه أراد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يلحق أمته و هم آله العلماء الصالحون منهم بمرتبة النبوة عند اللّٰه و إن لم يشرعوا و لكن أبقى لهم من شرعه ضربا من التشريع

فقال قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد أي صل عليه من حيث ما له آل كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم أي من حيث إنك أعطيت آل إبراهيم النبوة تشريفا لإبراهيم فظهرت نبوتهم بالتشريع و قد قضيت إن لا شرع بعدي فصل علي و على آلي بأن تجعل لهم مرتبة النبوة عندك و إن لم يشرعوا فكان من كمال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إن ألحق آله بالأنبياء في المرتبة و زاد على إبراهيم بأن شرعه لا ينسخ و بعض شرع إبراهيم و من بعده نسخت الشرائع بعضها بعضا و ما علمنا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الصلاة عليه على هذه الصورة إلا بوحي من اللّٰه و بما أراه اللّٰه و أن الدعوة في ذلك مجابة فقطعنا أن في هذه الأمة من لحقت درجته درجة الأنبياء في النبوة عند اللّٰه لا في التشريع و لهذا بين رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و أكد بقوله فلا رسول بعدي و لا نبي فأكد بالرسالة من أجل التشريع فأكرم اللّٰه رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم بأن جعل آله شهداء على أمم الأنبياء كما جعل الأنبياء شهداء على أممهم ثم إنه خص هذه الأمة أعني علماءها بأن شرع لهم الاجتهاد في الأحكام و قرر حكم ما أداه إليه اجتهادهم و تعبدهم به و تعبد من قلدهم به كما كان حكم الشرائع للأنبياء و مقلديهم و لم يكن مثل هذا لأمة نبي ما لم يكن نبي بوحي منزل فجعل اللّٰه وحي علماء هذه الأمة في اجتهادهم كما قال لنبيه صلى اللّٰه عليه و سلم لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ فالمجتهد ما حكم إلا بما أراه اللّٰه في اجتهاده فهذه نفحات من نفحات التشريع ما هو عين التشريع فلآل محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هم المؤمنون من أمته العلماء مرتبة النبوة عند اللّٰه تظهر في الآخرة و ما لها حكم في الدنيا إلا هذا القدر من الاجتهاد المشروع لهم فلم يجتهدوا في الدين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 545
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست