responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 544

أن يسبح اللّٰه ثلاثة فما زاد في ركوعه بما أمر به و في سجوده ثلاثة فما زاد بما أمر به و ذلك أدناه و أمره محمول على الوجوب و لهذا رأى بعض العلماء و هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه أن ذلك واجب و أنه من لم يسبح ثلاث مرات في ركوعه و سجوده لم تجز صلاته

[الاستعانة على الذكر و الشكر بالصلاة و الصبر]

و

قال اللّٰه تعالى استعينوا على ذكري و شكري بالصبر و الصلاة فلو لا ما علم الحق أن الصلاة معينة للعبد لما أمره بها فأنزلها منزلة نفسه فإن اللّٰه قال للعبد قل وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ يعني في عبادتك فجعل للعبد أن يستعين بربه و أمره أن يستعين في ذكره و شكره بالصلاة فأنزل الصلاة منزلة نفسه و في معونة العبد على ذكره و شكره

[من دخل في الصلاة فقد التبس بالحق]

و ناهيك يا ولي اللّٰه من حالة و صفة و حركات و فعل أنزله الحق في أعظم الأشياء و هو ذكر اللّٰه منزلة نفسه فكأنه من دخل في الصلاة فقد التبس بالحق و الحق هو النور و لهذا قال الصلاة نور فأنزلها منزلة نفسه

قال صلى اللّٰه عليه و سلم و جعلت قرة عيني في الصلاة و قرة عيني ما تسر به عند الرؤية و المشاهدة فالمصلي متلبس في صلاته بالحق مشاهد له مناج فجمعت الصلاة بين هذه الثلاثة الأحوال و كذلك قوله في هذه الآية وَ اشْكُرُوا لِي يقال شكرته و شكرت له فشكرته نص في أنه المشكور عينه و قوله و شكرت له فيه وجهان الوجه الواحد أن يكون مثل شكرته و الوجه الثاني أن يكون الشكر من أجله فإذا كان الشكر من أجله يقول له سبحانه اشكر من أولاك نعمة من عبادي من أجلي ليكون شكره للسبب عين شكره لله فإنه شكره عن أمره و جعل المنعم هنا نائبا عن ربه و طاعة النائب طاعة من استخلفه مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ فلهذا قال سبحانه وَ اشْكُرُوا لِي و لم يقل و اشكروني ليعم الحالتين و قال في الوجهين اِسْتَعِينُوا في ذلك بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاٰةِ كما أمر بالمعونة فيما يوجب الشكر و هو الإحسان بالإنعام فقال وَ تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ و هو الإحسان بالإنعام وَ التَّقْوىٰ أي اجعلوا ذلك وقاية و هي مناسبة للصلاة فإن الصلاة وقاية عن الفحشاء و المنكر ما دام العبد متلبسا بها فإن اللّٰه سمي نفسه بالواقي و الصلاة واقية و العبد متلبس بصلاته و هي وقاية مما ذكرناه و اللّٰه هو الواقي فانظر ما أشرف حال الصلاة لمن نظر و استبصر فالسعيد من ثابر عليها و حافظ و داوم و من شرفها أن اللّٰه ما علق الوعيد إلا بمن سها عنها لا فيها فقال فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاٰتِهِمْ سٰاهُونَ و لم يقل في صلاتهم فإن العبد في صلاته بين مناج و مشاهد فقد يسهو عن مناجاته لاستغراقه في مشاهدته و قد يسهو عن مشاهدته لاستغراقه في مناجاته مما يناجيه به من كلامه

[الشك في الصلاة و جبره بسجدتي السهو]

و لما كان كلامه سبحانه مخبرا عما يجب له من صفات التنزيه و الثناء و مخبرا عما يتعلق بالأكوان من أحكام و قصص و حكايات و وعد و وعيد جال الخاطر في الأكوان لدلالة الكلام عليها و هو مأمور بالتدبر في التلاوة فربما استرسل في ذلك الكون لمشاهدته إياه فيه فيخرج من كون ذلك الكون مذكورا في القرآن إلى عينه خاصة لا من كونه مذكورا لله على الحد الذي أخبر به عنه فيسمى مثل هذا إذا أثر شكا له في صلاته فلا يدري ما مضى من صلاته فشرع إن يسجد سجدتي سهو يرغم بهما الشيطان و يجبر بهما النقصان و يشفع بهما الرجحان فتتضاعف صلاته فيتضاعف الأجر و ذلك في النفل و الفرض سواء و ما توعد اللّٰه بمكروه من سها في صلاته فمن تنبه لما ذكرناه و أومأنا إليه يعلم فضل اللّٰه و رحمته بعباده و الناس عن مثل هذا غافلون فلا يعرف شرف العبادات إلا عباد اللّٰه الذين ليس للشيطان عليهم سلطان و لا برهان جعلنا اللّٰه و إياكم ممن صبر و صلى و سبق و ما صلى بمنه و يمنه

(وصل في اختلاف الصلاة)

[اختلاف الصلاة باختلاف أحوال المصلي]

و الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في الصلاة يختلف حكمها باختلاف أحوال المصلي إذا كان المصلي مخلوقا و المصلي له و تختلف باختلاف المصلى عليه إذا كان المصلي هو اللّٰه تعالى فأما الأول فمعلوم إن الإنسان محل التغيير و اختلاف الأحوال عليه فتختلف صلاته لاختلاف أحواله و قد تقدم من اختلاف أحوال المصلين ما قد ذكرناه في هذا الباب مثل صلاة المريض و صلاة الخائف و أن اختلافها باختلاف حال المصلي من أجله مثل صلاة الكسوف و صلاة الاستسقاء

[اختلاف الصلاة باختلاف المصلى عليه]

و أما اختلافها باختلاف المصلى عليه فمثل صلاة الحق على عباده قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ

فسأل المؤمنون رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن كيفية الصلاة التي أمرهم اللّٰه أن يصلوها عليه فقال لهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قولوا اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم أي مثل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست